ميليباند: فليقرن ترامب أقوالَه عن اليمن بالأفعال، إنْ كان صادقاً
متابعات| العربي:
أطلق وزير الخارجية البريطاني السابق، ديفيد ميليباند، سلسلة مواقف بشأن الحرب في اليمن، معتبراً أن الوقت ينفذ أمام فرص التوصل لحل للأزمة هناك. وأشار المسؤول البريطاني السابق، إلى الوضع المتردي في ذلك البلد، موضحاً أنه بات يعبّر بحق عن ماهية «اللانظام العالمي الجديد»، بخصاص رئيسية تتمثل بـ«انقسام (بلدان) الشرق الأوسط على نحو متزايد»، بالتوازي مع «انكفاء الديبلوماسية الغربية»، و«تقويض، وإضعاف مكانة القانون الدولي».
وفي مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، توقف ميليباند، الذي يشغل حالياً منصب الرئيس والمدير التنفيذي لـ«لجنة الإنقاذ الدولية»، عند أبرز تجليات الأزمة الإنسانية في اليمن، مع وجود ما يزيد على 22 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، ووقوف نحو 8.4 مليون شخص على حافة المجاعة، مشيراً إلى أن الشعب اليمني يدفع «ثمناً رهيباً» للمواجهة الإقليمية القائمة بين المملكة العربية السعودية، وإيران.
كذلك، أشار ميليباند، إلى أن الديبلوماسية (الدولية) تواجه تحدي الخروج من «الحلقة المفرغة» في اليمن، مشيداً بالدعوة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية من أجل السماح بمواصلة تدفق المساعدات الإنسانية إلى اليمن، عادّاً إياها «خطوة أولية» وإن «غير كافية» لمعالجة الوضع الإنساني هناك، لا سيما وأن استجابة الرياض لنداء ترامب، لم تشمل تخفيف الحصار على المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة «أنصار الله».
ومع الإشارة إلى أن حصار «التحالف» الذي تتزعمه الرياض، يعرقل وصول الأدوية والمواد الإغاثية الضرورية الأخرى، ويمنع وصول الوقود إلى المستشفيات، ومنشآت معالجة المياه، ناشد ميليباند السلطات السعودية، وحثّها على القيام ببادرة حسنة عبر السماح بتركيب الرافعات الأربع في ميناء الحديدة، لافتاً إلى أن هناك 16 فريقاً طبياً ميدانياً تابعاً لمنظمة «لجنة الإغاثة الدولية» داخل اليمن، باتوا بالكاد قادرين على ممارسة مهامهم الإغاثية، بسبب ظروف الحصار، ومحذراً من احتمال نفاذ مخازن المنظمة، قبل استقدام كميات إضافية من المواد الإنسانية إليها، والذي يجري عادة كل شهرين. وأضاف ميليباند: «إن هذه الأطقم (الطبية)، هي إحدى الحلول الوحيدة الناجعة للأزمة الصحية الحالية (في اليمن)، بالنظر إلى عدم قدرة المرضى على الوصول إلى المستشفيات، والعيادات للأسباب عينها. إن الفرق الطبية التابعة لنا، ينفذ لديها الدواء والغذاء اللازم لعلاج حالات سوء التغذية، في بلد يعاني فيه 4.5 مليون من الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات من سوء التغذية الحاد، بينهم 462 ألف طفل دون سن الخامسة».
وفي سياق متصل، تطرق وزير الخارجية السابق، إلى الصعوبات التي يواجهها العمل الإغاثي داخل اليمن، جراء ظروف الحصار، موضحاً أن العاملين في المنظمات الإنسانية، يتعين عليهم العبور خلال أكثر من 70 نقطة تفتيش من أجل التنقل بين صنعاء وعدن، فيما يستغرق الأمر 90 يوماً من أجل الحصول على تصريح للاستيراد عبر ميناء الحديدة.
وزاد ميليباند، أن إخفاقات السياسة الحالية تجاه اليمن، لا تُعد سبباً للكارثة الإنسانية هناك فحسب، إنما تعد «خطأ استراتيجياً»، بحيث يواجه اليمنيون الموت، والمجاعة، والانقسامات فيما بينهم، في الوقت الذي تتلقى فيه المملكة السعودية «ضربات كبرى، في سمعتها وأموالها»، بينما تبدو كل من الولايات المتحدة، وبريطانيا «موسومتين» بمجريات الحرب في اليمن، كشريكين فيها. من جهة أخرى، يظهر الإيرانيون أنفسهم بصفتهم «المدافعين عن الشعب اليمني»، فيما يبدو فرع تنظيم «القاعدة» في اليمن «أقوى من أي وقت مضى»، وسط جو من الفوضى والاقتتال، الذي يشكل بيئة خصبة لانتعاش المجموعات المتطرفة كـ«القاعدة» و«داعش».
وشرح ميليباند، أنه «ما من طريق لإنهاء الحرب، بلا تكاليف»، حيث قد يصح القول، إن أي صيغة (حل) لا تشمل هزيمة، إذعان «أنصار الله»، سوف يتم تصويرها على أنها «انتصار لإيران»، إلا أن المضي قدماً بالخطط الحالية للحرب، سوف يترتب عنه أكلاف أعلى في الدماء، وفي السمعة الدولية (للرياض). من هنا، دعا ميليباند إلى الإسراع في اتخاذ ثلاث خطوات «أساسية» بشأن اليمن، أولاها يتمثل بالسماح بتدفق كافة أنواع السلع والبضائع إلى اليمن، عبر آلية التحقق والمراقبة الأممية، بشكل يكفل زيادة تدفق المساعدات الإنسانية لا عرقلتها. ثانيها، يتمثل عبر دعم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، سواء بشكل ثنائي أو أحادي، فيما يبقى العنصر الثالث من جملة تلك الخطوات، وهو العمل على دعم التوجه نحو «تسوية سياسية»، ويتمثل بتدشين مسار تفاوضي، تحت إشراف الأمم المتحدة، يكون بإشراك جميع الأفرقاء اليمنيين، ومن دون شروط مسبقة. وأضاف أن البديل عن التسوية هو «المزيد من الحرب»، مشدداً على ضرورة الاتعاظ من تجارب جنوب السودان وسوريا وليبيا، التي أثبتت أن «الفراغ الديبلوماسي» الناجم عن تلك الأزمات، أنعش وجود «لاعبين سيئين» على الساحة، ومنبهاً من أن غياب عنصر «تشارك السلطة بشكل مشروع وذي صدقية»، يؤدي إلى غياب السلام، وهو ما ينجم عنه كارثة إنسانية، وجولة أخرى من جولات انعدام الاستقرار.
ختاماً، أكد ميليباند، على أن الرئيس ترامب «قال حسناً»، حين ناشد الرياض السماح بضرورة السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن، إلا أنه «يتعين عليه أن يفعل الصواب» أيضاً في هذا الخصوص، وفق ما ذهب إليه الوزير البريطاني السابق.