كل ما يجري من حولك

الجنوب اليمني بين فكي الاحتلال السعودي الاماراتي (1-3)

730

موقع متابعات | تقارير | البديل المصرية

برغم مرور ما يربو على العامين منذ سقوطه تحت قبضة التحالف ، لايزال الجنوب اليمني رهن الصراعات بين الفصائل المتباينة منقسمة الولاءات بين السعودية والامارات ، في مقابل وضع يزداد تماسكا واستقرارا في صنعاء والمحافظات التابعة لها في الشمال الذي يشهد خطوات سياسية وامنية تعزز الانسجام بين المكونات التي تشكل قوام سلطة الانقاذ التي جاءت ثمرة للاتفاق السياسي بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وانصارالله وحلفائهم برغم الحصار والاستهداف العسكري الجوي والبري والبحري ، الامر الذي يثير سلسلة تساؤلات عن تفاقم الوضع في الجنوب الذي يزداد سوءا على كل الاصعدة برغم انفتاحه على العالم ولامحدودية الدعم الدولي للرئيس المستقيل وحكومته في عدن.

 

مدخل .. بين هدوء صنعاء وضجيج عدن:

 

قبل يومين توصلت القوى السياسية المشاركة في الاتفاق السياسي بالعاصمة صنعاء على التمديد لرئاسة المجلس السياسي الاعلى الممثلة بالرئيس صالح الصماد ونائبه قاسم لبوزة لفترتين رئاسيتين قادمتين ، وبعيدا عن الابعاد والخلفيات لهذا القرار ، يعتقد مراقبون ان التمديد قد يكون اجراءا نقيضا للديموقراطية في حال كانت الاوضاع مستقرة واعتيادية ، غير انه في ظل الاوضاع الاستثنائية التي يمر بها اليمن بحسب سياسيين يمنيين فان ذلك يعد تصرفا حصيفا يعزز تماسك الواقع السياسي والامني في تلك المحافظات التي لاتزال خارج سيطرة التحالف.

هذا الاجراء الذي احتفت به العاصمة صنعاء يمكن ان يكون مدخلا لإعادة النظر في قراءة الواقع اليمني برمته شمالا وجنوبا وتقييم اداء التحالف ونتائج الحرب والحصار التي لاتزال مفاعليها جارية الى اليوم ، فالمعطيات الميدانية في الجبهات العسكرية والمتمركزة في الشمال لاتزال مشتعلة غير انها لم تنعكس سلبا على الاداء السياسي والاقتصادي والامني الذي يشهد تعافيا من يوم الى اخر في صنعاء ، بعكس عدن التي يفترض انها وكل المحافظات التابعة لما يسمى الشرعية المدعومة بالتحالف العربي وبالتأييد الدولي ، فالوضع السياسي والاقتصادي والامني يشهد تدهورا يوما بعد يوم ، الامر الذي من شأنه ان يضعنا امام صورتين متباينتين تؤثر فيهما حيثيات مختلفة وان كان اللاعبون هم انفسهم.

وافادت مصادر محلية ليلة امس ان مواجهات عنيفة اندلعت بين فصائل متباينة داخل عدن في جولة الملعب بالشيخ عثمان ، وبحسب المصدر فان الاشتباكات التي اسفرت عن قتلى وجرحى واستمرت لساعات اندلعت بين عدد من الفصائل التي تتبع قوات الحرس الرئاسي التابعة للرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي من جهة وبين ما يسمى الحزام الامني الموالي للامارات ، كما قطع مسلحون الخط الرابط بين أبين_وعدن للمطالبة بالإفراج عن القائد السابق لحماية مطار عدن.

 

ذكرى 7/7 .. مناسبة تؤجج النار في الجنوب:

 

وكما يبدو فان الوضع الامني الذي تشهده عدن اضافة الى احتدام الخلافات بين هادي الموالي للسعودية وحكومته وبين المجلس الانتقالي الموالي للامارات ، ادى الى نقل مكان التظاهرة المقرة يوم الجمعة المقبلة على نحو مفاجئ وخلافا للعرف المعهود طوال اعوام من ساحة العروض بخورمكسر الى شارع مدرم بالمعلا.

