أشار موقع «ميدل إيست آي» إلى العملية العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن، وما ترتب عنها من «بؤس جماعي» يعتري أوساط اليمنيين، مبيناً أن تحالف «عاصفة الحزم» التي أطلقتها الرياض في العام 2015، «يظهر علامات تفكك وانهيار».
وفي مقال حمل عنوان: «العملية (أطلق النار على قدميك)»، لاحظ ديفيد هيرست بروز انقسامات بين قوات «التحالف»، وبين القوى اليمنية التي تدعمها على الأرض في مواجهة «الحوثيين»، بشكل «قد يهدد مستقبل التحالف» في اليمن. «فهناك حالة من التمرد (ضد التحالف)، تعتمل في صفوف اليمنيين، ممن هللوا قبل زهاء عامين ونصف، بالاندفاعة السعودية ضد الحوثيين». تحديداً، وفي موضوع علاقة «التحالف» مع حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، المحسوب على «الإخوان المسلمين»، وهو الحزب الذي يشارك في حملة «التحالف»، فقد كانت العلاقة «مرتبكة»، و«وتعج بالتناقضات»، إذ عملت أبو ظبي على استخدام القوات السودانية لإحكام الحصار على تعز، معقل «الإصلاح»، غرباً، وجنوباً، من جهة، فيما تستقبل الرياض قيادات من «الإصلاح»، من جهة أخرى. ومع ذلك، «بدأ العديد من أعضاء من «الإصلاح»، وقياداته يشعرون بالثمن الباهظ لدعم «التحالف»، لا سيما وأن شعبية «التحالف السعودي في أوساط اليمنيين، ممن أيدوه قبل عامين، قد بلغت أدنى مستوياتها»، حيث تظهر قيادة حزب «التجمع اليمني للإصلاح» «تحرراً» في التصرف على الساحة السياسية، ومؤشرات على عملها «وفق أجندتها الخاصة»، لأسباب تعود إلى «تحول التحالف في عيون الشعب اليمني من محرر إلى محتل»، وإلى تعرض عدد من الأكاديميين، ورجال الدين المنتمين إلى «الإصلاح»، ممن رفضوا الإنضواء تحت قيادة الإمارات، إلى «القتل ومحاولات الاغتيال».

وبحسب ما أفاد به مسؤول رفيع في حزب «التجمع اليمني للإصلاح» لـ «ميدل إيست آي»، فقد ضاق الحزب ذرعاً (مما يقوم به التحالف)، كاشفاً عن توجه قيادة الحزب إلى دراسة «البدء بمحادثات مباشرة مع الحوثيين»، في ضوء امتلاك الحزب قوة عسكرية قوامها 20 ألف مقاتل، تؤهله «للتفاوض من منطلق القوة» مع الجماعة، لا سيما وأنه «قد يكون للحوثيين بدورهم، أسبابهم الخاصة للبدء بمحادثات»، في إشارة إلى التوترات التي شابت علاقة الجماعة بحزب الرئيس صالح في الآونة الأخيرة. وأضاف المصدر: «إن الإماراتيين لا يخفون عداءهم لحزب الإصلاح، إذ يصار إلى اغتيال أكاديميين، وشيوخ منتمين إلى حزب الإصلاح، بالتنسيق مع ميليشيات مدعومة إماراتياً». إضافة إلى ذلك، «تقوم الإمارات العربية المتحدة بشكل واضح بإحكام حصارها على تعز، وتمنع وصول الدعم إلى مقاتلينا في المدينة». وشرح المصدر «تضحيات حزب الإصلاح، حتى يكون في عداد التحالف، دون أن يحصل على مكافأة نظير ذلك»، متحدثاً عن «تآمر» أحد أعضاء «التحالف» ضد الحزب، موجهاً أصابع الاتهام إلى أبو ظبي، مضيفاً أن قياديي حزب الإصلاح قد بدأوا بالفعل في اتخاذ قراراتهم بأنفسهم، وهم يعملون على تعزيز وجودهم في مأرب، والجوف، بمعزل عن قرارات قيادة «التحالف».
