«نيوزويك»: صفقةُ الأسلحة بين واشنطن والرياض تعزّز المقاربة العسكرية
وأضافت المجلة الأمريكية أن الصفقة سوف «تزيد حجم انخراط الولايات المتحدة في حرب السعودية اللاإنسانية داخل اليمن»، حيث أسهمت الغارات الجوية المتواصلة من قبل «التحالف» الذي تتزعمه الرياض هناك منذ مارس من العام 2015 في «تدمير البلاد على نحو واسع، دون الالتفات إلى حجم العواقب المترتبة» عن تلك الحملة، لا سيما وأن المنظمات الحقوقية الدولية تشير إلى الرياض بوصفها طرفاً مسؤولاً عن تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن، حيث لقي أكثر من 10 آلاف مدني مصرعهم، فيما يواجه ملايين اليمنيين خطر المجاعة، وظروفاً صحية على درجة عالية من الخطورة. وتابعت المجلة بالقول إن «الأمر الأكثر مأساوية، هو أن السعوديين يسعون الآن لتعزيز قوتهم النارية بالاعتماد على الولايات المتحدة، من أجل مساعدتهم على كسر حالة المراوحة الميدانية» في ذلك البلد.
وشدد تقرير المجلة الذي حمل عنوان: «لم تعد صفقة الأسلحة بين ترامب والسعوديين رديئة»، على أنه «يتعين على الولايات المتحدة أن تدرك أن التدخل العسكري ليس أداة ملائمة ومثالية لمكافحة الإرهاب»، مشيراً إلى أن أسلوب الغارات الجوية يسجل «نجاعة رائعة في تدمير المباني والمعدات العسكرية»، دون أن يكون له ذات الأثر، سواء في «قتل الإرهابيين»، أو في خلخلة «الدوافع السياسية» التي تحث الأفراد، والجماعات على القيام بأعمال «إرهابية». وفي هذا الإطار، أوضح التقرير أن «سجل» أمريكا في الشرق الأوسط، يكشف أن التدخلات العسكرية، ورغم نجاحها في القضاء على العديد من الإرهابيين «تسببت في تفشي الفوضى، ومشاعر الاستياء، إضافة إلى انتشار الإرهاب» عبر ظهور العديد من «التنظيمات الإرهابية الجديدة»، وخلق «عشرات الآلاف من الجهاديين الجدد».
وفي السياق عينه، أشارت «نيوزويك» إلى اليمن، كمثال على هذه الفرضية، «حيث يزدهر نشاط تنظيم القاعدة في جزيرة العرب»، رغم جهود واشنطن في محاربة التنظيم المتشدد على مدى أعوام، وحيث «تتزايد الدلائل على تعاون السعوديين مع مقاتلي التنظيم في القتال ضد الحوثيين». ورجحت المجلة أن يسفر تصعيد السعودية في اليمن، بدعم أمريكي، عن «مساعدة تنظيم القاعدة على تعزيز مكانته»، وفي «تزايد مشاعر العداء تجاه الولايات المتحدة» هناك، على خلفية الدمار اللاحق بالبلاد جراء قذائف وصواريخ «التحالف»، الأمريكية الصنع.
وإلى جانب التحذير من مغبة الوقوف إلى جانب السعودية ضد إيران، في إطار «الصراع الأوسع بين السنة والشيعة»، نبّه التقرير الذي أعده تريفور ثرال، إلى أن «الفكرة القائلة بأن مبيعات الأسلحة يمكن أن توفر الاستقرار، وأن تملي النتائج الجيوسياسية» المنشودة في منطقة الشرق الأوسط، تعد بمثابة «الحماقة الخطيرة»، موضحاً أن صفقة الأسلحة الضخمة التي وقعتها إدارة ترامب مع الجانب السعودي سوف تؤدي إلى «زيادة التوترات مع إسرائيل»، وإلى نشوء «سباق تسلح مكلف» و«خطر» مع إيران.
وزاد ثرال أن «الأسوأ» من كل ذلك، هو في أن اصطفاف الولايات المتحدة كطرف في الصراع الإقليمي في المنطقة، يهدد بانجرار واشنطن إلى «صراعات مستقبلية» فيها، محذراً من أن «تشبيك» واشنطن لمصالحها مع مصالح عدد من الفاعلين الإقليميين «لا يحقق شيئاً» سواء على صعيد تعزيز الأمن القومي الأمريكي، أو على صعيد تحقيق المصالح الأمريكية. كما اعتبر الكاتب أن «المخاوف» بشأن مهددات الاستقرار الإقليمي، و«المخاطر المتواضعة» الناجمة عن الإرهاب «لا تستدعي» مثل هذه الصفقات التسليحية الضخمة.
على هذا الأساس، استغرب ثرال «قلق» إدارة الرئيس ترامب من «نفوذ إيران»، المعادية للتنظيمات المتشددة مثل «داعش» و«القاعدة»، بالتزامن مع «تعزيز شراكتها» مع المملكة العربية السعودية، التي «تتحمل المسؤولية الأكبر عن تمدد الوهابية» في جميع أنحاء العالم، متسائلاً عن الغاية الكامنة خلف «ضخ المزيد من الأسلحة في منطقة هشة ومتوترة وتنخرها الصراعات أصلاً»، مؤكداً على أن تجارب الحروب الأهلية في الشرق الأوسط تعزز الفرضية القائلة بأن «التدخل الخارجي، سواء عبر إرسال قوات أو عبر توريد أسلحة، يزيد من حدة الصراعات القائمة». «فعندما تعتقد الدول أن باستطاعتها فرض إرادتها بالقوة العسكرية، تتقلص رغبتها في التفاوض». وبحسب المجلة، فإن الولايات المتحدة، ومن خلال مواصلة بيع الأسلحة إلى الرياض، تسهم في «تشجيع صقور السعودية على مواصلة اندفاعتهم نحو النهج العسكري» لحل الأزمات، ليس في اليمن وحسب، بل في شتى أنحاء الإقليم، وهو ما سيؤدي بدوره إلى تقوية معسكر «الصقور» في كل من إسرائيل وإيران، وإلى خلق «دينامية تعزز سباق التسلح وتفاقم من التوترات» في المنطقة، على نحو يؤدي إلى «تصاعد حدة العنف» و«عرقلة» الجهود الرامية إلى إيجاد «حلول ديبلوماسية» لتلك الصراعات.