منذ بداية الحرب في تعز، برزت عدة أسماء قيادية، عسكرية وقبلية، قادت «مقاومة تعز» ضد «أنصار الله» في جبهات القتال التي لا تزال مشتعلة حتى اليوم. لكن، وفي خلال الأعوام المنصرمة، شهدت تعز الكثير من المتغيرات على صعيد خارطة القيادات البارزة في «المقاومة» داخل المدينة. ومما لا شك فيه أن «التحالف العربي» بقيادة السعودية والإمارات، كان له الدور الأكبر في إعادة رسم خارطة قيادات «مقاومة تعز»، وقد ظهر ذلك جلياً عندما أصر «التحالف العربي»، وخصوصاً الإمارات، على خروج قائد «المقاومة الشعبية» حمود سعيد المخلافي، من تعز، حيث كان المخلافي الإسم الأبرز في قيادة «المقاومة»، قبل أن يقوم «التحالف العربي» بإقصاء الرجل من القيادة، وتغييبه عن المشهد، كطريقة منهجية سعى من خلالها إلى تقليص دور «الإخوان المسلمين» في «المقاومة»، خصوصاً بعد تسليم السعودية الدور للإمارات.
وفي تعز، الجميع يتذكر اسم العميد صادق سرحان، الذي كان يعتبر الرجل الثاني في «المقاومة»، بعد المخلافي، وكميات الأسلحة المهولة التي قام «التحالف العربي» بإلقائها من الجو لهذه التشكيلات، حيث كانت أغلب تلك الأسلحة تصل إلى العميد يوسف الشراجي، الذي شغل قائد جبهات الضباب، واختفى من المشهد بشكل واضح منذ فترة، ومثله تماماً العميد سرحان، الذي تم تعيينه قائداً للواء «22 ميكا»، ولكن اسم سرحان بدأ بالخروج من دائرة الضوء تدريجياً، وفي نفس الوقت بدأت أسماء كانت في مراكز متأخرة في قيادة «المقاومة» بالبروز، وأهم هذه الأسماء عادل عبده فارع، الشهير بـ«أبو العباس»، وكذلك عارف جامل، حيث تصدر هذان الاسمان المشهدين السياسي والعسكري في تعز، لدرجة جعلت جميع المتابعين يؤكدون أن جامل و«أبو العباس» هما الواجهة التي اختارتها الإمارات العربية المتحدة، ودفعت بهما إلى قمة الهرم القيادي في تعز. 
ولكن السؤال المطروح الآن، هو: هل سيعيد «التحالف العربي» رسم خارطة قيادة تعز مرة أخرى، وخصوصاً في المرحلة الراهنة التي شهدت تقارباً غير مسبوق بين قيادة «التحالف العربي» وقيادات بارزة في «التجمع اليمني للاصلاح» (الاخوان المسلمين)؟ 

تظهر الإجابة على السؤال من خلال تعيين محافظ جديد لتعز. الناشط السياسي، محمد المفلحي، اعتبر في حديث إلى «العربي»، أن «القرار غير موفق لمحافظ تعز»، مبدياً اعتقاده بأن «أول قرار سيتخذه المحافظ الجديد الموافقة الفورية بتشكيل حزام أمني للمدينة تلبية لرغبة إقليمية إماراتية فاشية». وأكد أن «نفوذ عارف جامل سيتعاظم بعد تعيين المحافظ الجديد لأسباب اجتماعية، وهذا مؤشر يؤكد أن حضور الدولة والسلطة المحلية في تعز سيتضاءل». 
ويذهب مصدر حكومي مقرب من الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلى القول، في تصريح لـ«العربي»، بأن «تقارب التحالف العربي مع حزب الإصلاح في هذه المرحلة مهم جداً، وسيعيد ترتيب وضع المحافظة التي خضعت لمزاجية النخبة السياسية واستغلالاً من أحد أطراف التحالف العربي»، مؤكداً أن «معركة تعز مهمة لكسر مليشيات الحوثي، ولذلك لا بد من ترتيب الوضع الداخلي أولاً في مدينة تعز». 
