كل ما يجري من حولك

وفاء عبد الفتاح اسماعيل: يوم كان عشاء فتاح وسالمين «علبة فول»!

621
 – صفية مهدي:
تعتبر المحامية والقانونية، وفاء عبدالفتاح اسماعيل، ابنة الرئيس الجنوبي اليمني الأسبق، أن ثورة 14 أكتوبر 1963، نجحت بتحقيق أهدافها رغم ما رافق مسيرتها من أخطاء، وأنها صمدت لـ«سنوات تمخض عنها استقلال الجنوب المنجز من الاحتلال البريطاني، وتوحيد 22 ما بين سلطنة وإمارة في كيان واحد تحت سلطة حكم واحدة».
وفي حوار مع «العربي»، تتحدث وفاء عن دور والدها في ثورة أكتوبر، حيث كان المسؤول الأول عن العمل العسكري الفدائي والسياسي في جبهة عدن، حيث كان اسمه الحركي «عمر»، وتقول إنه «كان مناضلاً كرّس كل حياته لأجل قضية الوطن يعمل بإخلاص وتفانٍ وحب شديد وإرادة فولاذية»، وترى أن من يجيب على السؤال حول مصيره هم أعضاء المكتب السياسي للحزب «الاشتراكي»، قبل وبعد أحداث يناير الدامية، التي اختفى خلالها منذ أكثر من 31 عاماً.
وتؤكد وفاء تعرضها لملاحقة بالسلاح، أثناء مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء في العام 2013 وحتى يناير 2014، كما تتحدثت عن مصير منزل الرئيس الأسبق، الذي تعرض للسطو من قبل مجموعة مسلحة.
المحامية والقانونية، الأستاذة وفاء عبد الفتاح اسماعيل، ابنة أحد أهم الزعماء والسياسيين اليمنيين الذين لعبوا أدواراً محورية قادت إلى تحولات تاريخية في اليمن خلال العقود الماضية، والبداية من 14 أكتوبر.
كيف تنظرون وفاء إلى هذه الثورة وما ميزها برأيك كابنة لأحد أهم القيادات التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالثورة؟
مثلت ثورة 14 أكتوبر تحولاً مهماً في تاريخ الحركة الوطنية، استشعر فيها الثوار حاجة البلد الملحة لإنهاء حكم المستعمر البريطاني الذي مكث ما يقارب 129 عاماً، ثورة قادها من رخصت أرواحهم فداء للوطن وزكت دمائهم طريقاً للحرية، منهم من استشهد في المعارك، ومنهم من عاصر معتركات النضال والكفاح وسقط في أدوار أخرى لا تقل أهمية عن أكتوبر، فكان أسد ردفان غالب بن راجح لبوزة أول شهيد لانطلاقة ثورة أكتوبر المجيدة من جبل ردفان الأبية.
ثورة قادها الأحرار الذين لن تسقط أسماؤهم من ذاكرتنا الوطنية، ثورة قادها مناضلون استشهدوا دفاعاً عن العزة والكرامة، منهم عبود (مهيوب علي غالب الشرعبي)، مخطط العمل الفدائي، وعلي أحمد ناصر عنتر بطل معارك جبهة الضالع وجحاف والجليلة، وعلي شائع المشارك في أول هجوم عسكري ضد الاحتلال في الضالع، وفيصل الشعبي مهندس جبهة عدن، والمناضلة دعرة صالح، والمناضل الشهيد خليفة عبد الله خليفة، والرؤساء سالم ربيع علي وقحطان الشعبي وعبد الفتاح اسماعيل، والكثير من الأسماء التي حفرت بإرادتها عهداً جديداً نحو الاستقلال.
