موسم السياحة بالمكلا: الفنادق للمسؤولين و«اللوكندات» للعامة!
لأول مرة منذ ستة أعوام، تشهد مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، تدفقاً غير مسبوق من قبل مئات الحضارم وغيرهم من الزوار الواصلين إليها من دول خليجية مجاورة ومن محافظات ومناطق يمنية قريبة منها. ويأتي هذا التدفق متزامناً مع الإجازة السنوية الصيفية لعدد من المغتربين، ومع الموسم الثالث لمهرجان «البلدة» السياحي الذي انطلق في يوليو الفائت، وسيستمر حتى أوائل سبتمبر المقبل. ورغم التفاؤل الذي أبداه عدد من زوار المدينة بأنهم سوف يقضون أيام راحة ممتعة، إلا أنهم فوجئوا بعدم تمكنهم من الحصول على إقامة مناسبة في أجنحة وغرف فندقية لهم ولعوائلهم؛ ففنادق المدينة مكتظة بمئات النزلاء، وبسبب ذلك لم يستطع القائمون عليها تقديم خدمات فندقية مثالية.
وفي الوقت نفسه، توجد عشرات الفنادق غير المطابقة للمعايير الفندقية، تفتح أبوابها للزوار بمبالغ مالية باهظة لا يقدر على دفعها الزوار القادمون من مختلف مناطق حضرموت والمحافظات المجاورة لها. تلك المنغصات ترسم تساؤلات عديدة حول واقع الفنادق والحركة السياحية الداخلية التي بدأت تنشط في محافظة حضرموت، رغم الحرب وحالة عدم الإستقرار التي تشهدها المحافظات الجنوبية والمحافظات اليمنية بشكل عام.
نزلاء معينون
عبد الله بامحمد، شاب مغترب في المملكة السعودية، متزوج ولديه ثلاثة من الأبناء. اعتاد عبد الله على زيارة أهله في مدينة سيئون، ومن ثم القيام بجولات سياحية في مدينة المكلا مرتين في العام، لكنه خلال الثلاثة أعوام الماضية، لم يستطع زيارة سيئون ولا المكلا بسبب تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية.
يقول عبد الله: «عندما أخبرني عدد من أقاربي بأن الأوضاع الأمنية هذا العام تحسنت إلى حد ما، قررت السفر إلى حضرموت، ولم يكن يراود تفكيري إلا الهاجس الأمني، لكنني لم أتوقع أن حال فنادق المكلا سوف يسوء وتتراجع الخدمات التي كانت تقدمها تلك الفنادق إلى هذا الحد، ويقال إن الفنادق ذات المستوى العالي محصورة بنزلاء معينين هم مسؤولون تابعون للحكومة، وآخرون تابعين لدولة الإمارات والتحالف العربي».
ويضيف بامحمد، في حديثه إلى «العربي»، أن «هناك شكاوى كثيرة مني ومن غيري ممن التقيت بهم بخصوص رداءة الخدمات المقدمة من معظم فنادق المكلا، والمشكلة لن يسمع أحد لشكواك في ظل الفوضى التي تعاني منها حضرموت، فلم يعد هناك تصنيف محدد لمستوى معظم فنادق المكلا، ولم تعد تدري هل هذا الفندق ذو نجمتين أو أربعة، فلا رقابة ذاتية من أصحاب تلك الفنادق ولا من الجهات المعنية في السلطة المحلية أو وزارة السياحة».
«لوكندات» أم فنادق؟
أما عوض عبد الخالق، أحد الزوار القادمين من مدينة تريم التي تبعد عن المكلا 356كم، قاصداً العلاج في البحر، فهو يشكو من ارتفاع أسعار الفنادق الصغيرة في مدينة المكلا. ويرى عوض أنه لم تعد هناك فنادق بالمعنى الصحيح، ولا يمكن تسميتها إلا بـ«اللوكندات التي تنهب فلوس الناس»؛ فالغرف صغيرة ولا تكفي لإيواء أسر كبيرة.
يقول عوض، في حديث إلى «العربي»: «لقد اعتدت أنا وأسرتي منذ أعوام عديدة على زيارة المكلا في موسم البلدة، والغطس في بحر المكلا للاستشفاء من الآم المفاصل وأمراض أخرى، وكنا نقيم في فنادق متوسطة وبأسعار معقولة، وهذا الشيء خلال فترة زيارات عدد كبير من السياح الأجانب، إلا أن هذا العام قد اختلف الوضع تماماً، تدفع للغرفة الواحدة وهي لا تتعدى اثنين في اثنين متر مبلغ سبعة آلاف ريال، وهذا الشيء ليس معقولاً، خصوصاً أن ظروفنا الإقتصادية سيئة». ويتابع: «يجب أن يتحرك المعنيون في المجلس المحلي ووزارة السياحة لإيقاف هذا الإستغلال السيء لحاجة المواطن لقضاء أوقات سعيدة، تنسيه القلق والتوتر الذي سببه عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي في حضرموت».