في حين يرجح مراقبون أن حادثة محاولة الاغتيال التي تعرض لها جامل مؤخراً، والتي اتهم فيها أفراد من «اللواء 22 ميكا»، الذي يقوده العميد صادق سرحان، هي الخطوة التمهيدية لرسم خارطة قيادية جديدة داخل تعز. وحسب المؤشرات على الأرض، يرجح آخرون أن الخارطة السياسية في تعز مهددة بخيار جديد، يصفه بعض أبنائها بـ«الخيار المصطنع وغير الطبيعي»، وهو يلاحظ من قبل الأطراف الاقليمية التي تحاول صناعة شخصيات وزعامات لأغراض محددة. وحسب مصادر لـ«العربي»، فإن «عارف جامل لديه سلاح وقوة في الواقع، وطبيعي جداً أن يختلف مع أبو العباس، أو مع صادق سرحان، لأن الخلاف في تعز هو خلاف مصالح»، وتشير المصادر إلى أن «هذه الخلافات كانت عائقاً أمام الناس وأمام التحرير… كما أنها أفقدت الشارع التعزي الثقة بهذه القيادات». وترى المصادر أن «التحالفات الجديدة التي برزت خلال الأيام القليلة الماضية، بين قيادات التحالف العربي وحزب الإصلاح، لن تحدث أي حراك أو تغيير في خارطة قيادات تعز، بقدر ما أكدت أن تحرير تعز بات مستحيلاً، وإن حدث فلن يكون إلا عبر قيادات موالية للتحالف العربي، والإمارات على وجه الخصوص».
كما يرى متابعون أن بروز القيادة الجديدة في «مقاومة تعز»، عوضاً عن القيادات الأخرى الرئيسية التي قادت المعارك منذ اندلاع الحرب في 2015، كانت دراماتيكية، حسب حديث الباحث السياسي محمد الصلوي، إلى «العربي»، والذي يرى أن «كل قائد كان له فترته: الشيخ حمود المخلافي ويوسف السراجي، ومن تبقوا هم الذين مشوا مع الموجة ومع سياسة التحالف، فالتحالف العربي كان يبحث عن أطراف موالية له بشكل كبير، ربما كان الشيخ حمود يفتقدها، ويفتقدها الشراجي، فاضطر التحالف أن يأتي بقيادات أخرى موالية له».
ويتساءل مراقبون عن استمرار هذه الزعامات المحلية في أماكنها، لا سيما بعد التقارب الأخير بين «التحالف العربي» و«الإصلاح». ويعلق الصلوي على الموضوع بالقول إنه «سيكون هناك قيادات جديدة، لكن ليست السابقة، بل ستبرز قيادات خلال المرحلة القادمة إذا كان التحالف صادقاً في تحالفه مع الإصلاح، لكن إذا لم يكن هناك مصداقية ستبقى هذه القيادات ولم يستطع أحد تجاوزها لأنها أصبحت تمتلك السلاح والمال، ومن يمتلك المال والسلاح في تعز ويمتلك علاقات مع التحالف هو من سيبقى داخل تعز». 
وحول ما إذا كان لدى «التحالف» أولوية لحسم المعركة في تعز، خصوصاً بعد مؤشر معركة بيحان في شبوة، يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد الحميري، لـ«العربي»، إن «التحالف ليس لديه نية صادقة لحسم المعركة في البلاد، فالتحالف بائس ويفتقد للمشروعية والاستراتيجية، والكوادر الحقيقية، الخلاف الإصلاحي المؤتمري، والخلاف الإصلاحي الناصري والسلفي، موجود وسيستمر لأن طرفاً لديه مشروع خاص بعيداً عن مشروع الدولة».
أما الصحافي ياسين التميمي، فيؤكد في حديثه إلى «العربي» أنه «من السابق لأوانه الحديث عن تقارب إماراتي مع الإصلاح، هناك انفتاح حذر، وإملاءات فقط»، مضيفاً أن «اللقاء يأتي في سياق الإضطرار إلى استخدام الأوراق غير المرغوبة، فالإمارات لم تغير موقفها بعد من الإصلاح الذي تعتبره جزءاً من (الإخوان المسلمين)». ويلفت التميمي إلى أن «الانفتاح على الإصلاح هو توجه سعودي وأملته ضرورات سعودية في الميدان، وبالأخص في تعز وعدن، فأجندة الإمارات، وهي الطرف المهيمن، لم تتغير، بل إنها ترغب في تحجيم دور الإصلاح في تعز وفي غير تعز». ويعتبر أن «الإمارات تعتمد على خصوم الإصلاح في إتمام المعركة وفي إنجاز الترتيبات السياسية فيما بعد المعركة».