وما يميز ثورة 14 أكتوبر أنها ثورة رسمت أهدافها بوضوح وصمدت لسنوات تمخض عنها استقلال الجنوب المنجز من الاحتلال البريطاني، وتوحيد 22 ما بين سلطنة وإمارة في كيان واحد تحت سلطة حكم واحدة، إضافة لذلك أستطيع أن أقول إن ثورة أكتوبر المجيدة حققت أهدافها، وعندما نقول حققت أهدافها لا نقولها شططاً أو محاباة لمرحلة أو صلة قربى، لا أبداً، هي حقيقة نستطيع تلمسها خلال ثلاثة وعشرين سنة، مع الاعتراف أيضاً بوجود أخطاء رافقت هذه المسيرة.
لكن ما يحمد له، على سبيل المثال لا الحصر، أن جمهورية اليمن الديمقراطية استطاعت أن تنشئ دولة لها كيان مستقل ومعتبر بين الدول، دولة لها ثقل رغم الإمكانيات الشحيحة، دولة لها جيش قوي له وزن، دولة استطاعت أن تساوي بين ابن الرئيس وابن الحارس، دولة عملت ثورة في مجال الصحة فقضت على الأمراض كشلل الأطفال والكساح وغيره بشهادة الجامعة العربية حينها في عام 1985م، والتطبيب مجاني للجميع، دولة حققت ثورة في التعليم ومحو الأمية وتعليم الكبار بشهادة اليونسكو عام 1985م، دولة استطاعت أن تسكن غالبية الشعب في بيوت، دولة لم يكن فيها متسولين بالشوارع، دولة احترمت مكانة المرأة فحفظت حقوقها دستورياً، هذا هو الفرق بين ثورة تصنع للمواطن قيمة وثورة تدمر قيمة المواطن.
هناك من يدافع عن فترة الاستعمار ويرى أنها كانت أفضل مقارنة بما تبعها، ما السر في وجود مثل هذا الرأي؟
هذا موضوع جداً شائك، والرد عليه ليس بصعب، وبنفس الوقت يحتاج إلى قراءة متأنية تستحضر المراحل وتطوراتها حتى نتوصل إلى استيعاب كامل نستطيع من خلاله فهم الوقائع وتداعياتها.
وحتى لا نطيل الحديث فيما يعلمه الجميع من قيام دولة الوحدة عام 1990 والظروف المتباينة التي أحاطت المشهد من فرح واستعجال وحذر وتسليم حتى عام 1994م، وما بعده حيث واجه الجنوب القهر والإذلال والتهميش والنهب والسرقة حتى عام 2007م، الذي بزغت منه أول انتفاضة شعبية في الوطن العربي وأول حراك سلمي بالمنطقة، حراك رفع شعار «ثورة ثورة يا جنوب» حيث نُصبت له فخاخ المسألة القانونية، وأفردت له المحاكم أدراجها في محاولة لإصباغ الفعل بالتجريم تحت العنوان الأبرز الذي طال تلك المرحلة، وهو أن «الوحدة خط أحمر»، ولا ننسى المحاكمات الهزلية التي تمت حينها لقادة الحراك الجنوبي في صنعاء، أمثال باعوام وغيره كثر، فنصبت لهم المحاكم التخصصية الشبيهة بمحاكم أمن الدولة والتي تنشأ في الأصل لمحاكمة المعارضين السياسيين… ولم يكتفِ النظام حينها بذلك، بل قام كذلك باعتقال مئات المتظاهرين السلميين من العسكريين والمدنيين المطالبين بحقوقهم ووظائفهم في كل من طور الباحة والمسيمير وكرش والحبيلين.