وكانت قد عقدت ما تسمى بهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي اجتماعا حضره اعضاؤه لأول مرة  في عدن خرج بتوصيات اهمها التأكيد على مطالب الانفصال اضافة الى الاعداد لفعالية جماهيرية كبيرة بمناسبة الذكرى ال23 لحرب صيف 94م التي تم اجتياح الجنوب فيها من قبل قوات النظام ، جاء ذلك بعد لقاء تشاوري عقدته الهيئة اول امس في عدن عقب عودة اللواء الزبيدي من الأمارات  والسعودية.

وقالت مصادر مطلعة ان المجلس الانتقالي يعتزم استغلال المناسبة لحشد الجنوبيين لمواجهة القرارات التي اصدرها الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي وقضت باقالة عددا من المحافظين المؤيدين للمجلس الانتقالي ، وبحسب المصادر التي رفضت الافصاح عن هويتها فان عودة الزبيدي بدعم اماراتي تأتي في هذا السياق بعد ان اجبر الزبيدي على مغادرة عدن الى السعودية ومن ثم الامارات منذ اعلانه المجلس الانتقالي الذي يراه هادي يشكل خطرا على شرعيته ومشروعه المدعوم سعوديا في الجنوب.

ولاقت دعوة المجلس الانتقالي للاحتشاد في عدن يوم 7/7 ترحيبا واسعا في اوساط الجنوبيين ، ونشر الاعلام الجنوبي ان قيادات ما يسمى المقاومة الجنوبية وشخصيات سياسية واجتماعية توافدت خلال اليومين الماضيين الى عدن للقاء اللواء الزبيدي تهنئه بالعودة من الامارات وتؤكد تلبيتها لدعوته للاحتشاد الجمعة القادمة ، بدوره اعلن مجلس الحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب م/ ردفان تلبية الدعوة التي اطلقها المجلس الانتقالي الجنوبي ، مشددا على المشاركة الفاعلة فيها على اعتبار ان الدعوة اتت من الممثل الوحيد والشرعي للجنوب ، بحسب البيان الذي حصل البديل على نسخة منه ، والذي حذر في سياقه من الالتفات لما اسماها الدعايات المغرضة حول عدم فعالية المجلس الانتقالي ، راجيا من الخيرين الدعم السخي للمليونية التي ستشهدها عدن في يوم 7/7 القادم.

من جهته قال الرئيس السابق للجنوب علي سالم البيض ان انعقاد جلسات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن تعد أولى المهام التي أنجزها ، معتبرا ذلك دليلا قاطعا على شرعية وجوده الثورية و الشعبية في الجنوب ، مجددا دعمه لمسيرة المجلس الانتقالي وداعيا الى الالتفاف حوله ، ودعا البيض الجماهير الجنوبية الى الاحتشاد والمشاركة في مليونية التأكيد على ما اسماه رفض الاحتلال الشمالي للجنوب في السابع من يوليو التي تعد ايضا ذكرى انطلاق الحراك الجنوبي في نفس التاريخ من العام 2007.

وبرغم التحرك التصعيدي الذي يعبر عنه الاجتماع الاول للمجلس الانتقالي ، فقد كان اللافت في كلمة الزبيدي التي ألقاها خلال الاجتماع هو الخطاب المتصالح تجاه السعودية في ما يمكن اعتباره طمأنة للملكة ، وجاء في الكلمة تعبير عن حرص المجلس على التعاون مع ” التحالف بقيادة السعودية ” دون ذكر الامارات التي تدعم المجلس ،  الامر الذي اعتبره مراقبون محاولة للطمأنة سيما وان السعودية ترى فيه تهديدا لمصالحها في حال تمكن من تقويض شرعية هادي التي تتكيء عليها السعودية في تواجدها باليمن ، كما حمل بيان الاجتماع حكومة الشرعية المسؤلية عن تردي الاوضاع بالجنوب ، مشددا بان المجلس  “لن يقف مكتوف الأيدي إزاء ذلك العبث الممنهج والإمعان في تعذيب أبناء الجنوب”، في اشارة الى ممارسات التحالف في الجنوب.