إلى ذلك، تحدث هيرست عن محاولات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تدارك حالة التفكك التي تعتري «التحالف» الذي تقوده الرياض في اليمن، إثر لقائه الأخير مع رئيس حزب «التجمع اليمني للإصلاح» في العاصمة السعودية، متوقفاً عند ما أثارته سياسة الأمير السعودي في اليمن من موجة من «التعليقات الساخرة»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي كونه يبدي تأييده لفرع «الإخوان المسلمين» في اليمن، فيما يصنف التنظيم في أماكن أخرى كـ «جماعة إرهابية».
أما عن السماح لعلي محسن الأحمر، نائب الرئيس اليمني، والمقرب من «التيارات الإسلامية» التي برزت في اليمن إبان أحداث «الربيع العربي»، بالعودة إلى خطوط المواجهة على مشارف العاصمة اليمنية، صنعاء، خلافاً لرغبة أبو ظبي، فقد أوضح الكاتب أن تلك التحركات من جانب الرياض تعد «متأخرة»، و«لا ترقى إلى المطلوب»، من منظور الكثير من قيادات «الإصلاح».
وفي سياق متصل، نقل «ميدل إيست آي» عن مصدر مقرب من الرئيس عبد ريه منصور هادي، وصفه لظروف إقامة الأخير في الرياض بـ «المريحة»، موضحاً أن هادي «ليس حراً، كونه من الناحية العملية، محتجزاً في قفص من ذهب، بحيث يحظر عليه زيارة اليمن، أو الإدلاء بتصريحات، بالرغم من أنه سيسمح له بالسفر إلى الولايات المتحدة بغرض تلقي العلاج».
ومن جملة الإشكاليات التي تعاني منها قوات «التحالف» في اليمن أيضاً، لفت هيرست إلى ارتفاع حصيلة القتلى في صفوف القوات السودانية، التي يبلغ عديدها هناك نحو 10 آلاف عنصر، بينهم 8 آلاف عنصر ينتشرون في مناطق جنوب اليمن، وفي المخا، ويأتمرون من جانب القوات الإماراتية. وفي هذا الإطار، نقل الكاتب عن مصدر مقرب من الرئاسة في الخرطوم، قوله إن ما يزيد على 500 عنصر سوداني سقطوا في المعارك الدائرة في ذلك البلد، بينهم 14 ضابطاً.

وزاد المصدر السوداني لـ «ميدل إيست آي» «أن هناك ضغوطاً كبيرة من أجل الانسحاب من القتال الدائر» على الساحة اليمنية. في الإطار عينه، وفي سياق الحديث عن العلاقات المتينة للخرطوم مع كل من المملكة العربية السعودية، وقطر، وعن المواقف الملفتة التي أطلقها الرئيس السوداني عمر البشير لدى زيارته لموسكو مؤخراً، وهي مواقف تصب في خانة «عدم المواجهة مع إيران»، أشار الكاتب إلى الرئيس السوداني بوصفه بـ «رئيس المرتزقة» الذي يملك علاقات (سياسية) متعددة، وفي أكثر من اتجاه، يتعين عليه أخذها بعين الاعتبار، مع التذكير بمحاولة الانقلاب التي كانت تدبر للأخير من قبل مدير مكتبه طه عثمان الحسين قبل أشهر.
وفي ما يخص المساعي العمانية من أجل إيجاد حلول للأزمة اليمنية، فقد تطرق هيرست إلى «الاتصالات السرية» التي تجريها ديبلوماسية مسقط مع زعماء قبليين جنوبيين، بينهم قيادات إنفصالية، بغية تنظيم «رد منسق» إزاء الميليشيات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة. فمسقط، التي تعد جنوب اليمن بمثابة «حديقة خلفية» لها، “يساروها القلق جراء قيام الإمارات العربية االمتحدة، «بالاستيلاء على سلسلة من الموانىء، والجزر ذات الأهمية الاستراتيجية» اليمنية. على هذا الصعيد، كشف ديبلوماسي قطري لـ «ميدل إيست آي» عن انزعاج سلطنة عمان، مما أسماه «الإمبراطورية البحرية» التي تنشدها أبو ظبي.
ختاماً، قال هيرست إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان وبعد مرور أكثر من عامين على حرب اليمن، «نجح في توحيد اليمنيين ضده»، مشدداً على أن بن سلمان، ومن خلال تلك الحرب، عمد إلى إطلاق النار على قدميه، مراراً وتكراراً.