يتساءل كثيرون ماذا ينتظر الحراك الجنوبي لإعلان «فك الإرتباط»، بعدما باتت جميع الظروف مهيأة بحسب ما يقول؟ فهو، وفقاً لقياداته ونشطائه، أصبح اليوم الأقوى على الأرض عسكرياً، ويحظى بدعم شعبي غير مسبوق، وتمكّن بإعلان تشكيل «المجلس الإنتقالي الجنوبي» كحامل سياسي «وحيد» للقضية الجنوبية من عبور مخاض الإجماع الذي كان يراهن عليه أعداؤه طوال السنوات الماضية. وبحسب تلك القيادات أيضاً، فإن دول الخليج لن تبادر في فتح معركة مع الحراك الجنوبي حال أعلن الأخير فك الإرتباط عن الشمال، ولن يكون بمقدور «الإصلاح»، كذلك، فعل أي شيء سوى التصعيد على جبهات مواقع التواصل الإجتماعي، كما يقول «الحراكيون». فلماذا التأخير إذاً؟
خطوات «مدروسة»
يقول قيادي في «المجلس الإنتقالي»، لـ«العربي»، إن «القيادة الجنوبية تعي جيداً أن علاقتها بدول التحالف العربي باتت علاقة مصير استراتيجية، وتحديداً مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي لا ترغب أبداً في لي ذراع التحالف، لإدراكها أن المستفيد من ذلك هم أعداء الجنوب، وإن بدا ظاهر الأمور على غير ذلك». ويضيف أن «قيادة المجلس الإنتقالي تعلمت من الحرب أن السير في الطريق الآمن الطويل وإن كان شاقاً أضمن من التسرّع والاستعجال، فالمجلس بات يحمل مصير ومستقبل 4 ملايين جنوبي جددوا له البيعة مطلع الأسبوع وسط ساحة العروض في حشد تاريخي غير مسبوق»، مشيراً إلى أن «قادة المجلس الإنتقالي يعون أن أعداءهم يخسرون ويستنزفون يومياً وتنهار تحالفاتهم في الداخل والخارج، وهم بالمقابل الطرف الوحيد الذي يحقق نجاحات سياسية وعسكرية، ويبني علاقات قوية متينة مع الأشقاء، وإن كانت الخطوات بطيئة نتيجة عوامل عديدة من بينها ضعف العمل الإعلامي والدبلوماسي لدى الجنوبيين». إذاً هذه الخطوات، بحسب القيادي، «مدروسة وبتكتيك سياسي عال».
الوقت لا ينتظر
وفي ما يتعلق بالضمانات، يشير القيادي إلى أن «البعض قد يعترض، ويطالب المجلس بانتهاج وسائل الإبتزاز التي تمارسها قوى شمالية منذ ما قبل عاصفة الحزم مع دول التحالف وتحديداً المملكة، غير مدركين أن سلوك العصابات لا يمكن أن يبني كيانات متينة ودولاً وإن ربح مكاسب مادية آنية سرعان ما يستهلكها في خضم صراع الأضداد الأبدي في اليمن». يتابع: «بالطبع ستبرز الكثير من النواقص والأخطاء لدى المجلس، لكن ما تم تحقيقه حتى اليوم لا يمكن إلا أن يطلق عليه حدث تاريخي بالفعل». توصيف يراه مراقبون منطقياً وواقعياً، بالنظر إلى «وجود هيئة استشارية محترفة – ربما ليست جنوبية – والأسماء الثقيلة المنضوية في رئاسته». ويعتبر هؤلاء أن ردة الفعل الغاضبة والسريعة التي أبدتها الحكومة «الشرعية» بعد إعلان تشكيل المجلس تؤشر أيضاً إلى أن «الأمر كبير وكبير جداً».
في هذا السياق، تتحدث بعض التسريبات عن «ملفات خطيرة» حملها الزبيدي معه إلى الرياض، تدين غالبيتها وزراء ومسؤولين في الحكومة «الشرعية»، وبينها تسجيلات صوتية لما يُزعم أنها «محادثات» بين عدد من أولئك المسؤولين وبين الرئيس السابق، علي عبد الله صالح أو مقربين منه، بالإضافة الى اعترافات لعناصر «جهادية» تثبت العلاقة التي تربطهم بمسؤولين ووزراء كبار، وتلقيهم تعليمات وتمويل للقيام بعمليات إرهابية استهدفت إحداها الزبيدي نفسه.
ويبدو أن الأيام المقبلة ستحمل مزيداً من التأزم لرئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، وحكومته، خصوصاً في ما يتعلق بملفي الرواتب والكهرباء، التي أشعل انقطاعها احتجاجات غاضبة تمثلت في تنظيم وقفات وقطع طرقات رئيسة. ويرى البعض أن مكوث الحكومة «الشرعية» في الرياض كل هذه المدة، ما كان إلا لأنها باتت عاجزة عن القيام بأي دور إيجابي، لاسيما في ما يتعلق بإصلاح منظومة الكهرباء في عدن.