حراك في صنعاء والقاهرة وأبوظبي… من يرث تركة «المؤتمر»؟
متابعات : العربي
أسبوعان مرا على مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، رئيس «المؤتمر الشعبي العام»، وحتى الآن لم يتم تعيين قيادة جديدة للحزب. الحزب الذي يجمع كثيرون على أنه انتهى بانتهاء رئيسه صالح، الذي استحوذ على القرار السياسي للتنظيم، فكان المتحكم بكل تفاصيله وبكل برامجه. ومن هذا المنطلق ربما وجد الحزب نفسه، بمجرد رحيل صالح، أمام ارتباك كبير، وفراغ شاسع. فقواعد الحزب تشتت، وتشتت أعضاؤه في أكثر من مربع، وصار أمر إعلان قيادة جديدة للحزب غاية في الصعوبة، ومحل تجاذب الأطراف المشتتة في الداخل والخارج.
مصادر سياسية في الرياض، قالت لـ«العربي» إن« مقتل صالح على يد الحوثيين في صنعاء شكل ضربة مؤلمة للمؤتمر الشعبي العام الذي كان يترأسه، رغم وجود كيان مماثل في الخارج برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي؛ إلا أن الوضع الآن أصبح أكثر تعقيداً لحزب المؤتمر الذي تتصارع عليه عدة أطراف في محاولة للسيطرة عليه»، ففي القاهرة ودبي هناك قيادات مؤتمرية، ممثلة بالأمين العام المساعد لـ«المؤتمر» ورئيس كتلته البرلمانية في مجلس النواب سلطان البركاني، وأحمد علي عبد الله صالح، تعد لانتخاب رئيس جديد من قبل اللجنة الدائمة التي تضم 1200 عضو، فيما تستعجل حركة «أنصار الله» في العاصمة صنعاء تولي قيادات موالية لها رئاسة الحزب، حيث التقت يحيى الراعي رئيس مجلس النواب، والأمين العام المساعد لـ«المؤتمر» صادق أمين أبو راس.
وأضافت المصادر: «كذلك الحال بالنسبة للعاصمة السعودية الرياض التي تشهد تحركات مماثلة لتعيين قيادات جديدة يكون ولاؤها للشرعية والرئيس هادي، ويتولى هذه المهمة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، والدكتور رشاد العليمي. وبين هذه التيارات الثلاثة يجد المؤتمر الشعبي العام نفسه في أخطر مراحله منذ نشأته في 24 أغسطس 1982، وفي مرحلة تشتت وتجاذب، ومهدد بخطر الانقسام».
وأمام محاولات سعي قيادة «المؤتمر» المتواجدة في أبوظبي، إلى تشكيل قيادة جديدة، يحاول فريق «الشرعية» في الرياض توجيه رسائل إلى هذا الطرف بشكل أو بآخر. رئيس حكومة هادي، أحمد عبيد بن دغر، دعا قيادات الحزب في الداخل والخارج إلى توحيد صفوفهم تحت قيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وقال في منشور له على صفحته في «فيسبوك» قبل أيام: «سيرتكب المؤتمريون خطأً كبيراً، إنْ قبلوا بتقسيم المؤتمر بعد أن وحدته انتفاضة الرئيس السابق علي عبد الله صالح».
وأضاف: «كل خطوة نحو تقسيم المؤتمر، هي خطوة أخرى نحو المجهول»، محذراً من «انهيار الحزب بسبب الجهل، والعواطف غير الرشيدة». اللجنة الدائمة للحزب تضم 1200 عضو
ودعا أحمد عبيد بن دغر، المؤتمريين «للسير على نهج إرادة الرئيس السابق وشهداء الحزب في مواجهة الحوثي»، معتبراً أن «المعركة مع الحوثيين وإيران، وأن من يراها مع هادي فقد جهل وأصابه العمى»، على حد قوله.
وبحسب مصادر سياسية، فإن فريق أبوظبي، والذي يبرز في واجهته نجل صالح: أحمد، يشعر الآن بأن الدفع بهذا الأخير إلى واجهة قيادة الحزب في الفترة الراهنة، خطوة لن تكون مقبولة لدى الوسط الشعبي والوسط السياسي تحديداً، فالكثير يقول إنها خطوة ستدفع بمشروع التوريث الذي خرج الناس وانتفضوا من أجله، وأن التعاطف مع أحمد علي بسبب مقتل والده «أمر غير مجد وينسف تاريخاً طويلاً من تضحيات الناس في الميادين بدءاً من 2011، وحتى الآن».
حتى دولة الامارات، بحسب مصادر، هي الأخرى تشعر بهذا المعطى وبهذا الاستنتاج، ولذا تحاول الآن ترتيب الأوراق أمام نجل صالح، وتسوية المشهد الراهن باتخاذها العديد من المواقف، وبالتنسيق مع قيادة «المؤتمر» الموجودة مع نجل صالح في أبوظبي.
لكن، حتى الآن، تظل كل محاولات تشكيل قيادة جديدة لـ«المؤتمر الشعبي» عملية غاية في الصعوبة؛ في حين يرى سياسيون ومراقبون أن الحزب يكاد يكون انتهى بعد صالح، وأن ما يتم حالياً من صراع بين الأطراف التي تتجاذب مستقبل «المؤتمر» وتتجاذب قيادته، ما هو إلا صراع عناوين فقط، في محاولة كسب موقف في فترة الحرب.
وعن هذا الموضوع، يرى الكاتب والصحافي اليمني، مصطفى راجح، في منشور له على صفحته في «فيسبوك»، أن «المؤتمر انتهى برحيل صالح. لن يكون قادراً على البقاء. هو لم يكن حزباً، وإنما غطاء سياسي لمنظومة صالح الفعالة. غياب (الناظم) لهذه المنظومة يفككها. لقد بنيت حوله ومن أجله كجماعات مصالح ونفوذ وسلطة ووجاهات محلية و… إلخ. ولن تكون قادرة على التماسك والبقاء. ربما تستمر كعناوين هنا وهناك مع بعض كتل المنظومة الممزقة والمتفرقة، ولكن انتظامها واستعادة فعاليتها غير ممكن. لا سلطة قادرة على ذلك ولا حتى الفاعلين في الداخل والإقليم قادرين على منحها هذا الإسناد، فغاية هدفهم منها هو الاستخدام المؤقت للعنوان بين ضفتي الحرب».
ويضيف راجح: «أحمد علي هو ورقة مستخدمة ضمن أوراق عديدة تمسك بها الإمارات وترتبها لهدف آخر يخصها، ولا علاقة له بأي أوهام ربما تداعب المهرولين للانتظام من حوله، لاستعادة فعالية المنظومة المفككة وإعادة بنائها من مركز جديد خارج صنعاء التي أعيد ترتيبها وفق منظومة الحوثيين وسلطتهم الكاملة في هذه الساحة التي ولد فيها المؤتمر وحكم ووصل إلى أقصى مداه يوماً ما».
وما بين هذا وذاك، ما تزال كل المحاولات لتشكيل قيادة جديدة، محل تعثر، ولا يمتلك أي طرف من الأطراف الثلاثة الأوراق الضامنة والكاملة لإنجاح هذه العملية. وربما السبب يعود إلى سياسة صالح التي اتبعها في بقاء واستمرار الحزب، ووفق خطته والسيناريو الخاص به لا الخاص بالحزب، وبـ«المؤتمر» كمؤسسة حزبية لها برنامجها الواضح ولائحة داخلية تحدد هكذا أمور.