كل ما يجري من حولك

هل فهمنا أصل الحكاية؟!

581

عبدالكريم زغدودي*

دون الاطلاع على التأريخ تكون مواقفنا السياسية خاطئة جملة وتفصيلا، فالذين يدعمون ما يُسمى بالشرعية في اليمن، الشرعية التي تدعمها السعودية والإمارات، لو راجعوا تأريخ اليمن عامة وتأريخ الزيدية خاصة لما ترددوا في الوقوف إلى جانب هؤلاء ودعمهم في وجه العدوان “الصهيوأعربي”، فالمساحة الحالية لليمن مثلاً لا تُشكل ثلث مساحته التأريخية وقضمها تم تدريجياً خاصة من طرف آل سعود ومساحات كبيرة من جنوب المملكة كانت إلى عهد قريب (السبسي كان حينها في الابتدائي) تابعة لليمن.
ومن يقول إن الحوثي هو يد إيران الفارسية في المنطقة وأنه يُقاتل انتصاراً لمشروعها الامبراطوري التوسعي لم يقرأ شيئا عن اليمن وعن تأريخها.
فلو تجاوزنا الأربعة قرون الهجرية الأولى لكثرة الأحداث فيها وبدأنا من القرن الخامس:
– فان أول من هاجم اليمن للسيطرة عليه وقبل تحرير بيت المقدس هم الأيوبيون عام 1174 – وكما تعلمون فان طريق بيت المقدس من مصر قد يمر بكل أماكن العالم إلّا باليمن.
– عندما أرسل صلاح الدين أخاه طوران شاه لإخضاع اليمن، وفشل فشلاً ذريعاً لبسالة القبائل في الجبال وتحديدا في منطقة “صعدة” الصامدة دائماً وأبداً في وجه كُلّ تدخل خارجي مهما كان عنوانه.
– المحاولة الكبرى الثانية لإخضاع اليمن وتحديداً جباله الشمالية كانت في العهد العثماني وقد مُنيت الحملات الستة الأولى بهزائم نكراء أُبيد فيها الجيش العثماني عن بكرة أبيه، وتُوجت الحملة السابعة ببعض النجاح تحت قيادة “سنان باشا” ولكن سرعان ما ثارت القبائل اليمنية وطردت العثمانيين..
العثمانيون توقفوا تقريباً مدة قرنين عن التفكير في غزو اليمن وأعادوا الكرة نهاية القرن 19 والنتيجة لم تتغير.
– لعل الطرف الوحيد الذي فهم طبيعة الشعب اليمني هم “الانجليز” فاكتفوا بالسيطرة على موانئه الجنوبية.
– في القرن العشرين وقعت حروب عديدة في اليمن بين السلطة في صنعاء وقبائل الشمال ولكن تبقى أهم الحروب هي تلك التي شاركت فيها مصر عام 1963 وحينها دعمت السعودية قبائل الشمال وحتى شاه إيران دعم قبائل الشمال..
لا أعتقد أن قيادة الجمهورية الاسلامية الإيرانية حاليا أكثر فارسية وساسانية من شاه إيران في ذلك الزمان، ولكن قبل 50 عاماً لم يتهم أحد إيران بالأطماع الامبراطورية وقد كانت حينها شرطي المنطقة والكل أعناقه خاضعة لشاهنشاهها الخاضع بدوره للبيت الأبيض.
الشعب اليمني من شماله إلى جنوبه يتعرّض لعدوان غاشم لا علاقة له لا بالكتاب ولا بالسنة، لا بالسلف الصالح ولا بآل البيت.. عدوان إجرامي سافر لمنعه من التحرّر وتقرير مصيره بنفسه..
ومن العيب والمعيب أن لا نتضامن مع ضحاياه خاصة من الأطفال الذين يُقتلون بالمئات قصفا بالطائرات أَوْ بالقنابل العنقودية ومن لم يمت منهم بالسلاح مات بالكوليرا.. ونردد مثل الببغاوات: الفرس، المجوس، الشرعية.. ونحن لم نفهم حتى أصل الحكاية.

*كاتب تونسي

You might also like