ولا أنسى بالمطلق تلك الأيام السوداوية التي عجت فيها السجون وأقسام الشرطة، هذه الأعداد الكبيرة من المتظاهرين الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم داخل السجون وتحت حرارة الشمس بالظهير لساعات طويلة، وكان لي شرف الدفاع عنهم مع زميلي المحامي القدير محمد العمراوي حيث شكلنا فريق عمل قانوني للدفاع عن المعتقلين السياسيين، وكانت معنا أيضاً المحامية عفراء الحريري، وغيرهم، ولا أنسى أيضاً أساتذتنا الذين لم يبخلوا علينا بالاجتماع معهم والمشورة، كالمحامي القدير بدر باسنيد والمحامي القدير المرحوم منير جرادة، ولا أخفيك قولاً أنها مرحلة كانت جداً صعبة، ولكن استطاع فيها الحراك الصمود وتثبيت مطالبه والاصرار عليها، لكن ثمة خلط واختراق حدث فيما بعد شوه الصورة، وهنا لا أقصد بطبيعة الحال رفع سقف المطالب من حقوقية إلى انفصال أو فك ارتباط او استعادة دولة، لا مطلقاً، وإنما كمية الشحن التي أنتجت ثقافة الكراهية وضياع بوصلة الحراك.
ولأن الشعوب تتوق إلى الأفضل، مرت على الجنوب مرحلة ترحم فيها على الحزب الاشتراكي والأيام التي حكم فيها الجنوب، وكان ذلك في أوج اشتعال الحراك انطلاقاً، ومع خيبات الأمل المتكررة ومحاولات إيصال رسالة الحراك للمجتمع الدولي دائمة التعثر، علت أصوات تهاجم الحزب مذكرة بتراجع دوره في الجنوب خصوصاً ما بعد حرب 94م، واتهام بعض قادته ورموزه بأنهم كانوا السبب في كارثية الدخول بوحدة التهمت الجنوب، وأن الاستعمار البريطاني هو الذي صنع كل جميل للجنوب، وأسباب أخرى ربما يضيق المقام لذكرها الآن، كل ذلك أنتج حالة من القطيعة مع الإرث السياسي للجنوب وما أنجزته ثورة أكتوبر، وأصبح المزاج العام الصارخ وليس الصامت طارداً فاقداً للبوصلة، حيث أصبح الجنوب العربي هوية يسعى لها الحراك الجنوبي، وحتى نكون أكثر دقه، فصيل من الحراك تسيد الساحة.
كثيرون تحدثوا عن أدوار الرئيس الأسبق عبد الفتاح اسماعيل، ولكن من وجهة نظرك: ما أبرز دور لعبه في مسيرة ثورة أكتوبر بما ساعد على أن يكون له ذلك التأثير؟
أدوار الوالد في ثورة 14 أكتوبر المجيدة كانت تراكمية، بمعنى أنها سلسلة من النضالات قادت إلى هذه النتيجة، ابتداءً من انضمامه لحركة القوميين العرب في نهاية عام 1959م، فكان من مؤسسيها، ثم انضمامه إلى عضوية نقابة عمال مصافي عدن ومشاركته في الإضراب العمالي لعمال المصافي الذي امتد لعدة أشهر، وتوزيع منشورات لمطالب العمال، فحقق العمال جزءاً من مطالبهم، إلا أن ذلك لم يمنع قوات الاحتلال من اعتقال نشطاء العمال والتحقيق معهم، وكان من بين المعتقلين والدي الذي تعرض بعد ذلك للفصل من عمله.
بعد ذلك قاد الخلايا السرية للعمال، وفي أواخر الستينيات برز كعضو قيادي في حركة القوميين العرب، وفي بداية 1964م عُين المسؤول الأول عن العمل العسكري الفدائي والسياسي بجبهة عدن، وكان اسمه التنظيمي «عمر»، خلفاً لرفيق دربه المناضل فيصل الشعبي. أي إنها سلسلة طويلة من النضالات، وباختصار أستطيع القول أنه كان مناضلاً كرّس كل حياته لأجل قضية الوطن، يعمل بإخلاص وتفانٍ وحب شديد وإرادة فولاذية.
