السعودية وحرائق الربيع العربي: الفشل بالزي الملكي!
متابعات| العربي| صادق القاضي:
لكن القضية نسبية، وكما أن الحرائق الموجهة لا تُقاس بما التهمت من أشياء، بل بما أنضجت من طبخات. الحروب لا تُقاس بحجم الدمار الذي تسببه للخصوم، بل بما تحققه من المكاسب السياسية.
بهذا المعيار، لم تحقق دول الخليج، السعودية بالذات، أي نجاح حقيقي استراتيجي يُحسب لها. لم تربح حتى الوقت، فكلما مر باتت السياقات الدولية والإقليمية أقل مواتاة لها من ذي قبل.
أكثر من ذلك، أخفقت بشكل ذريع في تجنب الفشل، وخسرت وتخسر باستمرار، معاركها وقضاياها في كل مكان:
– خسرت السعودية سوريا، وفي سوريا، أمام بشار والجيش والشعب السوري.
– خسرت العراق وفي العراق، أمام الشعب والجيش والحشد الشعبي.
– خسرت في لبنان، أمام الشعب والجيش وحزب الله.
– وصولاً إلى إيران، الخصم الوجودي للمملكة، والقطب الآخر للصراع الإقليمي.
منذ البدء راهنت السعودية في مواجهتها الإقليمية غير المتكافئة مع إيران، فقط على الورقة الطائفية والإرهاب. لكن، كلما انكسرت الطائفية، وخسر الإرهاب موطئ قدم في المنطقة، فإن ذلك يتم على حساب السعودية، لصالح دول المنطقة، وبشكل أو بآخر لصالح الخصم الإيراني.
على صعيد الحلفاء:
السعودية، بخلاف إيران، لا تبني شراكات وتحالفات استراتيجية مستدامة محترمة، بقدر ما تراهن أكثر مما ينبغي على الترهيب والترغيب في حشد الأتباع أو المرتزقة، وشراء المواقف المؤقتة.
– مصر على أتم الاستعداد لترك السعودية تذهب إلى الجحيم، بمجرد ثقتها بأن ذهابها إلى إثيوبيا لن يؤثر في حصتها من مياه النيل.
– تركيا، في كامل الجاهزية لإطلاق النار في وجه السعودية، رداً على أول طلقة تطلقها السعودية باتجاه قطر.
– حتى أمريكا، وكأن الـ 500 مليار دولار الأخيرة لم تروِ شراهتها للبن «البقرة العجوز»، فعادت لفتح مطالبتها بموجب قانون جاستا، بتعويضات ضحايا الـ 11 من سبتمبر.
على مستوى أقرب:
– خسرت السعودية قطر، اللسان الساحلي الخليجي الذي بات، بسبب حماقات سعودية لا غير، أقرب للضفة الشرقية من الخليج.
– الكويت: باتت على قاب قوسين من المفاصلة، بسبب الشكوك والبارونايا السعودية المتصاعدة، وقد نكون على موعد قريب مع تصريح جديد من طهران بشأن العاصمة العربية السادسة.
– لعُمان نمطياً شخصيتها الحيادية، وهي عملياً أقرب لإيران من السعودية، ومع ذلك من المتوقع في أي مناسبة أن تؤكد قرفها من الغطرسة السعودية، رداً على الاستفزازات الصبيانية التي لا تتوقف.
– وصولاً إلى اليمن، الامتداد الاستراتيجي لدول الخليج، والخاصرة الجنوبية للمملكة.
تقليدياً، كانت اليمن بمثابة الحديقة الخلفية للمملكة، لكنها ببساطة فجة فرطت بها، كما لو كانت مكباً للنفايات، وهي اليوم، ومنذ سنوات، تحاول أن تستعيد بالقوة ما فقدته بسوء التدبير.
منذ سنوات والسعودية تقود نفسها وحلفاءها من فشل إلى فشل، وتحاول اليوم بكل قواها تعويض كل هذه الخيبات، بأي نجاح فعلي أو مفتعل لمعركتها في اليمن.
لكنها ستخسر هذه المعركة أيضاً، لقد خسرت سياسياً وعسكرياً، في كل الجبهات الإقليمية والدولية، فلماذا تربح في هذه المنطقة الأكثر وعورة وشراسة من غيرها؟!
حتى الآن، ورغم كل شيء، خسرت السعودية سياسياً وعسكرياً وأخلاقياً في هذا البلد، ولا يبدو أنها ستتمكن من خلال المفاوضات أن تحصل على ما عجزت عنه من خلال الحرب.
ساسة صنعاء – فقط – قادرون على إنقاذها من هذا الغرق المطّرد، بإهدائها نصراً مجانياً، وتنازلات لا مبرر لها، ربما من باب حفظ ماء الوجه.
لكن ذلك سيكون بالنسبة لهم بمثابة الانتحار العبثي. لا بأس بمفاوضات معقولة وتنازلات متبادلة، لكن بعيداً عن فرض الشروط، خاصة في هذا الوقت الضائع بالذات.
السعودية اليوم أضعف منها في أي وقت مضى، إنها عاجزة عن فرض شروطها على مرتزقتها في عدن وتعز، فكيف على خصومها في صعدة وصنعاء؟!