إحتلت تعز حيزاً مهماً في الإحاطة الأخيرة التي قدمها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى مجلس الأمن. ولأول مرة منذ اندلاع الأزمة الحالية، أدرج ولد الشيخ المدينة في خريطة أممية للإرهاب إلى جوار كل من أبين ولحج، وقَرَن تمدد الإرهاب في تعز باستمرارية الحرب وطول أمدها. إحاطة عقّب عليها مصدر عسكري مقرب من قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي بأن هناك خططاً لإعادة تموضع وانتشار لقوة مكافحة الإرهاب في المدينة، بعد أن يُستكمل تجهيزها وتدريبها في معسكرات داخلية.
في هذا الإطار، أفاد مصدر عسكري مقرب من قيادة «التحالف» في قاعدة العند، في حديث إلى «العربي»، بأن «قوات التحالف والشرعية دربت خلال الفترة الماضية قرابة 500 فرد من أفراد المقاومة الجنوبية كقوات خاصة لمكافحة الإرهاب، وبإشراف خاص من ضباط إماراتيين وسعوديين». وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن «هذه القوات سيتم إرسالها إلى مدينة تعز، بعد أن يتم الإنتهاء من تجهيزها وتدريبها التدريب الكافي والمتخصص لمكافحة الإرهاب، ولفرض الأمن، والقبض على أي عناصر أو خلايا إرهابية».
وعلى الرغم من أن إحاطة ولد الشيخ الأخيرة، وتأكيده وجود جماعات إرهابية متطرفة وسط مدينة تعز، قرعا أجراس الخطر، وحركا المياه الراكدة، بحسب مراقبين، إلا أن قيادة «المقاومة الشعبية» لم تصدر أي بيان إزاء ذلك. «العربي» حاول التواصل مع قيادات في فصائل «المقاومة» للحصول على تعليق منها حول الموضوع، إلا أن بعضها رفض الحديث، متعللاً بأن هذا ليس الوقت المناسب، في حين استهجن البعض الآخر كلام المبعوث الأممي عن تواجد جماعات إرهابية داخل مدينة تعز، واصفين ما قدمه ولد الشيخ أحمد في إحاطته الأخيرة في ما يخص مدينة تعز بأنه «عار عن الصحة». 

لكن المبعوث الأممي استند، في إحاطته، بحسب ما قال، إلى معلومات رسمية من «الشرعية» و«التحالف»، أدلى بها في جلسة خاصة لمجلس الأمن حول اليمن، وهو ما يفتح الباب على تدويل قضية الإرهاب في تعز، ويخط مسارات العديد من السيناريوهات المحتملة في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن لا وجود حقيقياً للسلطات المحلية في المدينة، وأن ليس هناك من قوات خاصة أو متخصصة للقيام بواجبها في ضبط الأمن، والقبض على أي عناصر أو خلايا إرهابية، بل إن فصائل من «المقاومة» المدافعة عن «الشرعية» نفسها تدخل في دائرة التنظيمات المصنفة إرهابية.
الناشط الحقوقي، سيف عبد السلام، يلفت، في حديث إلى «العربي»، إلى أن «تعز بقيت عصية لفترة طويلة على أن تُفهم خارطة المكونات التي ترفع السلاح فيها، لكن ما يحدث اليوم، وما سيحدث خلال الأيام القادمة، هو فرز لتلك المكونات، خاصة في ظل هذه العتمة التي تظلل تعز، وعدم معرفة تفاصيل مكوناتها»، مضيفاً أن «إقرار الأمم المتحدة، وما نراه في واقع تعز، ينبئ بأن أمراً ما يراد له أن يُكشف وأن تُرفع عنه الحجب، ولن يكون إلا بتوتير الأجواء الأمنية هناك، ولا أستبعد تحليق بل ضرب الطيران إذا لم يتم التعامل بجدية مع مثل هذه الأمور».
ويستبعد عبد السلام أن «يكون سيناريو تعز مثل سيناريو البيضاء، أو قريباً منه، لأن واقع البيضاء غير»، معتبراً أن «أقصى ما يمكن أن تصله تعز هو ما وصلت إليه عدن»، معللاً ذلك بأمرين: «كتلة الشباب المتحرك فيها والمؤثر، وإن تمترس فلديه خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، الأمر الثاني، هو ذلك الإرث التاريخي، والإيمان بالقضايا الوطنية، وادعاء الثقافة، الذي تتكئ عليه تعز، ويفاخر أبناؤها بذلك، وهذان الأمران هما بمثابة بوصلة يهتدون بها إذا ضلوا عن الطريق، وإن كان البعض ممن أشار إليهم المبعوث الأممي لا علاقة لهم بما ورد، لكن العرق التعزي سينبض وطناً في الأخير، وسيردد الكل أغنية أيوب».
من جهته، يشير الناشط السياسي، رئيس «منتدى شبابنا للتنمية والإبداع»، ماجد البكري، في حديث إلى «العربي»، إلى أن «المبعوث الأممي لايمكن أن يقدم أي مبادرة، ولا يحق له ذلك وفقاً للوائح مجلس الأمن، وأن وظيفته الحقيقية هي سكرتارية لا أقل ولا أكثر، فهو يحاول تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع اليمني اليمني، ويُعدّ وسيطاً بين الطرفين». ويتابع أن «مجلس الأمن يعتمد عليه كمخبر بالدرجة الأولى لينقل لهم ما يدور على الواقع، وباعتقادي أن ما قدمه ولد الشيخ أحمد في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن عن وجود تنظيمات إرهابية في تعز صحيح، ولا يمكن لأحد أن يماري فيه».