التقرير الأسبوعي عن اليمن والخليج في مراكز الدراسات الغربية
قال «المجلس الأطلسي» (مؤسسة بحثية) إن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة حول جرائم الحرب المحتملة في اليمن تواجه مخاطر أن يتم خطفها من جانب مصالح الدول وأن تفشل في محاسبة بعض الأطراف، خاصة أعضاء الائتلاف الذي تقوده السعودية، التي تتمتع بنفوذ في الأمم المتحدة.
وأشار «المجلس الأطلسي» إلى أن سجل الأمم المتحدة في الحرب الأهلية باليمن يظهر أنها كثيراً ما تتهرب من القضايا الرئيسية، مما يدفع المنتقدين إلى القول بأنها رهن مصالح الدول، وأن هناك العديد من التقارير التي أصدرتها منظمات حقوق الإنسان الدولية تظهر أن الفصائل المتحاربة ارتكبت فظائع ترقى لجرائم الحرب. على الرغم من ذلك، فإن هذه التقارير لم تؤثر بقوة في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أو هيئاتها الكبرى.
وأكد أن نجاح المطالبة بلجنة مستقلة من المحتمل أن ينتج عنها هيئة شديدة التحيز، معتبراً أن تلك مخاطرة قد تؤدي ليس إلى فشل اللجنة في القيام بتحقيق مناسب فيما يتعلق بجرائم الحرب، وأن الفشل في هذه المهمة سيضفي الشرعية على بعض الفصائل المتحاربة وأعمالها، مما قد يزيد الوضع سوءاً في الصراع، فقرارات الأمم المتحدة حتى الآن تظهر ذلك.
وأوضح «الأطلسي» أن أسباب الفشل الممنهج للأمم المتحدة تعود إلى عدم اتخاذ خطوات إيجابية نحو تحميل الائتلاف الذي تقوده السعودية المسؤولية في بعض الانتهاكات، مشيراً إلى أن الدولة الرئيسية التي تمنع الأمم المتحدة من اتخاذ إجراءات حاسمة هي السعودية نفسها، على الرغم من أنها ليست عضواً في مجلس الأمن، ولكن لكون الداعمين الأساسيين لها هما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وشدد المجلس على حقيقة أن آليات الأمم المتحدة تسببت في تبعات مأساوية في الصراع اليمني، وبالتالي فإن عليها التفكير أولاً في كيفية دفع السعودية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة لإظهار رغبة سياسية لإنهاء حرب اليمن، وذلك من خلال دورها كوسيط، وأن تلفت الانتباه إلى التكاليف المالية والإنسانية بعيدة الأمد، والتأكيد على أن عدم الاستقرار في البلاد يشكل أرضاً خصبة لنمو الجماعات المتطرفة… مؤكداً أنه وبدون دعم سياسي كامل، فإن لجنة تقصي الحقائق ستكون غير مثمرة على الأغلب.
ورأى المجلس في ختام تقريره أن إنهاء الحرب في اليمن وإحلال الاستقرار في البلاد يتطلب التفكير في منهج يوازن بين الاحتياج إلى الأمن مع العدالة الانتقالية وتشكيل حكومة متجاوبة وديمقراطية، مشيراً إلى أن هذه المهمة لا تعد مهمة صغيرة، لكن الخطوة الأولى يجب أن تكون بإقناع الائتلاف الذي تقوده السعودية أن هذه هي المصلحة الأفضل.
أسباب تدعو أمريكا لدعم عمل لجنة التحقيق
وفي السياق نفسه، شدد منتدى الأمن الأمريكي «جاست سيكيورتي» على أهمية أن تدعم الولايات المتحدة والدول الأخرى لجنة التحقيق الدولية في اليمن، وذلك حتى يتمكن اليمنيون من الحصول على آلية ذات مصداقية للنهوض بحقوقهم في الحقيقة والمساءلة، لكون جميع الأطراف ترتكب «انتهاكات واسعة النطاق» للقانون الدولي.
وعدد «جاست سيكيورتي» ستة أسباب محددة تدعو الولايات المتحدة والدول الأخرى، وخاصة الدول القريبة من «التحالف» السعودي، إلى دعم – أو على الأقل – عدم عرقلة عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة في اليمن. وهي كالتالي:
1- أن من شأن إجراء تحقيق دولي مستقل في اليمن أن يساعد الدول على الوفاء بالتزاماتها القانونية للتحقيق، وسيكون خطوة مهمة نحو محاسبة الجناة وضمان احترام القانون الإنساني الدولي.