 

الحراك يرفض قرارات هادي ويهدد بالمواجهة:

 

مرة اخرى تحدث قرارات الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي تداعيات خطيرة في الجنوب ، وبعد قراره في مايو الماضي الذي اقال محافظ عدن ، وادى الى تأسيس واعلان المجلس الانتقالي الجنوبي ، يصطدم هادي مع الجنوبيين  الذين يرون ان اي استسلام لقرارات استبعادهم بمثابة قبولهم بسقوط المجلس الانتقالي الذي يعتبرونه الحامل للقضية والممثل الشرعي للجنوبيين.

وكان قد عيّن هادي كل من اللواء فرج البحسني قائد المنطقة العسكرية الثانية، محافظا لحضرموت، خلفا للواء أحمد بن بريك الصوت المنادي بالإنفصال، وعلي بن راشد الحارثي محافظا لشبوة، خلفا لأحمد حامد لملس، وأحمد عبدالله السقطري، محافظا لسقطرى، خلفا للواء سالم السقطري، في خطوة مفاجئة جاءت بعد شهرين من الإطاحة باللواء عيدروس الزُبيدي من منصب محافظ عدن، وهي قرارات تهدف الى معاقبة كل المؤيدين للمجلس الانتقالي ومحاولة لسحب البساط من تحت النفوذ الاماراتي .

في المقابل ، هدد الحراك الجنوبي عبر بيان اصدره المجلس الانتقالي الموالي للامارات باستخدام السلاح بمواجهة هادي وحكومته ، وقال البيان، مخاطباً أنصاره “إن قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي بتفويضكم لها واستجابة لندائكم تؤكد على رفضها القاطع للقرارات الرئاسية الصادرة صباح اليوم التاسع والعشرين من يونيو واعتبارها كأن لم تكن ولن نتعامل معها وسيبقى الوضع على ماهو عليه مع المحافظين”.

من جهته نشر نائب رئيس المجلس المقرّب من الإمارات هاني بن بريك تغريدة على تويتر قال فيها “لم نضع سلاحنا بعد ولم تجف دماء شهدائنا ولم تبرأ جراح جرحانا، ومن أدمن ساحات القتال واستنشق البارود مستعد للذود عن كرامته وذاك عشقه وإدمانه”، وهو تهديد واضح بالمواجهة المسلحة.

في حين نشرت مصادر إعلامية عن إقدام السلطات السعودية فرض الإقامة الجبرية على قيادات جنوبية متواجدة في المملكة بينهم عدد ممن أقيلوا في القرارات الأخيرة، اتهم  السكرتير الصحفي لهادي مختار الرحبي مستشار وزارة الإعلام المجلس الانتقالي ورفض القرارات بالقول : “مجلس عيدروس الانقلابي يعلن بشكل واضح رفض قرارات الشرعية وهذا يعتبر تمرد وانقلاب كما هو تمرد وانقلاب الحوثي وصالح”.، وهو مؤشر على انزعاج هادي وحكومته من التهديدات التي صدرت عن المجلس .

وفي حديث خاص للبديل اعتبر القيادي في المجلس السياسي لانصارالله والمتخصص في الشأن الجنوبي فضل ابوطالب ان ما يجري في الجنوب من صراع عموما يأتي ضمن اللعبة الامريكية لتفتيت المنطقة والجنوب معرض للتفيت ايضا ، ويرى ابوطالب ان القرارات جاءت  بايعاز سعودي ، مؤكدا ان ” السعودية تسعى من كل ذلك إلى تصفية نفوذ الإمارات في المحافظات الجنوبية على هامش صراعها مع قطر” ، معتقدا ان السعودية وعبر قرارات هادي بدأت في ازاحة المحسوبين على الإمارات تمهيدا لترتيب وضع الأطراف التابعة لها وهم هادي والاصلاح.

يتبع..

You might also like