هل كان هناك دور لشخصيات من أسرتكم أو غيرها إلى جانبه فتاح في مرحلة الثورة وما بعدها؟
كان لعمي عبد الجليل اسماعيل دور بارز في احتضان والدي ودعمه مادياً ومعنوياً، وكذلك عمي محمد اسماعيل (الفقيه) الذي دعاه للدراسة في عدن وشجعه على ذلك، وأتذكر حادثة قصها لنا عمي عبد الجليل رحمة الله عليه، والذي كان يعمل مقاولاً قبل ثورة 14 أكتوبر في عدن، وكان من أكبر الداعمين للجبهة القومية، فذكر أن هناك منشورات وأسلحة كانوا يريدونها أن تمر من نقطة تفتيش للعسكر الإنجليز، فقاموا بتحميلها فوق سيارة عمي اللاندروفر، وكان والدي يسوقها وهو متنكر بالزي وبرفقة عمي وأثناء مرورهم تعطلت السيارة وتوقفت عند النقطة، فاستعان الوالد بالعسكر لدفعها، وفعلاً قاموا بدفعها معهم، وكان هذا دون أن يشعر العسكر بأي شيء.
تفاصيل أحداث 13 يناير 1986 معروفة عموماً، لكن هل فعلاً قضى عبد الفتاح اسماعيل شهيداً ذلك اليوم، أم أنه نجا وتعرض للإخفاء أو التصفية لاحقاً؟ وما هي الرواية الأقرب حول مصيره؟
هذا سؤال تتقلب معه الأوجاع، وكلما طرحناه قالوا الوقت غير مناسب، ألا يعلم هؤلاء أننا نحن أولاده حُرمنا منه كأب، ألا يعلمون أننا افتقدنا ابتسامته وحبه وتوجيهه، هل هذا لا يكفي لنسأل؟ ألا يعلمون أن هذا أبسط حق من حقوقنا أن نعرف مصيره المخفي. عموماً من يستطيع أن يجيب على هذا السؤال إجابة شافية هم رفاقه أعضاء المكتب السياسي، قبل يناير وبعد يناير، مع كل الاحترام والمحبة لهم، فحقنا في معرفة مصير والدنا لن يسقط بالتقادم ولو وارانا الثرى سيأتي أولادنا يطالبون بمعرفة الحقيقة ومصير فتاح.
لعبد الفتاح اسماعيل قصيدة شهيرة مغناة بصوت محمد مرشد ناجي، وهي: «مخلف صعيب»، هل له أعمال أدبية أو مغناة غيرها؟
نعم من أشهر قصائد الوالد المغناة هي قصيدة «تاج النهار» المشهورة باسم «مخلف صُعيب»، التي غناها ولحنها الفنان الكبير محمد مرشد ناجي رحمة الله تغشاه، كذلك غنى له الفنان الكبير أحمد قاسم قصيدة «سحر الشروق»، كما غنى له الفنان الكبير عِوَض أحمد قصيدة «من حيث لا أدري»، وله ديوان «الكتابة بالسيف» و«نجمة تقود البحر».
يتردد أن عبد الفتاح اسماعيل مثال نادر على التواضع والنزاهة، وأنه وبينما كان رئيساً كانت أسرته أحياناً تعدم الدقيق في المنزل، وأن والدتك اتصلت يوماً في عام 1978 بمكتب عبد الله عبد الإله، تقول له بلغ الرئيس أنه «مافيش معانا دقيق» للغداء، ما تعليقك؟
الوالدة رحمها الله كانت امرأة عظيمة، عاشت مع الوالد على المرة والحلوة، وكافحت وناضلت، سواء في تهريب المنشورات، فالنساء أكثر قدرة على ذلك من الرجال، أو في استلام الأمانات كسلاح أو غيره، ومن ثم يأتي أحد لاستلامها، وتعلمين كمية الخوف والرعب التي تصاحب مثل هذه العمليات، كما ربتنا وسهرت علينا ووقفت إلى جانبنا لينال كل منا شهادته الجامعية، وهذه كانت رسالة أبي لها.
