«الحُديدة» مغلق حتى إشعار آخر: الأمم المتحدة تحذّر… و«أنصار الله» تهدّد
موقع متابعات | تقارير | جريدة الأخبار اللبنانية
جددت «أنصار الله» تحذيراتها لـ«التحالف السعودي» من مغبة الاستمرار في إغلاق ميناء الحديدة. تحذيرات ترافقت مع مطالبة الأمم المتحدة «التحالف» بتدارك كارثة إنسانية محدقة باليمنيين، لن يتم تلافيها من خلال فتح بضعة موانئ خاضعة لسيطرة حكومة هادي، فيما ميناءا الحديدة والصليف الرئيسيان مغلقان إلى أجل غير مسمى
تواصل السعودية، للأسبوع الثاني على التوالي، إغلاق ميناء الحديدة، «العمود الفقري للعمليات الإنسانية» في اليمن، مهدّدة حياة ملايين اليمنيين المعرّضين لـ«مجاعة وشيكة». تهديد لم يخفّف من وطأته إعلان «التحالف» إعادة فتح المنافذ الجوية والبحرية الخاضعة لحكومة الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي؛ كون معظم المساعدات الواردة إلى البلاد تمر عبر ميناء الحديدة.
إزاء ذلك، لم تجد «أنصار الله» بدّاً من تجديد تهديداتها لـ«التحالف»، انطلاقاً من «حقنا في اتخاذ كامل التدابير التي ندافع بها عن أنفسنا»، بحسب تعبير رئيس المجلس السياسي الأعلى، صالح الصماد.
وجاء كلام الصماد أثناء مسيرة جماهيرية خرجت، أمس، في شارع الستين بالعاصمة صنعاء، تنديداً بالحصار المشدد الذي يفرضه «التحالف» على البلاد منذ مطلع الأسبوع الماضي. ودان الصماد، في كلمته، «إقدام العدوان على خطوات أشد حقارة، متجاوزاً كل الخطوط الحمر» من خلال «تضييق الخناق على الشعب»، ومشدداً على أن ذلك «يفرض على شعبنا تعزيز الصمود واتخاذ كامل التدابير التي يدافع بها عن نفسه». وأكد أن «كل ما نقوم به في مواجهة هذا الصلف والظلم، بما في ذلك الضربات الصاروخية التي طاولت وستطاول الرياض… مواقف طبيعية ومشروعة»، و«ينبغي أن تستمر حتى يكف تحالف العدوان عن جرائمه وعدوانه على شعبنا». وأضاف أن «كل الخيارات ستكون متاحة، بما فيها خطوات كبيرة لن تتوقف تداعياتها على دول العدوان، بل ستصل آثارها الاقتصادية إلى من يقف وراء العدوان ويشجعه على انتهاك الأعراف والقوانين الدولية».
يدخل عبر الحديدة حوالى 80% من الإمدادات الغذائية
وسبق مسيرةَ صنعاء إعلان «التحالف» الذي تقوده السعودية نيته رفع الحظر عن المنافذ الخاضعة لسيطرة حكومة هادي «قريباً»، في محاولة لتسكيت المنظمات الدولية التي كانت قد نبّهت المملكة إلى أنها تضع حوالى 7 ملايين يمني على حافة مجاعة هي «الأسوأ في العالم»، مشددة، خصوصاً، على ضرورة فتح ميناء الحديدة. لكن «التحالف» لم يستجب لتلك النداءات بأكثر من القول إن «التحالف يقوم باتخاذ خطوات تتعلق ببدء عملية إعادة فتح المطارات والموانئ في اليمن، للسماح بالنقل الآمن للشحنات الإنسانية والتجارية»، موضحاً أن «الخطوة الأولى ستبدأ خلال 24 ساعة، وستشمل الموانئ الجنوبية وهي عدن والمكلا والمخا» التي تسيطر عليها حكومة هادي.
