في ظل الحرب التي يعاني منها اليمنيون منذ نحو ثلاثة أعوام، بات الكثير منهم داخل اليمن وخارجها يتحين الفرص لوجود مساحات للفرح لعلها تخفف من المصائب التي ألمت.
وفي كل مناسبة أو بطولة كروية تشارك بها المنتخبات اليمنية لكرة القدم، بمختلف فئاتها، يحلُم الكثير من اليمنيين، بمن فيهم غير المهتمين بالرياضة بأن يحقق منتخب بلادهم الفوز أو أي إنجاز يبهجهم، ولكن ذلك لا يتحقق في أغلب الأحيان، وإن وجد اليمنيون طعم الفرح عند تسجيل هدف هنا أو هناك.
ومع انطلاقة بطولة «كأس الخليج العربي» بنسختها الـ 23 للعام 2017، والتي تقام في دولة الكويت، يعلق الكثير من اليمنيين الآمال على إحراز منتخبهم الفوز الذي يعتقدون إنه سيعيد الاعتبار للرياضة اليمنية المتعثرة منذ حق ماضية.
إثبات وجود
عيسى السلال، شاب يمني ولد وترعرع في دولة الكويت. عندما علم عيسى أن دولة الكويت ستستضيف بطولة «كأس الخليج» في نسختها الـ23 وأن منتخب اليمن سيشارك في البطولة، قرر أن يحتفل بهذه المناسبة على طريقته الخاصة. يقول عيسى لـ«العربي»: «دعيت أصدقاء لي من الكويت وآخرين مقيمين فيها من مصر والمغرب لتناول طعام الغداء، وتعمدت أن يتضمن الغداء أكلات يمنية، وانتهزت الفرصة أن أعرف أصدقائي بإيجاز شديد عن اليمن أرضاً وإنساناً، ووجهت لهم دعوة لحضور مباريات المنتخب اليمني الذي أتمنى أن يفوز في هذه البطولة».
وقبل انطلاق البطولة بيومين، توافد مئات اليمنيين المغتربين في دول الخليج إلى دولة الكويت لتشجيع ومؤازرة المنتخب اليمني في البطولة. يقول الصحافي الرياضي بشير سنان، معلقاً على ذلك: «جيش من المرافقين والأسر العائلية في الكويت مع اتحاد الكرة»، في إشارة منه إلى زيادة عدد المشجعين للمنتخب اليمني في المباريات التي سيلعبها.
ويشارك المنتخب الوطني اليمني الأول لكرة القدم في بطولة «كأس الخليج العربي»، للمرة الثامنة في تاريخ البطولة، رغم أنه لم يحقق فيها أي فوز له منذ مشاركته الأولى بها في العام 2004 عندما أقيمت بنسختها 16 في الكويت.
رياضيون يمنيون يقولون إن مباريات كرة القدم لا تعترف بالعواطف، بل بحسابات الربح والخسارة الناتجة عن تكامل الامكانات المادية والمعنوية الخاضعة لمعايير رياضية دقيقة.
وفي هذا السياق، يتحدث إلى «العربي» الصحافي الرياضي لبيب المعمري، عن أنه «لا مجال في أن تتحكم السياسة والعواطف بقواعد وأصول كرة القدم المتعارف عليها، ومع ذلك فإن الأمر لا يخلو من تأثير العامل النفسي للاعبين عندما تؤازرهم الجماهير المشجعة وهم على أرض ملعب المباراة».
ويعتبر المعمري أن «المنتخب الوطني اليمني اليوم هو أمام تحد حقيقي لتغيير الصورة النمطية السلبية التي كانت تظهر في أدائه خلال مشاركتة بالدورات السابقة لكأس الخليج».
موسم «غير»
وخلال خوضه 24 مباراة في مشاركاته السبع السابقة، بما فيها الدورة التي أقيمت على أرضه، والتي عرفت بخليجي 20، لم يحقق المنتخب اليمني أي فوز، وكانت أفضل نتائجه هي التعادل في 5 مباريات، إلى جانب خسارة 19 لقاء، وما زال إلى اليوم في مرحلة البحث عن الفوز، لكن هذه الدورة برزت فيها توقعات تسودها مشاعر التفاؤل بتحقيقه نتائج أكثير إيجابية عن ما مضى.