وبطبيعة الحال فالحياة التي عشناها كانت بسيطة جداً، بعيدة عن الترف والبذخ، فالسياسي الذي لا يملك إلا راتبه المحدد بقانون كيف له أن يتطاول على مال الشعب، هذا كان بعد أن تقلد المناصب، أما قبل ذلك فكانوا فقراء معدمين لكنهم أصحاب إرادة وقضية مخلصين لها وهذه الحادثة التي ذكرتيها ما هي إلا دلالة اهتمام الوالد بقضايا الوطن أكثر من أي شي آخر، ومثل هذه الواقعة كانت تحصل كثيراً، فلا تستغربي.
وأتذكر حادثة أخرى كان فيها مجتمعين: والدي وسالمين (الرئيس الأسبق سالم ربيع علي) وثلاثة رفاق آخرين، وكان عم عبد الله حسين معهم، والذي لم يكن مجرد سائق خاص للوالد بل أخ وأب ورفيق للعائلة، وكانوا حينها مجتمعين في بيتنا إلى ساعة متأخرة من الليل، وجاعوا وذهب عم عبد الله يرى ما يمكن تحضيره، فلم يلق إلا علبة فول واحدة فقط، فقال سالمين: معقول ولا في شيء معك بالبيت، المهم قال عم عبد الله وكيف الأخير أكلوا فول. هذه الحادثات فيها من الرمزية ما يعكس بسطاء قادة تلك المرحلة ونزاهتهم وتغليبهم مصلحة الشعب على مصالحهم الشخصية.
كنتِ عضواً في مؤتمر الحوار الوطني، هل فشل بحل مشاكل اليمن برأيك؟
مؤتمر الحوار الوطني أسس لحلول قضايا الوطن بمشاركة واسعة، لكن الإشكاليات حقيقةً كانت أكبر من هذا المؤتمر ومن مخرجاته لوجود قوى تمتلك أدوات تضاهي المفترض أن تمتلكها الدولة، عزى إليه المجتمع الدولي والاقليمي سنداً ومرجعية، وأستطيع أن أقول إن مؤتمر الحوار خدم فيما خدم الحراك الجنوبي السلمي لأنه أسس لقضيته على المستوى الدولي والاقليمي، واعتُرف بها، فيما فصائل أخرى من الحراك ممن لم تشارك في المؤتمر عادته معاداة لدودة في حسابات خارج الوعي وبعيداً عن القضية وعدالتها، متجاهلين تماماً أن لهذه القضية أبعاد يحكمها القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
والمثير للشجن أن نضالات الحراك، برغم استمرارها، إلا أنها اقتصرت على لعب أدوار محدودة ابتعدت عن تكاملية الفعل الثوري المنتج للوعي والعمل، وكذلك تطوريته ليرتقي بمستوى الوطن، وهنا لا بد أن أوضح أمراً مهماً؛ أننا عندما نتحدث عن الحراك فإننا ننطلق من مصلحة قضيته وليس ضدها، فقضية الجنوب قضيتنا، عملنا فيها بجدية ومسؤولية ودافعنا عنها في الأوقات الحرجة، وقلنا لا حينما كان الغير يخشى قولها، إيماناً منا بحق شعب الجنوب تقرير مصيره بنفسه.
علمت أنكِ وأثناء مشاركتك في الحوار تعرضت في صنعاء لملاحقة بالسلاح وأبلغتِ بذلك حينها الدكتور ياسين سعيد نعمان وأمين عام الحوار حينها أحمد عوض بن مبارك، لماذا لم تتناولوا هذه الحادثة على مستوى الاعلام لمعرفة الجهة التي تقف وراء ذلك؟
نعم هذا صحيح، هذه الحادثة وقعت في مايو 2013 بصنعاء أثناء انعقاد مؤتمر الحوار، ولم نحب أن نؤجج الوضع حيث أنه كان مشحوناً بالقدر الذي كان ينبغي علينا أن نخفف قدر الإمكان من انفجاره، ومع ذلك انفجر، والمدهش حقاً في ذلك الوقت أن بعض من النخب كانت تعلم أن الوضع آيل إلى الاحتراب، رغم كل الجهود.