2- أن من شأن تحقيق دولي مستقل أن يعزز حقوق اليمنيين في معرفة الحقيقة والمساءلة. وللضحايا في اليمن الحق في معرفة الحقيقة والانتصاف من الانتهاكات التي تعرضوا لها.
3- يمكن أن يساعد تحقيق دولي مستقل جهود السلام ويقلل من الانتهاكات المستمرة، خاصة في ظل غياب اتفاق سلام، وإفلات المذنبين من العقاب.
4- أن من شأن تحقيق دولي مستقل أن ييسر إجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات التي ترتكبها جميع الأطراف، بما في ذلك من قبل جماعة «الحوثيين» (أنصار الله) والقوات التي يقودها حليفها الرئيس السابق علي صالح، وكذكلك «القاعدة»، فضلاً عن القوات المسلحة تحت قيادة الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، والجماعات المسلحة الموالية له. ومن شأن تحقيق دولي مستقل أن يكشف طبيعة ونطاق العنف من جانب الجهات المسلحة غير الحكومية، وأن يقدم وصفاً متوازناً وموثوقاً بانتهاكات جميع أطراف النزاع، يمكن أن يكون أساساً لعمليات المساءلة والمصالحة في المستقبل.
5- يمكن أن يكمل تحقيق دولي مستقل جهود الولايات المتحدة لجعل «التحالف» الذي تقوده السعودية ممتثلاً للقانون.
6- إن إجراء تحقيق دولي مستقل في اليمن يساعد مجلس حقوق الإنسان على الوفاء بولايته في الاستجابة لحالات الطوارئ المتعلقة بحقوق الإنسان بطريقة موثوقة وفعالة.
وختم «جاست سيكيورتي» تقريره بالتأكيد على أنه إذا عرقلت الولايات المتحدة هذا النوع من المساءلة للامتثال لرغبات حليفتها السعودية، فإن الكثيرين سيشهدون أن تصرفات الولايات المتحدة تتناقض مع تعهداتها التي أفصح عنها سفيرها في المجلس، والذي قال إن بلاده «لن تتخلى أبداً عن قضية حقوق الإنسان العالمية». وإذا كان لهذا التعهد أن يكون له أي معنى، فيجب على الولايات المتحدة ألا تترك «الكثيرون عرضة للمعاناة والموت».
حقيقة التغيير في السعودية
تساءل معهد «واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» عن ما إذا كانت المملكة العربية السعودية تشهد تغيّراً فعلياً أم لا. وأضاف المعهد في مقالٍ تحليلي لمدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد، سايمون هندرسون، أكد فيه أن الإعلان، الأسبوع الماضي، بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة يشير إلى أمر غير عادي من الناحيتين الاجتماعية والسياسية، كما ينطوي عليه بعد اقتصادي مهم.
وأوضح سايمون أنه عادةً ما يُظهر المجتمع السعودي احتراماً لكبار السن ويجلّ، على الأقل، الأئمة المسلمين. ولكن كل ذلك قد يتغيّر، فقرار رفع الحظر أتى ظاهرياً من الملك سلمان، لكن من الواضح أن المحرّك الرئيسي وراء اتخاذ مثل هذا القرار كان نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يحاول بحذق تحويل اقتصاد المملكة ضمن «الرؤية 2030» ودفع اقتصاد المملكة ومجتمعها لمجاراة القرن الواحد والعشرين، كما أن نظرة الأمير للعادات والتقاليد الاجتماعية أقلّ تحفظاً بكثير، حيث ينطوي جزء من الخطة الاقتصادية لولي العهد على إنشاء وتطوير منتجعات سياحية وفقاً لـ«المعايير الدولية»، وهي عبارة يمكن تفسيرها إلى حدّ كبير على أنها لن تسمح بالسباحة المختلطة بين الرجال والنساء فحسب، بل أيضاً بارتداء البيكيني وربما احتساء المشروبات الروحية.
