بطريقة مفاجئة ودون تهيئة مسبقة، دشن البنك المركزي اليمني في محافظة عدن التداول النقدي بالورقة الجديدة من فئة 500 ريال، والتي طُبعت في شركة «غورناك» الروسية، وفق مصادر في البنك. ونشرت صفحة البنك على «فيس بوك» صوراً للعملة الجديدة، التي تحمل توقيع محافظ البنك المركزي المعين من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي في سبتمبر، منصر القعيطي. كما أكدت مصادر مصرفية قيام البنك المركزي في عدن بإنزال كميات كبيرة من تلك الورقة النقدية الجديدة للسوق، يوم الإثنين، دون أي إعلان مسبق.
وأصدر البنك المركزي في عدن تعميماً إلى كافة مكاتب وشركات الصرافة والبنوك الأهلية بالتعامل مع الورقة النقدية الجديدة من فئة 500 ريال باعتبارها ورقة قانونية ومعتمدة من قبل البنك المركزي، ابتداءً من 18 يونيو الجاري. ودعا البنك، في صفحته على «فيس بوك»، كافة العاملين في القطاع المصرفي في عدن إلى التأكد من الورقة النقدية، وعدم قبول أي فئات مشابهة لها ومختلفة في اللون خلال الأيام القادمة، وإبلاغ البنك المركزي بأي محاولات لتزوير الورقة النقدية الجديدة.
التوقيت
على الرغم من وصول كميات كبيرة من تلك العملة، مطلع الشهر الجاري، إلى مدينة عدن، عبر طائرت شحن إماراتية وسعودية، إلا أن البنك المركزي احتفظ بتلك الأوراق المطبوعة حديثاً ودون غطاء نقدي حتى أواخر الشهر الكريم، تحسباً للتداعيات السلبية التي ستحدثها على القيمة الشرائية للريال اليمني وعلى مستوى التضخم العام الذي تجاوز الـ40% خلال العامين الماضيين، متأثراً بتراجع القيمة الشرائية للعملة الوطنية، الريال اليمني، أمام الدولار الأمريكي والريال السعودي في السوق المحلي.
ولطباعة مليارات الريالات من فئة 500 ريال دون غطاء نقدي، راهن البنك على عدد من العوامل منها الحركة التجارية، وحالة التعطش للعملة في السوق نتيجة أزمة السيولة النقدية التي تعانيها اليمن شمالاً وجنوباً. وبناءً على ذلك، دشن البنك المركزي رسمياً التداول بالورقة النقدية الجديدة، يوم الأحد، بالتزامن مع وجود حركة مالية في السوق المحلي يقودها الحراك التجاري المتصاعد في مختلف أسواق البلاد، وذلك في إطار الإستعدادات الشعبية لاستقبال
عيد الفطر المبارك بالكساء والحلويات المنوعة والهدايا العيدية، رغم تردي الأوضاع الإقتصادية والانسانية خلال الفترة التي مضت من الحرب والحصار، وهو ما قد يساهم بشكل كبير في دخول تلك الورقة النقدية الجديدة معترك التداول، ووصولها إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين والتجار في السوق المحلي، وفق ما يراه مراقبون.
مواصفات
ووفقاً للمواصفات الأساسية للورقة النقدية الجديدة، فقد صدرت بحجم 155 ملم في 69 ملم، وحمل الوجه الأمامي منها صورة جامع المحضار في تريم بحضرموت، وتمت إضافة صورة دار الحجر الواقع في مديرية همدان غرب العاصمة صنعاء على الوجه الآخر. وحول علامات الأمان في العملة، قال البنك المركزي في عدن إن الورقة النقدية المطبوعة مؤخراً تحتوي على علامات أمان متعددة، وكفيلة بعدم تعرضها للتزوير. وأشار إلى أن الورقة
تحتوي على عدد من العلامات السرية، التي لا يمكن مشاهدتها بالعين المجردة، بل تُشاهد تحت المجهر أو العدسة المكبرة، بالإضافة إلى احتوائها على خطوط سرية صغيرة، وكتابات وأشكال مزخرفة تُرى بالأشعة تحت الحمراء. ووفقاً للبنك المركزي، فإن الورقة النقدية خضعت لتصماميم حديثة، وحرصت الشركة المصدرة لها على وضع اللون فوق البنفسجي عليها.
وبحسب إرشادات صادرة عن البنك المركزي في عدن، فإن عدد علامات الأمان في الورقة النقدية الجديدة بلغ في الوجه الأول 11 علامة، كما بلغ العدد نفسه في الوجه الآخر، بالإضافة إلى وجود السجل الكاشف الذي يحتوي على الرقم التسلسلي للورقة المالية باللغتين العربية والسعودية، وكذلك علامات العلامات المائية و ثلاثة أشرطة أمان.
تداعيات
على الرغم من أن تلك الفئة النقدية الجديدة ستكون لها آثار سلبية متوسطة على الأوضاع الإنسانية وعلى موقف العملة اليمنية في السوق المحلي أمام العملات الأجنبية، إلا أن صنعاء قد تفاجئ سلطات هادي بعملية مماثلة أكثر ذكاءً وأقل سلبية من الإصدار النقدي الجديد، وذلك في ظل اعتماد حكومة الإنقاذ آلية الشراء بالآجل بموجب سندات تحمل قيمة مالية إسمية، والتي نجحت من خلالها في تحفيف معاناة عشرات الآلاف من أسر الموظفين خلال الشهر الكريم.
وفي ظل الصراع المالي بين حكومتي صنعاء وعدن، من المتوقع أن ترد صنعاء على تلك الخطوة المفاجئة بخطوة مماثلة، لاسيما وأن هناك سندات بيع آجل تحمل اسم البنك المركزي، تصل قيمتها الإسمية إلى 5 آلاف ريال قد تنزل إلى الأسواق بالشكل المفاجئ نفسه.