أين تعيش أسرة الرئيس عبد الفتاح حالياً؟
لم أكن أتخيل يوماً ما أن أعيش خارج عدن، عدن البحر والشطآن والسماء الزرقاء والليل المقمر، عدن نسمة عليلة ترد الروح، ورمال حنطية دافئة، عدن مسقط رأسي ولهجتي التي أعشقها، عدن الشوارع التي امتصت عرقنا ونحن أطفال نلعب فوق ترابها ونحن في مراحل التعليم نحصد من علمها ثم ونحن نعمل خدمة لبنائها، عدن الناس الطيبين والبسطاء، عدن المدنية، عدن الفل والبخور وصيف كل السنة لكنه بارد على قلوبنا.
هناك عبارة تختصر كل هذا الحب، تقول: «عدن روح البدن»، لكن لظروف ما انتقلت للعيش مؤقتاً في ألمانيا. وبالنسبة لإخواني وأخواتي فكل في بلد: أخي صلاح يعمل في سفارتنا بالمغرب، وآسيا أختي الكبرى هنا في ألمانيا، وعمد وكيل مساعد بالأمانة حالياً في القاهرة، وعايدة أختي الوسطى كذلك، وإصلاح المهندسة تعيش في سوريا، ووئام في عدن، وأتمنى أن يجمع الوطن شتاتنا ذات يوم.
ما قصة الاستيلاء على منزل الرئيس من قبل مسلحين في عدن؟ وهل تمكنتم من استعادة المنزل؟
بالنسبة لمنزلنا في خورمكسر – عدن فلدينا عقد تمليك فيه كحال كل مساكن عدن المؤممة، وتم اغتصابه من عائلة كتكت بمساعدة جماعات مسلحة، وذلك بدون وجه حق أو حجة قانونية، وقد رفعنا رسالة إلى رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر الذي وجه نائب وزير الداخلية بإرجاع البيت لنا واتخاذ كل ما يلزم من حماية، وحتى الآن الموضوع لا زال حبراً على ورق، طلب مني نائب وزير الداخلية جميع المستندات الثبوتية وقد أرسلتها له شخصياً، ثم عاودت السؤال ثلاث مرات ولم يرد علي، ولا أدري ما المانع.
أنا هنا أحب أن أوضح نقطة في غاية الأهمية، طالما وأنك أستاذة صفية قد طرحت الموضوع، أن بيوت عدن المؤممة لها خصوصية تنفرد بها وحدها ذلك لأنها لا زالت تحتكم بقانون تمليك المساكن لعام 1990م الذي لم يلغَ حتى يومنا هذا، والجدير بالذكر أن الدولة لم تترك الأمر معلقاً بشأن من أُممت مساكنهم، بل أصدر بشأن ذلك معالجات تضمنت تعويضات الملاك. وفي عدن كان لمكتبنا شرف التعاون لمدة ليست بقصيرة مع المؤسسة العربية وصاحبتها الفاضلة إحسان عبيد، في تبني قضايا البيوت المؤممة أمام القضاء دفاعاً عن حق المجتمع في استقرار المعاملات، حيث واجهنا قضاة لم تستوعب أن حق الانتفاع للمسكن هو حق للأسرة وليس لفرد واحد منها.
كلمة أخيرة تحبين إيصالها عبر «العربي»؟
كل عام والشعب اليمني بخير بمناسبة ثورة 14 أكتوبر المجيدة، والسلام على أرواح الشهداء الذين سقطوا فداءً للحرية، متمنية انتهاء الحرب وإحلال السلام وجلوس اليمنيين على طاولة مستديرة بعيداً عن التدخلات، فالحل لن يكون إلا يمنياً – يمنياً، وكل عام والحراك الجنوبي السلمي حاضناً لقضيته السياسية العادلة بعيداً عن العصبوية والمناطقية والجهوية، وكل عام وشبابنا وشاباتنا في همة ودأب على التعليم والقراءة والمثابرة.
كل عام وعدن الحبيبة بسلام وازدهار.
You might also like