نيويورك تايمز: الامارات فشلت في اخفاء وجهها الطائفي القبيح
متابعات| الوقت التحليلي:
فضحت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، الوجه الطائفي القبيح الذي تملكه دولة الإمارات، رغم الدعاية الكبيرة التي تسعى أبو ظبي لترويجها على أنها دولة علمانية وقريبة من النمط الغربي.
وقال كاتب التقرير، وهو أستاذ الصحافة بجامعة نيويورك الأمريكية ذو الأصول العربية، محمد بازي، أن الإمارات تعاملت معه بتمييز مذهبي ولم تمنحه تأشيرة عمل، لكونه مسلماً شيعياً من لبنان.
كيف سعى محمد بن زايد لشراء الشرعية الاجتماعية والثقافية؟
ولفت التقرير الى ان جامعة نيويورك الأمريكية بدأت اثناء ارتفاع اسعار النفط والطفرة المالية التي عاشتها الامارات عام 2007، بفتح شراكة مع إمارة أبوظبي بتدخل مباشر من ولي العهد والحاكم الفعلي للبلاد، الشيخ محمد بن زايد، الذي لشراء الشرعية الاجتماعية والثقافية لنفسه، وقام بتمويل المهرجانات والجوائز الأدبية والمشروعات الترجمية ومشاريع إنشاء فروع للمتاحف والجامعات البارزة.
وخلال تلك الفترة، يقول بازي، أنه كان من الداعمين لمشروع جامعة نيويورك في أبوظبي مضيفا:” المثير للسخرية هو أنني كنت من داعمي مشروع أبوظبي في بدايته، وكنت أتمنى له النجاح حتى مع القيود التي كانت مفروضة عليه، إذ إن الطلاب الذين يلتحقون بالحرم الجامعي يمثلون أكثر من 100 جنسية” ،لافتا الى انه حين أعلنت رئاسة جامعة نيويورك لأول مرة عن هذا المشروع، شعر بعض الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وأعضاء مجلس الأمناء بالقلق من أن ترفض حكومة الإمارات دخول اليهود وغيرهم من المجموعات التي قد تعتبرها القيادة الخليجية غير مقبولة في البلاد، غير أن تلك المخاوف كانت تستند إلى فهم قديم لدول مجلس التعاون ومخاوفها.
تمييز طائفي مع أستاذ أمريكي بسبب أصوله الشيعية
ويضيف الكاتب الامريكي ان ابو ظبي رفضت منحه التصريح الأمني اللازم وتأشيرة عمل، بالرغم من سهولة حصول المواطنين الأمريكيين على تأشيرةِ عملٍ في الإمارات، مؤكدا ان سبب رفضه كونه مسلم شيعي لبناني المولد، لذلك، يضيف الكاتب “فان الإمارات، شأنها شأن السعودية، تشعر بالقلق إزاء صعود إيران كقوةٍ إقليمية وتأثير ذلك على سوريا والعراق ولبنان واليمن، هذا القلق يُغذِّي خوف تلك الدول من أن يُشكِّل أي شيعي في المنطقة تهديداً أمنياً لها، ومن أن تكون له صلة بإيران وحلفائها”.
وكشف بازي ان استمارات طلب الحصول على التصريح الأمني الخاص بالإمارات، تتطلب ذكر الديانة والطائفة، ورئاسة جامعة نيويورك تصر على عدم ترك هاتين الخانتين فارغتين، وعليه قام المسؤولون الإداريون بجامعة نيويورك عامي 2012 و2013، بالالتفاف على هذه النقطة بأن استخرجوا له تأشيرةً سياحية واعطوه صفة استشاري، ويضيف الكاتب :”طوال عامين، ظلَّ العديد من الإداريين في الجامعة يعِدونني بحل قضيتي. لكن دائماً ما كانت الإجراءات تتوقف فجأة، بحجة أن ما بيدهم حيلة. الأرجح أنني لن أعرف أبداً ما حدث بالضبط، لكنني أشك في أن الموظفين الإداريين بجامعة نيويورك في أبوظبي لم يرغبوا في استغلال رأس مالهم السياسي المحدود مع شركائهم الإماراتيين لحل قضيتي، أو “المشكلة الشيعية ” بوجه عام”.
حالات مماثلة لقمع أي نقد في “الدولة الاستبدادية”
ولفت الكاتب الى ان هناك حالة مماثلة حصلت مع استاذ امريكي آخر في جامعة نيويورك، ذوي أصول الشيعية، حيث رفض طلبه للحصول على التصريح الأمني اللازم للتدريس بحرم الجامعة في أبوظبي. هذا بالضبط هو ما تعهَّدَت رئاسة الجامعة بألا يحدث عندما عقدت صفقة افتتاح فرع لها في عاصمة دولة استبدادية.
كذلك اشار بازي الى ان بعض الأكاديميين تعرضوا للهجوم من قبل الأمن الاماراتي بسبب انتقادهم لانعدام الحريات في البلاد، ومن بينهم مات دافي، أستاذ الصحافة بجامعة زايد في أبوظبي، حيث طرد من عمله فجأةً، ومن ثم مغادرة البلاد قسراً، لانتقاده القيود المفروضة على وسائل الإعلام في البلاد.
واستشهد الكاتب الامريكي بحادثة اخرى حصلت عام 2015، حيث منع الأستاذ مختص بقضايا العمل في جامعة نيويورك، أندرو روس، من السفر إلى أبوظبي لأسبابٍ أمنية، بعد انتقاد الاخير لاستغلال العمالة الوافدة في الإمارات.
وطالب الأكاديمي من جامعته الاعتراف بأنها استثمرت في نظام سياسي يُميز بقوة ضد أفراد الأقليات الدينية، بسبب خوفه الغامر من إيران وكراهيته للشيعة، وهو أمر يبعد كل البعد عن حرية تنقُّل الأشخاص والأفكار التي يزعم رؤساء جامعة نيويورك أنهم يطمحون إلى تحقيقها، مشيرا الى أن حكام دول مجلس التعاون يرون أن الخطر الإيراني يتربَّص بهم في كل مكان، وأن الشيعة العرب والفرس معاً (حتى المواطنين الأمريكيين منهم) عبارة عن عناصر محتملة للطابور الخامس قادرين على التسلل إلى مجتمعاتهم للنهوض بمصالح إيران.
وختم بازي تقريره بالاشارة الى فشل المؤسسات الفكرية والثقافية الغربية التي كانت قد عقدت صفقات لافتتاح فروع لها في أبوظبي، من ضمنها جامعة السوربون ومتحفا اللوفر وغوغنهايم، في التكيف مع الواقع الجديد، فقد كانت أجهزة أمنية أشد قمعاً تصيغ أولويات شريكها وولي نعمتها المحلي.