سايمون هندرسون: أزمة الخليج اختبار لترامب
واعتبر الكاتب أن «الهدف الشكلي» لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، هو قطر، بذريعة «خروجها عن الإجماع الخليجي» في ما يتعلق بالعلاقة مع إيران، مشيراً إلى أن إبداء الأخيرة استعدادها لفتح ثلاثة من موانئها لمساعدة قطر على استيراد احتياجاتها من المواد الغذائية سوف ينظر إليه في الرياض وأبوظبي بمثابة الدليل على «خيانة الدوحة» في هذا الخصوص. ورغم أن هناك «سرديتين» لمنطلقات الأزمة بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي، المتعلقة بتصريحات منسوبة إلى أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، بشأن العلاقة مع طهران، إلا أن وسائل الإعلام الممولة من السعودية والإمارات أصرت على تبني تلك التصريحات، وتداولها باعتبارها «حقائق»، مع تجاهلها النفي القطري المتكرر لما جاء في تلك التسريبات الصحفية، وحديث الدوحة عن اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية.
وفي هذا السياق، رأى الكاتب أنه «من المحتمل أن تكون عملية الاختراق مصدرها طهران»، على خلفية انزعاج الأخيرة من نتائج قمة الرياض، عازياً دوافعها حيال الأمر إلى رغبتها في «إظهار الانقسام الخليجي»، وتوجيه رسائل «امتعاض» من انحياز الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى مقاربة دول مجلس التعاون الخليجي للعلاقة مع طهران.
ومن منظور هندرسون، فإن قطر ترى نفسها اليوم «ضحية مؤامرة» السعودية والإمارات، اللتين تربطهما «علاقات عدائية» مع الدوحة، رغم تشاركهما جميعاً في عضوية مجلس التعاون الخليجي. فلطالما نظرت الرياض إلى قطر بوصفها «دولة مشاكسة»، فيما تنظر أبوظبي «بازدراء» إلى دور الدوحة في دعم «الإخوان المسلمين»، وهو التنظيم «المحظور» في الإمارات.
إلى ذلك، لفت الكاتب إلى أن «جذور» الخلافات الخليجية – الخليجية تتخطى أزمة العام 2014، وتعود إلى ما حدث في قطر عام 1995، حين تعاملت الرياض وأبوظبي مع «انقلاب» الأمير حمد على والده وقتذاك باعتباره «سابقة خطيرة» داخل دول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلى عملية «تآمر» ضد حمد، شملت التعاون مع «مجموعة من القبائل» داخل الإمارة، ووضع الإمارات العربية المتحدة عدداً من الطائرات المروحية والمقاتلة في وضعية الاستعداد للانقضاض على الحكم الجديد، قبل أن تفشل تلك المحاولة في الساعات الأخيرة، وذلك وفق ما نقل الكاتب عن مصدر ديبلوماسي عمل في الدوحة. على ضوء ما سبق، أكد الكاتب على «مخاوف» أمير قطر الحالي، تميم بن حمد آل ثاني، تعد «مبررة»، لا سيما وأن إحدى الصحف الإماراتية أشارت قبل أيام إلى زيارة مرتقبة لسعود آل ثاني إلى الدوحة بغرض «الوساطة».
وأضاف هندرسون أن «الأولويات الأساسية» لحكم تميم بن حمد تتمثل في «الحفاظ على العلاقة التحالفية الجيدة» مع الولايات المتحدة، إلى جانب الحرص على «عدم القيام بما من شأنه مضايقة إيران»، موضحاً أن العلاقات العامة التي اكتسبها وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيليرسون، من عمله السابق في شركة «إكسون موبيل»، التي تعد أحد أكبر اللاعبين في قطاع الطاقة في قطر، تؤهله للعب دور في حل الأزمة الناشئة بين دول الخليج، خصوصاً وأن تفجر الصراع بين الدوحة والرياض، و«دفع قطر إلى أحضان إيران»، هما أمران «لن يعودا بالفائدة» على واشنطن وحلفائها.
كما قلل هندرسون من حظوظ كل من السعودية والإمارات في استضافة مقرات عسكرية أمريكية بديلة عن تلك الموجودة في قطر، كونهما «لا يملكان سجلاً جيداً بما في فيه الكفاية»، على ضوء مطالبة الرياض عام 2003 بخروج القوات الأمريكية من قاعدة الأمير سلطان الجوية، فيما يتطلب الأمر وقتاً كي تؤسس الإمارات مقر قيادة عمليات جديد، ليكون بديلاً عن قاعدة العديد. كذلك استعاد الكاتب مشهد تنحية ولي عهد أبو ظبي للأمير تميم خلال فعاليات قمة الرياض، لأخذ مكانه إلى يمين الرئيس الأمريكي للإشارة إلى محاولات السعودية والإمارات لعزل قطر على «المسرح الدولي».
ختاماً، قال هندرسون إن المواجهة الحالية بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات من جهة أخرى، تمثل «اختباراً لإدارة ترامب حديثة العهد»، لا سيما وأن مستشاري الرئيس الأمريكي «لم يأتوا على ذكر هذه الأزمة قط».