وأفاد الكاتب بأنه في الواقع، لم يُطبّق حظر القيادة يوماً بشكل كامل في السعودية، كون نساء القبائل يقدن السيارات في المناطق الريفية منذ عقود من الزمن. وفي المدن، سمحت مجمعات المغتربين للنساء بقيادة السيارة، كما أن شركة النفط الحكومية السعودية «أرامكو» قد سمحت للنساء بقيادة السيارة داخل مجمعاتها السكنية المبنية وفقاً للأسلوب الأمريكي.
وتساءل الكاتب عن ما إذا كانت العائلة المالكة ستمضي قدماً في قرارها هذا، حيث ستمر عدة أشهر قبل أن تبدأ النساء بالقيادة فعلياً وبشكل قانوني، وسيتوجب عليهن التقدم بطلب الحصول على رخص قيادة، ومن ثم يُفترض بهن أن يأخذن دروساً في القيادة. وقد تحتاج المملكة إلى شرطة مرور من النساء أيضاً، هذا وتبقى تفاصيل أخرى تقتضي التوضيح… فهل ستحتاج النساء إلى إذن أحد الأقارب من الذكور للحصول على الرخصة؟ وهل سيُسمح للمرأة بقيادة سيارة يتواجد فيها رجل لا تجمعه بها صلة قرابة؟
وأوضح هندرسون أن حق المرأة في القيادة قد يبدو عديم الأهمية بالنسبة لبقية العالم، لكن بالنسبة للسعودية التي تقود تغيّراً اقتصادياً في وقت تتراجع فيه أسعار النفط وتواجه البلاد مشاكل في اليمن ومع قطر، قد يشير هذا الحق إلى تحول وطني فعلي، أو قد يكون بمثابة «القشة التي قصمت ظهر البعير»، لكن من الواضح أن السماح للمرأة بقيادة السيارة يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه السياسة الجديدة سيُكتب لها النجاح.
جدال إسلامي خليجي
قال معهد «الخليج العربي» في واشنطن إن أزمة الخليج الجارية بدأت تثير جدلاً إسلامياً، بعد أن تصاعدت الحملة الأسبوع الماضي في السعودية مع اعتقال عشرات الزعماء المؤثرين، وأغلبهم من حركة «الصحوة» التي تضم دعاة وشبكات من المتأثرين بجماعة «الإخوان المسلمين» والسياسيين الآخرين المسترشدين بحركة الصحوة السلفية – الإخوانية غير التقليدية، بالإضافة إلى مثقفين ونشطاء شباب.
وأشار المعهد إلى أن الإمارات، بصفتها من أوائل المؤيدين وأهم المحركين للمعارضة ضد الإسلام السياسي، اكتسبت قدراً من الثقل في الحملة ضد قطر بفضل دعم أهم الرموز الدينية في السعودية ومصر، وهما هيئة «كبار العلماء» والأزهر و«مجلس حكماء المسلمين»، وعلى الجانب الآخر، انتقد الحصار المفروض على قطر «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» الذي يقع مقره في الدوحة، وهو شبكة دولية يقودها يوسف القرضاوي، إلى جانب نشطاء «الإخوان المسلمين» سابقاً، بمن فيهم المنفيون المقيمون في قطر.
ورأى المعهد أن مسار أزمة قطر قد سلط الضوء على تغيّر الأطراف الفاعلة ومعايير السلطة والنشاط الإسلامي في دول الخليج، مدللاً على ذلك بإعادة تأكيد سلطة الدولة على الأطراف الفاعلة الإسلامية غير المنتمية للدولة من خلال الاعتماد على المؤسسات الدينية التابعة للدولة والمراكز التقليدية للسلطة الإسلامية ودعم الدولة للمؤسسات الدينية الجديدة.
وأكد المعهد في ختام تحليله على أنه مع تعطيل وإسكات قدرة الشبكات الإسلامية عبر الوطنية والتهديد بالسجن والاتهام بالعمل ضد الدولة، وتقليص تأثير الشبكات الإسلامية على سياسة الدولة، سيتم اختبار قدرة هذه الشبكات على التحمل، وخاصة إذا صعدت السعودية حملتها ضد نشاطاتها وحريتها، من خلال تبرير ذلك بزعم الارتباط بقطر، مبيناً أن ذلك قد يؤدي إلى ظهور أصوات أكثر ثورية من المنفى، وسوف تؤثر نتائج تلك على المسار المستقبلي لقطر وللسلطة الإسلامية في السعودية وما هو أبعد من ذلك.