وفي هذا الإطار، يقول أمين عام الإتحاد اليمني لكرة القدم، الدكتور عبد الكريم الشيباني، إنه «متفائل جداً بهذا المنتخب وبتقديمه نتائج مشرفة تكون مغايرة عن ما قدمه في المواسم السابقة، وإنه إن شاء الله سوف يحقق (المنتخب الوطني) نقطتين أو ثلاث، وسيكسر حاجز النقطة اليتيمة».
وفي حديثه إلى «العربي»، يرى الشيباني، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس لجنة المسابقات في الاتحاد الخليجي لكرة القدم، أن هناك «مؤشرات تدلل على أن المنتخب الوطني اليمني قد تغير للأفضل، وهو اليوم أصبح أكثر نضجاً لعدة أسباب، منها: أن المنتخب يلعب الملحق الآسيوي، وقدم مستويات طيبة جعلته قادراً على أن ينافس على التأهل إلى نهائيات كأس آسيا في دولة الإمارات، كذا انسجامه مع المجموعة التي يلعب بها، إضافة إلى خضوع أعضاء المنتخب لمعسكر تدريبي طويل في القاهرة جعل المنتخب قادراً على مقارعة كبار الخليج في العرس الخليجي، وأصبح المنتخب اليوم يحمل ثقافة الفوز، ومن أجل ذلك تتعزز الثقة بهم لكي يفرحوا الشعب اليمني المغلوب؛ والذي هو على أمل في أن يحقق منتخب بلاده الانتصارات التاريخية للكرة اليمنية».
ويتوقع مستشار وزارة الشباب والرياضة، الكابتن عبد الله مهيم، بدوره، أن «يحقق المنتخب نتائج إيجابية تكون أفضل من كل ما سبق».
ويقول مهيم متحدثاً إلى «العربي» إن «بطولة خليجي 23 جاءت مفاجأة بعد رفع الحظر عن الكويت من قبل الفيفا، لكن المنتخب اليمني كان على استعداد جيد في أي وقت».
ندّية وإثارة
ويؤيد الكابتن رحيم عودة، عضو الاتحاد العراقي للصحافة الرياضية، ما قاله كل من الشيباني ومهيم؛ ويقول عودة لـ«العربي»: «لا يختلف اثنان على أن المنتخب اليمني يعد أحد الفرق التي طورت من ذاتها في الآونة الأخيرة من حيث المستوى والأداء على الصعيد العربي، إلا أنه وبالرغم من ذلك ظل بعيداً عن المنافسة على الألقاب. وأعتقد شخصياً أن لاعبي منتخب اليمن لن يكونوا صيداً سهلة لفرق المجموعة بقدر ما سيكون الفريق الحصان الأسود في البطولة الـ23 لكأس الخليج، لما يمتلكه من مجموعة جيدة من اللاعبين، والتي ضمت بين صفوفها عدداً من لاعبي الخبرة، فضلاً عن اللاعبين الشباب الذين قدموا إمكانيات عالية في الدوري اليمني، وربما يتفق الكثيرون معنا على أن مباريات كأس الخليج التي ينظر إليها البعض وكأنها كأس عالم مصغرة سوف تتسم مبارياتها بالندية والإثارة، وإن شاء الله ستكون لمنتخب اليمن كلمة في خليجي 23 رغم صعوبة المهمة، إلا أن ثقتنا عالية بهمة اللاعبين الذين يتوجب عليهم تقديم العرض المشرف، وكل ما لديهم من إمكانيات من أجل تحقيق آمال وتطلعات الشارع الرياضي اليمني».
ويستهل المنتخب اليمني مسيرته في البطولة هذه الدورة بمواجهة نظيره القطري، حامل اللقب، غداً السبت، ثم يلتقي نظيريه البحريني والعراقي في 26 و29 كانون أول / ديسمبر الحالي على الترتيب.
وكانت تقارير صحفية ذكرت أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أدرج مباريات «كأس الخليج 23» التي انطلقت اليوم في الكويتي، ضمن أجندته الدولية. وإدراج بطولة الخليج في الأجندة الدولية للفيفا سيكون له تأثير على ترتيب المنتخبات المشاركة في التصنيف الشهرى. وتأتي هذه الخطوة من الفيفا بعد مرور47 عاماً على انطلاقة بطولة «كأس الخليج».
وتشارك 8 منتخبات في البطولة التي ستنطلق الجمعة، وهي: الكويت والإمارات والسعودية وعمان في المجموعة الأولى، وقطر والعراق واليمن والبحرين في المجموعة الثانية.