ظاهرة إيجابية
وفي رده على شكاوى وتساؤلات زوار مدينة المكلا بخصوص تردي الخدمات المقدمة من فنادق المدينة، يقول سالم محسن بن عبد العزيز الكثيري، مدير عام مكتب السياحة في حضرموت، في حديث إلى «العربي»، إن «مكتب السياحة لديه توجيهات بعدم التدخل في فرض تسعيرة معينة لأي فندق من الفنادق الموجودة في المكلا، وإن السلطات المحلية تريد تشجيع استمرار السياحة بعد ركود دام سنوات طويلة». وعن الفنادق المخالفة للمعايير الواجب توفرها في المدينة، يشير الكثيري إلى أنه «تم إغلاق ثلاثة فنادق مخالفة لتلك المعايير، وتم منح فرصة لخمسة فنادق أخرى لتجويد خدماتها، ما لم فسيتم إغلاقها في القريب العاجل».
ويلفت الكثيري إلى أن «جميع الأجنحة والغرف في 63 فندقاً في مدينة المكلا مكتظة بالزوار، وهذه ظاهرة إيجابية لم يسبق وأن حدثت في المدينة». ويزيد: «مؤخراً، اجتمعنا بملاك ومديري المنشآت الفندقية لإشهار اتحاد الفنادق بساحل حضرموت، وتكمن أهمية ذلك الإجتماع في مناقشة العديد من القضايا المتعلقة بالنشاط الفندقي، والمصاعب التي يواجهها ملاك الفنادق والمستثمرون في النشاط السياحي، ودور مكتب السياحة في معالجة ذلك، وتطوير مختلف الأنشطة السياحية بالمحافظة. ومن أجل ذلك، باركنا وشجعنا تأسيس اتحاد الفنادق كإطار مستقل لمتابعة قضايا ملاك الفنادق وحقوقهم والعاملين، من أجل إيجاد آليات لتفعيل وتطوير القطاع السياحي، وتحسين بيئة العمل التي تسهم في تقديم خدمة سياحية متميزة».
وعن دور وزارة السياحة في دعم مكتب السياحة في المكلا، يؤكد الكثيري أنه على «تواصل مستمر بالدكتور محمد عبد المجيد القباطي، وزير السياحة (في حكومة بن دغر)، لكن الوزارة بذاتها تحتاج إلى من يدعمها»، وأن «مكتب السياحة يحتاج مزيداً من الدعم، فالميزانية التشغيلية للمكتب لا تتعدى 25% من إجمالي ما تتم جبايته من إيرادات لمنشآت سياحية من قبل السلطة المحلية في المكلا». ويضيف أن «المكتب يتطلع لدعم أكبر من أجل القيام بجهود أكبر لإبراز المكلا على الوجه الذي يليق بمكانتها التاريخية والسياحية، كما يتطلع المكتب لتطوير الشرطة السياحية ودعم فتح مكتب للترويج السياحي للمدينة».
وفي الوقت نفسه، توجد عشرات الفنادق غير المطابقة للمعايير الفندقية، تفتح أبوابها للزوار بمبالغ مالية باهظة لا يقدر على دفعها الزوار القادمون من مختلف مناطق حضرموت والمحافظات المجاورة لها. تلك المنغصات ترسم تساؤلات عديدة حول واقع الفنادق والحركة السياحية الداخلية التي بدأت تنشط في محافظة حضرموت، رغم الحرب وحالة عدم الإستقرار التي تشهدها المحافظات الجنوبية والمحافظات اليمنية بشكل عام.
نزلاء معينون
عبد الله بامحمد، شاب مغترب في المملكة السعودية، متزوج ولديه ثلاثة من الأبناء. اعتاد عبد الله على زيارة أهله في مدينة سيئون، ومن ثم القيام بجولات سياحية في مدينة المكلا مرتين في العام، لكنه خلال الثلاثة أعوام الماضية، لم يستطع زيارة سيئون ولا المكلا بسبب تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية.
يقول عبد الله: «عندما أخبرني عدد من أقاربي بأن الأوضاع الأمنية هذا العام تحسنت إلى حد ما، قررت السفر إلى حضرموت، ولم يكن يراود تفكيري إلا الهاجس الأمني، لكنني لم أتوقع أن حال فنادق المكلا سوف يسوء وتتراجع الخدمات التي كانت تقدمها تلك الفنادق إلى هذا الحد، ويقال إن الفنادق ذات المستوى العالي محصورة بنزلاء معينين هم مسؤولون تابعون للحكومة، وآخرون تابعين لدولة الإمارات والتحالف العربي».
