إسرائيل تعترف بقوة المقاومة.. رضوخ للواقع أم أهداف مبيتة!
متابعات| الوقت التحليلي:
تحولات كثيرة بدأت تظهر في المنطقة شرارتها بدأت مع الصحوة الاسلامیة، حيث ساعدت أحداث العالم العربي التي بدأت عام 2011 على بروز وتبلور حالة من الغضب الشبابي والشعبي العارم ضد العدو الأساسي للأمة أي الكيان الإسرائيلي، وبالتالي عودة القضية الفلسطينية إلى الصدارة لدى هذه الشرائح.
اليوم وبعد مرور سنوات على بداية هذه الأحداث وما تخللها من مكائد وأزمات مصطنعة لتغيير وجهة الصحوة الإسلامية الشبابية بدأت نتائج الصمود الأسطوري لقوى الممانعة تظهر للعلن. وفي المقابل بدأت أيضا نتائج المكائد تظهر على شاكلة تيار بقيادة سعودية للتطبيع العلني مع الكيان الإسرائيلي.
ما سنحاول الإضاءة عليه هو سبب الصراخ الإسرائيلي اليوم والتصريحات الملفتة عن قوة فصائل المقاومة ومحور الممانعة بشكل عام، فهذا الأمر يعدّ سابقة في تاريخ الكيان الذي لطالما اعتمد سياسة الاستهزاء بأعدائه وقدراتهم.
نبدأ بذكر بعض التحولات المهمة التي طرأت على الساحة ومنها التحول في العلاقة بين الفصائل الفلسطينية مع بعضها حيث تأثرت بشكل إيجابي فيما جرى ويجري على الساحة الإقليمية، حتى وصلت الأمور إلى اتفاق المصالحة الوطنية الذي وقع مؤخرا بين هذه الفصائل.
وقد يكون من أهم التحولات التي حصلت على الساحة أيضا فشل مشروع تدمير المنطقة على أيدي الجماعات الإرهابية، وبالتالي فشل المشروع الصهيوني الغربي لتقسيم سوريا والعراق الدولتين الأساسيتين في محور المقاومة، وما ترتّب عليه من حالة حلف استراتيجي بين هذا المحور وروسيا. هذا الأمر وضع الكيان الإسرائيلي في موقف لا يُحسد عليه فعلى رغم النجاح في الوصول بالسعودية وبعض حلفائها إلى مرحلة التحضير للتطبيع العلني مع الكيان الاسرائیلي إلا أن الخسارة تبقى أكبر لناحية القوة التي بات محور المقاومة يتمتع بها.
قوة محور المقاومة تؤكدها التصريحات الإسرائيلية نفسها، حيث تتحدث مصادرهم العسكرية والسياسية وبخوف عن تعاظم قوة حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية بشكل مضطرد. تقول المصادر العسكرية الإسرائيلية إن حركة حماس باتت تمتلك شبكة صواريخ مضادة للدروع والدبابات موجهة بالليزر تنتظر للانقضاض على الآلة العسكرية الإسرائيلية في أي حرب مقبلة. وتؤكد هذه المصادر أن حماس والفصائل الأخرى باتوا يمتلكون القدرة على تصنيع هذه الأسلحة وهو الأمر الغاية في الخطورة.
وفي المقلب الآخر قوة حزب الله التي تضاعفت حسب المسؤولين في الكيان عشرات المرات، حتى أن قائد سلاح الجو في جيش الكيان أكّد أن الداخل الإسرائيلي بات مكشوفا لصواريخ حزب الله التي لا يمكن ردعها. كلها تصريحات تؤكد مقدار الخوف وبالتالي ضرورة العمل والاستعداد للسيناريوهات الممكنة من قبل الكيان الإسرائيلي.
أما عن أهداف الكيان من رفع الصوت وعرض هذه التهديدات فهو تأمين الدعم الأمريكي الأقصى من جهة ومن جهة أخرى شراء الصمت الروسي عن أي هجمات جوية على مواقع لحزب الله في المستقبل إن في لبنان أو داخل الأراضي السورية. ومن ناحية أخرى ومن خلال هذا الصراخ الإسرائيلي يخف الضغط الدولي على الكيان على خلفية بناء المستوطنات والتنكيل بالفلسطينيين وهدر حقوقهم إضافة إلى زيادة الضغط على الداخل اللبناني والتهديد بحرب قادمة لن توفر أحدا من الأطراف الداخلية في لبنان.
إذا هو رفع للصوت لمواجهة التهديدات القادمة من كافة الاتجاهات، تهديدات حتمية وجدية ولا يمكن إنكارها. اللافت أن الإشارة والتأكيد على هذه التهديدات يضرّ بالداخل الإسرائيلي المتضعضع أصلا، ولكن وعلى رغم ذلك فإن هذا الأمر يساعد في زيادة الضغط من قبل حلفاء الكيان على أعداءه. وهذا الأمر جليّ من خلال العقوبات التي تسعى أمريكا لوضعها على فصائل المقاومة وفي مقدمتها حزب الله.
عامل آخر يجعل الكيان الإسرائيلي مصرّا على التأكيد على التهديدات هو نشر الإيران فوبيا وسط الغرب وبعض العرب حتى. فإيران بالنسبة للكيان الإسرائيلي هي العدو الأخطر الذي يقف في حقيقة الأمر وراء قدرات فصائل المقاومة المختلفة في المنطقة. وإيران من أهم الركائز التي ساعدت النظامين العراقي والسوري على الصمود وكسر المؤامرة عليهما. وإيران تقف وراء التكنولوجيا وقدرة تصنيع الصواريخ المحلية الفلسطينية. بالإضافة إلى هذا الواقع إيران أيضا في مرحلة حساسة من التفاوض مع الغرب بخصوص مراجعة الاتفاق النووي الذي عقدته مع دول 5+1. تجد إسرائيل الفرصة مناسبة للعويل ولو حصلت أضرار في البنية الداخلية لديها عسى تُحصّل مكاسب دولية في هذه البرهة من الزمن.
أمام هذا الواقع فإن السنوات الستة التي مرّت صعبة على أمتنا ومنطقتنا أفادت الكيان في أمر واحد وهو وصل السعودية وبعض من أتباعها إلى مرحلة السعي الحثيث للتطبيع العلني مع الكيان. هي فائدة في واقع الأمر ولكن الواقع أيضا أن هذه الفائدة لا يمكن أن تبلغ حدّ التهديد الذي بات يشكله محور المقاومة. إسرائيل تعلم أن السعودية ومن معها فشلوا في إدارة صراعاتهم الخاصة فكيف بهم في حماية إسرائيل وهم بحاجة للحماية!