بعد غياب استمر لأكثر من عامين، ظهر زعيم «المجلس الأعلى للحراك الثوري» على الساحة الجنوبية مجدداً، موجهاً عدة رسائل في خطابه التلفزيوني الذي ألقاه بمناسبة انعقاد المؤتمر الثاني للمجلس في مدينة عدن.
ولعل أبرز تلك الرسائل مخاطبته «رفاق النضال» الذين انخرطوا في الحرب دون ضمانات فيما يتعلّق بمستقبل قضية الجنوب، وتذكيرهم ب«(أننا) شركاء لا أتباع»، إضافة إلى رسالة أخرى وجهها باعوم إلى دول «التحالف» مضمونها أن «السيادة والاستقلال خط أحمر»، وأن «أي مساومة أو مهادنة ستواجه من قبل الشعب».
وجاء ظهور باعوم في الوقت الذي تشهد فيه الساحة الجنوبية سباقاً سياسياً بين عدد من مكونات الحراك الجنوبي، التي تحاول لملمة شملها لمواجهة التطورات التي تشهدها الساحة الجنوبية، وأبرز تلك التطورات سعي «المجلس الانتقالي»، إلى فرض أجندته الخاصة بحل القضية الجنوبية، بصفته «الممثل الوحيد للجنوب بالتفويض الشعبي»، ومحاولة تسويق ذلك للمجتمع الإقليمي والدولي على اعتبار أن لديه القوة السياسية والعسكرية كأمر واقع يجب الإعتراف به.
ويبدو أن القوى الجنوبية تفاعلت إيجاباً مع عودة حسن باعوم إلى الواجهة، خصوصاً وأن خطابه لامس «هموم وهواجس» شريحة واسعة من أبناء الجنوب، وأعاد لهم الأمل بأن القيادة التي يمكن أن تحدث تحولات لصالح القضايا الوطنية الكبرى لا زالت حاضرة، لا سيما وأن بعض القيادات التي علّق الشعب عليها آمالاً لم تكن على مستوى التحديات، وأصبحت جزءاً من مشروع «التحالف العربي»، الذي بات واضحاً تنصله عن حل القضية الجنوبية، وإدخاله الجنوب في دوامة الفوضى والعنف والفساد الذي تمارسه القيادات الرسمية والميليشاوية والجماعات والأفراد المرتبطة بـ«التحالف».

وباركت بعض القوى والقيادات الجنوبية مؤتمر باعوم. وسارعت حركة «النهضة»، عبر رئيسها عبد الرب السلامي، إلى مباركة المؤتمر الذي اعتبرته «خطوة نحو إعادة روح التعدد والتنوع للساحة الجنوبية»، لافتةً إلى أنه «يجمعنا به وبغيره مشترك وطني واسع».
وتفاعل سياسيون وناشطون جنوبيون آخرون مع انعقاد المؤتمر، رغم اختلاف بعضهم مع مشروع المؤتمر وبرنامجه، إلا أن تأييدهم يندرج، كما يقولون، ضمن القبول بالتنوع والتعدد. وهو ما عبر عنه الناشط السياسي، عبد الله العولقي، الذي قال «إننا قد نختلف مع توجه ومشروع الزعيم باعوم، لكن هذا لا يمنع أن نحترم ونقدّر الرجل على ما قدمه، ومواقفه الثابتة والواضحة التي لا يساوم عليها، وأنا شخصياً على ثقة بأن الرجل إما أن يحصل على دعم من أي دولة وفق شروطه أو سيرفض ذلك الدعم».
من جهته، السياسي الجنوبي، عبد السلام عاطف بن جابر، كتب على صفحته في «فيس بوك»، قائلاً: «نتمنى على باقي القوى السياسي عقد مؤامراتها، وأن نرى قيادة جنوبية موحدة يتقدمها ⁧‫المجلس الإنتقالي الجنوبي‬⁩ و ⁧‫مجلس الحراك الجنوبي‬⁩ لتمثيل الجنوب في المحافل الدولية وفي أي تسوية سياسية في اليمن‬».
ولم تعلق مكونات الحراك الجنوبي الأخرى ولا «المجلس الانتقالي» على الحدث، إلا أن مدير مكتب الرئيس علي سالم البيض، المحامي يحيى غالب الشعيب، أشار إلى أن «باعوم له موقف مبكر أثناء وبعد الحرب، بأنه ضد عاصفة الحزم، وضد مقاومة الغزو الحوثي عفاشي، وهذا موقفه وله حساباته السياسية».
ووجه الكاتب، غسان الجيلاني، رسالة لمؤتمر باعوم، معتبراً فيها أنه «كان الأحرى بكم أن تقفوا متفرجين وتتركوا الفرصة للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي أخذ تفويضاً شعبياً كبيراً، لندعه يتحمل المسؤولية بل نعينه على ذلك».
ويرى مراقبون أن ظهور حسن باعوم على الساحة الجنوبية يعزز من الموقف الرافض للتبعية لدول «التحالف»، ويفتح الباب أمام القوى الجنوبية والمكونات الحراكية، لتأسيس مجلس جامع يعبّر عن مشروعها المتمثل في «التحرير والاستقلال».