ويضيف بامحمد، في حديثه إلى «العربي»، أن «هناك شكاوى كثيرة مني ومن غيري ممن التقيت بهم بخصوص رداءة الخدمات المقدمة من معظم فنادق المكلا، والمشكلة لن يسمع أحد لشكواك في ظل الفوضى التي تعاني منها حضرموت، فلم يعد هناك تصنيف محدد لمستوى معظم فنادق المكلا، ولم تعد تدري هل هذا الفندق ذو نجمتين أو أربعة، فلا رقابة ذاتية من أصحاب تلك الفنادق ولا من الجهات المعنية في السلطة المحلية أو وزارة السياحة».
«لوكندات» أم فنادق؟
أما عوض عبد الخالق، أحد الزوار القادمين من مدينة تريم التي تبعد عن المكلا 356كم، قاصداً العلاج في البحر، فهو يشكو من ارتفاع أسعار الفنادق الصغيرة في مدينة المكلا. ويرى عوض أنه لم تعد هناك فنادق بالمعنى الصحيح، ولا يمكن تسميتها إلا بـ«اللوكندات التي تنهب فلوس الناس»؛ فالغرف صغيرة ولا تكفي لإيواء أسر كبيرة.
يقول عوض، في حديث إلى «العربي»: «لقد اعتدت أنا وأسرتي منذ أعوام عديدة على زيارة المكلا في موسم البلدة، والغطس في بحر المكلا للاستشفاء من الآم المفاصل وأمراض أخرى، وكنا نقيم في فنادق متوسطة وبأسعار معقولة، وهذا الشيء خلال فترة زيارات عدد كبير من السياح الأجانب، إلا أن هذا العام قد اختلف الوضع تماماً، تدفع للغرفة الواحدة وهي لا تتعدى اثنين في اثنين متر مبلغ سبعة آلاف ريال، وهذا الشيء ليس معقولاً، خصوصاً أن ظروفنا الإقتصادية سيئة». ويتابع: «يجب أن يتحرك المعنيون في المجلس المحلي ووزارة السياحة لإيقاف هذا الإستغلال السيء لحاجة المواطن لقضاء أوقات سعيدة، تنسيه القلق والتوتر الذي سببه عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي في حضرموت».
ظاهرة إيجابية
وفي رده على شكاوى وتساؤلات زوار مدينة المكلا بخصوص تردي الخدمات المقدمة من فنادق المدينة، يقول سالم محسن بن عبد العزيز الكثيري، مدير عام مكتب السياحة في حضرموت، في حديث إلى «العربي»، إن «مكتب السياحة لديه توجيهات بعدم التدخل في فرض تسعيرة معينة لأي فندق من الفنادق الموجودة في المكلا، وإن السلطات المحلية تريد تشجيع استمرار السياحة بعد ركود دام سنوات طويلة». وعن الفنادق المخالفة للمعايير الواجب توفرها في المدينة، يشير الكثيري إلى أنه «تم إغلاق ثلاثة فنادق مخالفة لتلك المعايير، وتم منح فرصة لخمسة فنادق أخرى لتجويد خدماتها، ما لم فسيتم إغلاقها في القريب العاجل».
ويلفت الكثيري إلى أن «جميع الأجنحة والغرف في 63 فندقاً في مدينة المكلا مكتظة بالزوار، وهذه ظاهرة إيجابية لم يسبق وأن حدثت في المدينة». ويزيد: «مؤخراً، اجتمعنا بملاك ومديري المنشآت الفندقية لإشهار اتحاد الفنادق بساحل حضرموت، وتكمن أهمية ذلك الإجتماع في مناقشة العديد من القضايا المتعلقة بالنشاط الفندقي، والمصاعب التي يواجهها ملاك الفنادق والمستثمرون في النشاط السياحي، ودور مكتب السياحة في معالجة ذلك، وتطوير مختلف الأنشطة السياحية بالمحافظة. ومن أجل ذلك، باركنا وشجعنا تأسيس اتحاد الفنادق كإطار مستقل لمتابعة قضايا ملاك الفنادق وحقوقهم والعاملين، من أجل إيجاد آليات لتفعيل وتطوير القطاع السياحي، وتحسين بيئة العمل التي تسهم في تقديم خدمة سياحية متميزة».
وعن دور وزارة السياحة في دعم مكتب السياحة في المكلا، يؤكد الكثيري أنه على «تواصل مستمر بالدكتور محمد عبد المجيد القباطي، وزير السياحة (في حكومة بن دغر)، لكن الوزارة بذاتها تحتاج إلى من يدعمها»، وأن «مكتب السياحة يحتاج مزيداً من الدعم، فالميزانية التشغيلية للمكتب لا تتعدى 25% من إجمالي ما تتم جبايته من إيرادات لمنشآت سياحية من قبل السلطة المحلية في المكلا». ويضيف أن «المكتب يتطلع لدعم أكبر من أجل القيام بجهود أكبر لإبراز المكلا على الوجه الذي يليق بمكانتها التاريخية والسياحية، كما يتطلع المكتب لتطوير الشرطة السياحية ودعم فتح مكتب للترويج السياحي للمدينة».