ميدل إيست آي: شركةٌ بريطانية متورّطة بمخطّط ضخم لـ”داعش”
نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني؛ تقريرا حول تورط شركة بريطانية في المشاركة في مخطط ضخم لتنظيم داعش، مبينا أن هذه القضية تعد سابقة خطيرة تكشف عن مدى تغلغل التنظيم في الغرب وتطور قدراته على نقل الأموال وشراء المعدات.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمه “عربي21“، إنه تم الكشف عن تورط شركة يقع مقرها في مقاطعة ويلز، متخصصة في تطوير برمجيات الإنترنت الخاصة بمطاعم الوجبات السريعة، أثناء تحقيق أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي حول مخطط معقد كان تنظيم داعش يعد له من أجل تمويل هجمات فوق الأراضي الأمريكية وإحضار تجهيزات لمعاقله في الشرق الأوسط.
وأضاف الموقع أن المسؤولين الأمنيين الأمريكيين حذروا من أن هذا المخطط، الذي تم الكشف عن تفاصيله في وثائق جديدة نشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي، يظهر كيف أن تنظيم داعش يعمل بكل جدية من أجل تطوير شبكته العالمية.
وذكر التقرير أن الوثائق المنشورة تظهر الرابط بين مسلمين بريطانيين، يتحدرون من بنغلاديش ويعملون في ويلز، وعملية نقل تمويلات نحو الولايات المتحدة، وشراء معدات عسكرية للاستهداف الجوي، وأنظمة مكافحة تجسس تم إرسالها للشرق الأوسط.
وبحسب هذه المعلومات، فإن هذا المخطط انتهى بهجوم عبر طائرة دون طيار وقعت في سوريا، علما بأنه قد تم القبض على المشاركين في هذا المخطط في ضواحي واشنطن، وجنوب ويلز، والعاصمة البنغالية داكا.
وذكر الموقع أن هذه القضية طفت على السطح خلال هذا الأسبوع، بعد أن اعترف محمد الشناوي، وهو الأمريكي الذي اعتقل سنة 2015، بتهمة مساندة التنظيم ، وبأنه تسلم مبلغا قدر بتسعة آلاف دولار من “إيباكستال” للإلكترونيات، من أجل تمويل هجوم إرهابي في الولايات المتحدة.
وخلال الفترة بين آذار/ مارس وحزيران/ يونيو من سنة 2015، قامت هذه الشركة البريطانية وشركات أخرى بنغالية بإرسال آلاف الدولارات نحو الشناوي، الذي كان يعيش في ماريلاند، مع استعمال تمويه من أجل تجنب الرقابة.
وأوضح الموقع أن الشناوي تظاهر بأنه يقوم بشراء آلات طباعة من شركة “إيباكستال” عبر موقع إيباي للتسوق، وذلك كغطاء للحصول على المبالغ عبر خدمة الدفع “بايبال”. وحسب هذه الوثائق المنشورة، التي تم تجميعها في المحكمة الفيدرالية في بالتيمور، فإن الشناوي هو جزء من شبكة دولية تمتد من بنغلادش إلى مكاتب شركة “إيباكستال” في كارديف. وقد قاد هذه الشبكة مسؤول بارز في تنظيم الدولة في سوريا تعرض للتصفية لاحقا، يدعى سيف الحق سوجان.
ووفقا لهذا التقرير، فإن سيف الحق سوجان هو خبير كمبيوتر درس في بريطانيا ويتحدر من بنغلادش، وهو من قام، برفقة شقيقه، بتأسيس شركة إيباكستال وعدد من الشركات المرتبطة بها، قبل السفر إلى سوريا ليصبح أحد أبرز خبراء المعلوماتية في تنظيم داعش.
وأشار الموقع إلى أن أسماء كل من سيف الحق سوجان، وشقيقه عطاء الحق البالغ من العمر 34 سنة، ومدير الشركة عبد الصمد، وعمره 26 سنة، ظهرت بشكل متكرر في وثائق تحقيق “إف بي آي”.
وأكد موقع ميدل إيست آي أنه كان قد أجرى حوارات حصرية مع عطاء الحق وعبد الصمد؛ نفيا خلالها اضطلاعهما بأي دور في هذا المخطط المزعوم، مؤكدين معارضتهما لتنظيم داعش.
ونقل الموقع عن شيموس هيوز، نائب مدير برنامج دراسة التطرف في جامعة جورج واشنطن، قوله إن هذه القضية تظهر كيف يسعى تنظيم الدولة لاستغلال الأفراد في الدول الغربية، من أجل تحويل الأموال وتوفير الدعم اللوجستي لعملياته في سوريا.
وأشار الموقع إلى أن عبد الصمد، الذي كان قد تم الإفراج عنه دون توجيه أي تهم له من قبل الشرطة البريطانية سنة 2015، اعترف بأنه كان ساذجا في تعامله مع سيف الحق سوجان، ولكنه نفى في نفس الوقت أي علاقة له بتنظيم الدولة. وقال عبد الصمد: “انظروا إلى الفوضى التي حلت بسوريا، إن تنظيم الدولة يشوه الدين”.
وذكر الموقع أن العديد من الخبراء الأمنيين أكدوا أهمية هذه القضية، لأنها تمثل أول محاكمة حول تحويل التمويلات نحو مناصرين لتنظيم الدولة في الأراضي الأمريكية. كما تظهر كيف أن تنظيم الدولة اتجه نحو عمليات التحويل البسيطة والمحدودة، واستغلال القنوات المالية البعيدة عن الرقابة، من أجل تمويل هجماته في الغرب.
ونقل الموقع عن البروفيسور أنطوني غليز، مدير مركز الدراسات الأمنية والاستخباراتية في جامعة باكينغهام، قوله إن “هذه القضية مثيرة للقلق، وهي تؤكد ما ذهب إليه مدير المخابرات البريطانية، جوناثان إيفانس، الذي أكد مؤخرا أن المعركة ضد تنظيم الدولة والجماعات المشابهة له هي مشكلة جيل كامل، وستستمر لمدة 20 أو 30 سنة”.
وقال غليز: “إن قضية سيف الحق مثيرة للاهتمام لأنه في النهاية مواطن بريطاني، درس في الجامعة البريطانية ثم تحول إلى خبير في الأنظمة المعلوماتية، قبل أن يلتحق بتنظيم الدولة”، مضيفا: “على الرغم من أن هذا الشخص فارق الحياة، إلا أنه يجسد الهدف النموذجي الذي يسعى تنظيم الدولة لاستقطابه، وهو النوع الذي يحتاج إليه ليتطور ويحافظ على بقائه بعد تدمير وجوده المنظم في معاقله في الشرق الأوسط”.