وفي ما يتصل بمطارَي عدن وسيئون، الخاضعَين أيضاً لسيطرة حكومة هادي، فإن البيان الصادر، مساء الأحد، عن البعثة السعودية لدى الأمم المتحدة، لم يحدد موعداً لإعادة تشغيلهما، إلا أن شركة الخطوط الجوية اليمنية أعلنت، مساء الاثنين، أنها «ستستأنف، غداً الثلاثاء (اليوم)، الرحلات الجوية من وإلى مطار عدن الدولي برحلتين جويتين»، مبيّنة أن «الرحلة الأولى ستكون من العاصمة المصرية القاهرة باتجاه عدن»، بينما «ستكون الرحلة الثانية من مطار عدن الدولي باتجاه القاهرة». وغابت عن بيان «اليمنية» أي إشارة إلى مطار سيئون الذي توقفت فيه الرحلات، هو الآخر، منذ السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وبالنسبة إلى ميناء الحديدة، الذي يدخل عبره حوالى 80% من الإمدادات الغذائية، سيظل مغلقاً حتى «تجري مراجعة آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش لضمان عدم وصول أسلحة للحوثيين»، بحسب ما جاء في بيان البعثة السعودية. وطالب البيان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بـ«أن يرسل في أقرب وقت ممكن فريقاً من الخبراء إلى مركز قيادة التحالف في الرياض، لاستعراض الإجراءات الحالية لآلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش، من أجل تعزيز وتقديم آلية أكثر فعالية تهدف إلى تسهيل تدفق الشحنات الإنسانية والتجارية، وفي الوقت ذاته تمنع تهريب الأسلحة والذخائر وأجزاء الصواريخ والأموال النقدية التي يتم توفيرها بانتظام من قبل إيران».
هذا المطلب أعاد المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، مساء أمس، التشديد عليه، بقوله، رداً على أسئلة الصحافيين، إن «حمولات السفن المتوسطة الحجم والكبيرة لا تخضع لآلية التحقق والتفتيش الأممية، ما يسمح بوقوع عمليات تهريب الأسلحة إلى داخل اليمن، نحن نريد أن نمنع ذلك». وأضاف أن «حزب الله موجود على الأرض في اليمن، ويعمل مع جماعة الحوثي، ويعمد الى تسلّم وفك وتركيب الصواريخ الموجهة إلى السعودية… لا يمكن أن نسمح لهم بتهديد مدننا وعاصمتنا مرة أخرى». وكرر المعلمي مضمون إعلان «التحالف» بشأن فتح جزء من المطارات والموانئ، واعداً بـ«أننا سنتخذ خطوات في المستقبل القريب لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى بقية المناطق داخل اليمن».
وعودٌ لا يبدو أنها تلقى أصداءً إيجابية لدى الأمم المتحدة، التي قلّلت، أمس، من شأن الإعلان السعودي، معيدة التذكير بالكارثة المحدقة باليمنيين في حال عدم فتح ميناء الحديدة، الذي تلوّح السعودية بإبقائه مغلقاً إلى أجل غير مسمى. وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية ستيفان دوجاريك: «لقد تمت إحاطتنا بقرار السعودية، لكننا ننتظر ما هو أهم، وهو الوصول الكامل وبدون عوائق للمساعدات الإنسانية… هذا هو ما نحتاج إليه». وحذر دوجاريك، في حديثه إلى الصحافيين في نيويورك، من أن «أمامنا 111 يوماً لنفاد مخزونات الأرز الحالية في اليمن، و97 يوماً حتى نفاد مخزونات القمح»، متوقعاً «تزايد تدهور الأوضاع، ما لم يتم فتح موانئ البحر الأحمر في الحديدة وصليف (غرباً) على الفور».
على خط مواز، وصل إلى مدينة عدن (جنوباً)، مساء أمس، رئيس حكومة هادي، أحمد عبيد بن دغر، قادماً من السعودية، التي غاب فيها لحوالى شهر. وفور وصوله إلى مطار عدن الدولي، كرّر ابن دغر حديث حكومته المتقادم عن «وضع حلول مستدامة وناجعة لكثير من الملفات الخدمية في عدن والمحافظات المحررة»، مطمئناً إلى أن تلك الحلول ستُترجم «قريباً»، و«سيلمسها المواطنون في تحسن مستوى الخدمات الأساسية». تعهدات ليست الأولى من نوعها، إذ سبق لحكومة هادي أن أطلقت الوعود نفسها غير مرة، من دون ترجمة ذلك إلى خطوات عملية، وخصوصاً في ما يتصل بأزمتي المشتقات النفطية والكهرباء.
(الأخبار)