سقط أسرى الجنوب في سجون صنعاء، بمن فيهم القيادات العسكرية الكبيرة، من اهتمامات حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، ودول «التحالف العربي» وعدد من فصائل الحراك الجنوبي، وتحول المئات من الأسرى الجنوبيين من «أبطال» بنظر «التحالف»، وخصوصاً الامارات، إلى ضحايا حرب.

وعاد الحديث عن قضية اللواء محمود الصبيحي، وزير الدفاع في حكومة بحاح، واللواء ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس هادي، واللواء فيصل رجب قائد اللواء 115 مدرع، الذين يقضون منذ أكثر من عامين في سجون صنعاء كأسرى حرب، إلى الواجهة مجدداً. إلا أن الحديث عن القضية لم يعد من حيث انتهى السياسيون من أطراف الصراع المختلفة في مؤتمرات جنيف ومفاوضات الكويت الأولى والثانية، والتي احتل فيها ملف الأسرى، وخصوصاً الصبيحي ومنصورهادي ورجب، صدارة الملفات، بل من قبل وسطاء جنوبيين حاولوا تخفيف معاناة أسرى الجنوب الذين سقطوا في الأسر في عدد من الجبهات أثناء مشاركتهم بالقتال بإيعاز من أبو ظبي.

وعلم «العربي» من مصدر جنوبي مطلع على اتصال بصنعاء، أن حركة «أنصار الله» وافقت الشهر الماضي على الإفراج عن اللواء محمود الصبيحي، وزير الدفاع في حكومة هادي، والذي يحظى بشعبية كبيرة في الشمال والجنوب، واللواء ناصر منصور هادي، واللواء فيصل رجب، ضمن صفقة شاملة تنهي ملف الأسرى بين «أنصار الله» والحراك الجنوبي (المقاومة الجنوبية).

مصادر في «أنصار الله» لم تنف في تصريحات لـ«العربي» المعلومات عن الصفقة

وكشف المصدر، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، أن مسؤول الأسرى الجنوبيين، ياسر الحدى أبو صهيب، توصل في خلال مفاوضات غير معلنة أجراها مع اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى في صنعاء التابعة لـ«أنصار الله»، أواخر شهر رمضان الماضي، إلى اتفاق يقضي بالإفراج الكامل عن الأسرى من الجانبين، بما فيهم وزير الدفاع السابق الصبيحي، اللواء ناصر منصور هادي، رئيس جهاز الأمن السياسي في عدن ولحج وأبين، اللواء فيصل رجب. ولفت المصدر إلى أن المساعي التي قادها الشيخ رشاد العطري الصبيحي، في صنعاء، للإفراج عن وزير الدفاع، قوبلت بموافقة من قبل «أنصار الله» التي اشترطت إنهاء ملف الأسرى بين الجنوب والشمال، وعزا المصدر توقف العملية إلى رفض دولة الإمارات العربية المتحدة التعاطي مع ملف الأسرى الجنوبيين، وخصوصاً أي عمليات تبادل أسرى يجريها أطراف جنوبيون مع «أنصار الله».
مصادر في «أنصار الله» لم تنف في تصريحات لـ«العربي» المعلومات عن الصفقة، وأعادت المصادر التأكيد على موقف «أنصار الله» الثابت بالتعاطي الإيجابي مع ملف الأسرى إنسانياً، مضيفةً أن الحركة «لم تستخدم المئات من الأسرى كأوراق سياسية».
وأشارت المصادر إلى أن المفاوضات «ترجمة فعلية من قبل الحركة لمبادرة السيد عبد الملك الحوثي، التي أطلقها في خطابه بمناسبة الذكرى الثانية للعدوان على اليمن، والتي طالب فيها كافة الأطراف بالتعاطي الإيجابي مع ملف الأسرى، مبدياً استعداد الحركة للإفراج الكامل عن كافة الأسرى في حال تجاوب الأطراف الأخرى».
ولفتت المصادر إلى أن «أنصار الله» تضع أسراها في قائمة الاهتمامات، وبإمكانها استخدام كافة الخيارات وتقديم كافة التنازلات من أجل تحريرهم، وهو ما أكده رئيس لجنة الأسرى والمعتقلين، عبد القادر المرتضى، في مقابلة سابقة مع «العربي».
يشار إلى أن وساطة قام بها الوسيط الجنوبي في ملف الأسرى، ياسر الحدي، أواخر شهر رمضان الماضي، أدت إلى الإفراج عن الأسير الجنوبي عبد الرحمن المرفدي، والخضر الشهري، وأربعة من رفاقهما من السجن المركزي في صنعاء لدواعي إنسانية، وليس بموجب تبادل للأسرى بين «أنصار الله» والحراك الجنوبي. حينها قدم الأسير الجنوبي أحمد عباد المرقشي تهانيه لأهالي الأسرى، معتبراً الإفراج عن ستة أسرى جنوبيين مبادرة حسن نية من قبل «أنصار الله»، متمنياً أن يتم الإفراج عن المزيد من الأسرى الجنوبيين.
وكانت المساعي الإنسانية التي قام بها وسطاء جنوبيين قد أدت إلى الإفراج عن 580 أسيراً جنوبياً من سجون «أنصار الله» في خلال العامين الماضيين، وعلى الرغم من أن المئات من أسرى الحرب من الطرفين ينتظرون صفقات جديدة أو تسوية سياسية لإنهاء معاناتهم، إلا أن دولة الإمارات أصدرت تعميماً لكافة فصائل الحراك الجنوبي الموالية لها، طالبت فيها بعدم إبرام أي صفقات تبادل أسرى مع أي طرف دون موافقتها. واعتبرت الإمارات أن عمليات تبادل الأسرى لا تخدم المصلحة الوطنية، وبذلك يكون قرار الإفراج عن الأسرى في أبو ظبي وليس في عدن.