لأول مرة يظهر صالح منكسراً ويخضع “بشرف” لتوجيهات الحوثي

متابعات | المساء برس

بدت حالة رئيس المؤتمر الشعبي العام منكسرة، ونبرات حديثه لقناة اليمن اليوم هادئة وفيها نوع من الرضوخ “المشرف” لجماعة أنصار الله “الحوثيين”، ويمكن القول أن صالح في مقابلته اليوم جسد مرغماً “الحكمة اليمنية” وتحكيم العقل، أو ربما هكذا يخيل للمتابع.

ورغم أن صالح كان مرغماً على قول كل ما قاله في اللقاء إلا أنه كان حديثاً مشرفاً لرئيس المؤتمر ولحزب المؤتمر وخطاباً يحفظ لصالح ماء وجهه أمام أنصاره في الداخل الذين كانوا ينتظرون منه أن ينقلب على شركائه الحوثيين ويعيد المؤتمر وقياداته وأنصاره إلى عهده السابق في الحكم والسيطرة على المؤسسات الحكومية.

وبعد أن فشل صالح في تحقيق ذلك اهتزت صورته أمام أنصاره، ولهذا فحوار اليوم كان بهدف حفظ ماء الوجه أمام أنصار المؤتمر وتطمينهم أن صالح لا يزال قوياً.

وربما أن صالح حاول من هذا الحوار أن يوصل رسالة لأنصاره أن استمرار تحالفه مع أنصار الله هو بناءً على قراره واختياره ورغبته وليس كما يُشاع في وسائل الإعلام أن استمرار التحالف سيكون بناءً على رغبة أنصار الله وسيجبرون صالح بالقوة إن لزم الأمر على استمرار تحالفه معهم ليس لشيء ولكن أمام التحالف الذي كان يراهن على حدوث انشقاق بين المؤتمر وأنصار الله وتفجير الوضع عسكرياً من الداخل، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى حتى يضمن أنصار الله عدم الغدر بهم من قبل صالح كما كان سيفعل في 24 أغسطس وما بعده وفشل.

ومن الواضح أن صالح في مقابلته كان منكسراً، ولكنه انكسار مشرف، كون حديثه كان مطابقاً لحديث الكثيرين من قيادات أنصار الله، وربما استطاعت الجماعة إجبار صالح على اختيار مقولة “السلام لا الاستسلام” وهي الكلمة التي قالها عبدالملك الحوثي زعيم الحركة قبل أيام من حفل المؤتمر بميدان السبعين في 24 أغسطس الماضي.

قبل أيام وصف صالح حادثة مقتل خالد الرضي، مسؤول تنظيمي في حزبه، وصفها صالح بحادثة اغتيال، واليوم في قناته يقول إن ما حدث في جولة المصباحي هو حادث عرضي، فما الذي غير موقف صالح في غضون أيام قليلة فقط بين التصريحين.

واليوم علي عبدالله صالح يتحدث عن الطابور الخامس بل ويقول أيضاً أن هذا الطابور هو نفسه الذي تحدث عنه السيد عبدالملك الحوثي، فيما كان أنصاره من الناشطين الإعلاميين والسياسيين يعتبرون حديث أنصار الله عن الطابور الخامس استهداف مقصود للمؤتمر أو للمعارضين من بعض المنتمين للمؤتمر عن سياسات أنصار الله.

وحتى في حديثه عن المجلس السياسي الذي قال عنه، في خطاب سابق لفعالية المؤتمر في ميدان السبعين، إنه يدار من قبل اللجنة الثورية ولم يمنح صلاحياته، يقول صالح عنه اليوم أنه رمز سيادة الدولة وعليه أن يتحمل مسؤولياته ويبدي استعداد حزبه لدعم المجلس لتأدية مهامه.

وأيضاً تطرق صالح للحديث عن المقاتلين الذين رفد المؤتمر بهم جبهات القتال، وقال إنهم تحت قيادة أنصار الله “لأنهم ماسكين السلطة، وهم من استلموا السلطة فنحن معهم ضد ( العدوان) بقدر الإمكانيات التي تقدمها أنصار الله.. والضحايا والقتلى هم شهداء الوطن ليسوا شهداء انصار الله هم شهداء الوطن”.

المرتبات أيضاً كان لها نصيب من حديث صالح حيث قال “هنالك أزمة في الموارد، لكن لا بد من ضبط الإيرادات وتصب إلى وعاء واحد وهي الخزينة العامة”، وهي نفس المطالب التي تطالب بها أطراف في اللجنة الاقتصادية من المحسوبين على أنصار الله، حتى زعيم الحركة طالب بضبط موارد الدولة وتوريدها إلى الخزينة العامة.

وتجدر الإشارة إن جزءاً كبيراً من الخلاف بين مكوني أنصار الله والمؤتمر يتعلق بمسألة إيرادات الدولة التي لا زالت بعض المؤسسات لا توردها مباشرة إلى البنك المركزي بل يتم إنفاقها وفقاً لما كان معمولاً به في عهد صالح، وحتى اليوم لا يزال نافذون في السلطة من المحسوبين على المؤتمر يرفضون ويعرقلون عمل اللجنة الاقتصادية، وقد اتخذوا لأجل ذلك عدة أساليب كان أبرزها إيقاف صرف مستحقات نظافة أمانة العاصمة قبل عدة أشهر الأمر الذي تسبب بتكدس القمامة في مختلف الأحياء، بهدف محاربة توجهات اللجنة الاقتصادية التي إن تمت فستقضي على أساطية المال العام المنهوب حتى اليوم.

وبالنسبة لمحافظة الحديدة ولمبادرة تسليمها للأمم المتحدة، اختلف صالح اليوم عن مبادرة البرلمان المحسوب على المؤتمر إجمالاً، فالمبادرة التي كان يدافع عنها إعلام صالح بكل قوته رغم مشابهتها لمبادرة المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ، يقول صالح عنها وعن مدينة الحديدة “لا نتعامل مع قرار مجلس الأمن والحديدة أبعد من عين الشمس وسنستعيد المخا وكل المناطق”.

في النهاية تبقى تصريحات صالح الأخيرة فيها شيء من الغرابة وتحيطها الكثير من علامات الاستفهام، فإما أن يكون صالح قد رضخ بالفعل لرغبات شركائه في عدم التسليم للتحالف بما يريد تحقيقه، أو أنه لا يزال يمهد لشيء ما ويخطط لتنفيذه ومقابلته اليوم لقناته مجرد تمثيل وإيهام للآخرين حتى لا يشعر أحد بما سيقوم به.

وصحيح أن صالح لم يعد يملك القدرة والقوة العسكرية التي كان يملكها سابقاً، إلا أنه لا يزال بإمكانه اللعب بعدة أوراق ويستخدم أدوات غير عسكرية لتنفيذ ما يريد، واحدة من تلك الأوراق وأبرزها هي الورقة الاقتصادية واللعب بالاقتصاد في مجالات عدة أبرزها النفط والغاز وموارد الزكاة من فئة كبار المكلفين وغيرها من الملفات التي لا زالت مجهولة بالنسبة لشركاء صالح من أنصار الله.