جاء قرار إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية في اليمن، ليزيد الطين بلةً في هذا البلد الذي يعاني من تداعيات الحرب العبثية التي يشنها «التحالف العربي» بقيادة السعودية منذ ما يقرب الثلاث سنوات.
القرار الاحترازي المؤقت الذي جاء بصيغة انفعالية تم اتخاذه «دفاعاً عن أراضي المملكة» على خلفية إطلاق صاروخ باليستي من داخل الأراضي اليمنية باتجاه العاصمة السعودية الرياض، يعطي مؤشراً حول نظرة قيادة المملكة لليمن والسياسية التي تنتهجها تجاهه، بعد «عاصفة الحزم»، باعتباره «مقاطعة سعودية» وحديقة خلفية لكبِّ النفايات، ويعيد الحديث عن معادلة الغالب والمغلوب في حرب اليمن.
تداعيات
ويرى مراقبون، أن القرار الذي ستترتب عليه الكثير من التداعيات، لم يكن موفقاً، لا من حيث التوقيت ولا من حيث مراعاة الظروف في اليمن، بل كان قراراً تعسفياً، يستهدف بالأساس مواطني هذا القطر العربي الذين يعانون من ويلات الحرب ومن أوضاع معيشية صعبة علاوة على تدهور الوضع الاقتصادي والانهيار الكبير للعملة المحلية.
ومن أبرز التداعيات المترتبة على الخطوة السعودية الخطيرة، إحكام الحصار الاقتصادي والتجاري على الصادرات والواردات اليمنية وتعطيل حركة الطيران في البلاد أمام عشرات المسافرين اليمنيين الذين يضطر غالبيتهم للسفر إلى الخارج بغرض العلاج، وبالتالي منعهم من العودة إلى وطنهم وبقاؤهم عالقين في الخارج بفعل القرار الجائر، لا سيما بعد إعلان الخطوط الجوية اليمنية تعليق رحلاتها الجوية من مطاري عدن وسيئون لعدم الحصول على تصاريح من قوات «التحالف العربي» الذي تقوده السعودية، وفرض العديد من الدول العربية إجراءات أمنية مشددة على حاملي الجواز اليمني، حيث أوقفت كل من مصر والأردن و سلطنة عُمان العمل بتأشيرات العبور لليمنيين عبر أراضيها، وعلى الرغم من استثناء الحالات المرضية من هذه الإجراءات، فإن المسافرين للعلاج يواجهون إجراءات قاسية أخرى، تتعلق بتأكيد تقاريرهم الطبية التي تمر بسلسة طويلة من الإجراءات والمعاملات.
كما سيؤدي القرار أيضاً إلى تفاقم أزمة انعدام المشتقات النفطية التي يستوردها التجار عبر موانئ عدن وحضرموت.
آراء
وأثار قرار إغلاق المنافذ اليمنية موجة غضب لدى المواطنين اليمنيين الذين اعتبروه خطوة جديدة لممارسة مزيد من الإجراءات التعسفية ضد الشعب اليمني من قبل الرياض التي تسعى إلى إطباق الحصار التام على اليمنيين، في الداخل والخارج، جواً وبراً وبحراً.
قلق
وبهذا الصدد، يرى أسامة الأهدل أن القرار تسبب في خلق حالة من الهلع والقلق لدى المواطنين اليمنيين بالداخل والخارج، وفي منشور له على صفحته في «فيسبوك»، كتب الأهدل: «تم إغلاق المنافذ البرية. يتسائل الكثير من الإخوة: هل صحيح أنهم أغلقوا منفذ الوديعة؟ إذن كيف نستطيع السفر، فليس هناك منفذ بري حالياً غير منفذ الوديعة، ولقد تسبب القرار في خلق حالة من القلق لدى كثير من اليمنيين الذين كانوا يعتزمون زيارة أهاليهم وأقاربهم، فهل سيستمر هذا الإجراء طويلاً؟!».
من جانبه، يرى الإعلامي، باسم الشعيبي، أن القرار لن يلحق ضرراً بالغاً إلا بالمواطن اليمني، الذي هو في غنى عن تحمل مزيد من تداعيات الحرب، وكتب معلقاً على صفحته في «فيسبوك»: «إغلاق المنافذ، إن كان هو منع دخول وخروج المواطنين من وإلى اليمن، فالقرار لن يضر إلا المواطن. الشعب مش ناقص واللي فينا من الشرعية يكفينا».
في المقابل، يعتقد الصحافي توفيق الجند، أن القرار يمس بالأساس حكومة «الشرعية» أكثر من أي طرف آخر، وكتب على صفحته في «فيسبوك»: «القرار السعودي بإغلاق جميع المنافذ البرية والجوية في اليمن هو، على المستوى السياسي، قرار ضد الشرعية وليس ضد الحوثي، فليس هناك منافذ مفتوحة إلا في مناطق الشرعية حالياً، أما على مستوى الواقع فإنه قرار ضد اليمن واليمنيين جميعا!».
بدوره، استغرب الصحافي نبيل سبيع، من دواعي هذه الخطوة، وكتب متعجباً في منشور على «فيسبوك»: «السعودية تقرر إغلاق جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية في اليمن بعد ثلاث سنوات من قيامها بإغلاق جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية في اليمن!».
من جهته، وصف الناشط السياسي عدنان باوزير، القرار بالظالم والمجحف بحق اليمنيين من قبل النظام السعودي، وكتب باوزيرعلى صفحته، مخاطباً السعودية: «نعلم علم اليقين أنكم لو استطعتم أن تمنعوا عنا الهواء الذي نتنفسه لفعلتم، وليس فقط إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية والتي أغلبها مغلقة سلفاً، ولكن صبراً آل ياسر، وسترون قريباً جداً فعائل الله بكم بأيادينا وأيادي غيرنا و حتى بأياديكم أنتم!».
أما الإعلامي أحمد فرقز، فكتب معلقاً: «إذا لجأ السعوديون إلى اليمن، فليحسبوا أن جوازاتنا سنصنعها من بردين، ويجب حملها دائماً».