كل ما يجري من حولك

تفاصيلُ الليلة الدرامية لأكبر انقسام سياسي تشهده الدول الخليجية

541

ليلة درامية متكاملة الأركان شهدت الدقائق الأولى منها أقل ما يقال عنها أنها “زوبعة في الخليج (الفارسي)”، تطورت خلالها الأحداث من مجرد تغريدة نشرت في تمام الساعة 12:17 من فجر الأربعاء 24 مايو/أيار 2017 لتنتشر مثل النار في الهشيم وتصل خلال ساعات إلى مئات الآلاف من المشتركين وأعاد تغريدها المئات من المؤثرين على الشبكة الاجتماعية الأشهر في منطقة الخليج (الفارسي): تويتر، ولم ينته الأمر حتى تطور إلى أزمة دبلوماسية خليجية مع شكوك في مؤامرة دبرت بإتقان ووسائل إعلام واصلت نقل رواية واحدة للأحداث متجاهلة وجود رواية أخرى.

 

الامارات تحجب كافة المواقع الاعلامية القطرية

التغريدة أطلقها حساب: أخبار السعودية، والمضمون: الإمارات تحجب موقع الجزيرة.

 

 

وخلفية الحجب خبر (تم نفيه وتكذيبه لاحقا) يقول، إن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تحدث في كلمة مباشرة أثناء تخريج الدفعة الثامنة من مجندي الخدمة الوطنية، أن “لا حكمة في عداء إيران وعلاقة بلاده جيدة مع إسرائيل”، نقلاً عن وكالة الأنباء القطرية “قنا”، الأمر الذي أغضب الإمارات فقامت بما قامت به بحجب موقع الجزيرة ثم حجب القناة ذاتها عن طريق خدمة التلفزيون عبر الكابل.

التوتر الإماراتي تجاه قطر لا يخفى على أحد من المتابعين لأحداث اليمن الأخيرة بعد قيام مقربين من الإمارات وعلى رأسهم محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي الذي أقاله الرئيس عبد ربه منصور هادي، بإنشاء مجلس انتقالي في الجنوب برئاسته “لإدارة شؤون المحافظات الجنوبية وتمثيلها داخل وخارج” البلاد، الأمر الذي أثار حفيظة الرئيس اليمني المقرب من السعودية معتبراً إن هذه الخطوة تمهيد للانفصال.

التوتر الإماراتي من تغطية الجزيرة للأحداث في اليمن لم يكن يجري خلف الأبواب فقط، فكثيراً ما خرج ضاحي خلفان، الذي يعد المتحدث غير الرسمي على الشبكات الاجتماعية باسم السلطات، وانتقد الجزيرة وشكك في الأهداف من وراء تغطيتها لليمن.

 

 

لذلك بدت الأحداث المتسارعة التي تلت خلال الساعات الأولى من الحجب أشبه بسمفونية أعد لها مسبقاً؛ فرغم أن الدوحة خرجت سريعاً لتوضح أن موقع وكالة الأنباء الرسمية “قنا”؛ مصدر الخبر، قد تعرض للقرصنة وأن الكلمة المنسوبة للأمير مفبركة، لأنه “أصلا لم يلق أي خطاب في حفل التخرج”، إلا أن قناة العربية السعودية -التي يرأسها السعودي تركي الدخيل المقرب من الإمارات- وموقعها ضخا خلال ساعات معدودة أكثر من 9 أخبار عن قطر وأميرها والجزيرة وسياستها.

والأخبار جميعها تقريبا تعاملت مع التصريح القطري بأن موقع وكالة الأنباء الرسمية قد تعرض للقرصنة، على أنه مزاعم قطرية وأن الكلمة قد جرت بالفعل.

وعلى مدار الساعات المتتالية نشرت العربية عناوين: أمير قطر لا حكمة في عداء إيران وعلاقتنا جيدة بإسرائيل، ثم تضارب الأنباء حول سحب قطر سفرائها من 5 دول عربية، وتلتها ضاحي خلفان: قطر سخرت إمكاناتها لتكون صوتاً للجماعات المتشددة ، فـ قطر تفضل الإخوان وإيران على الأشقاء العرب، وختمتها بالقرائن .. موقع وكالة الأنباء القطرية لم يكن مخترقاً، والقرائن التي أوردتها العربية اعتمدت بشكل أساس على تيكرات تغطية التلفزيون القطري الرسمي ل حفل التخرج، وتبين أنها مفبركة.

 

التغطية المكثفة للعربية لـ”كلمة الأمير” رغم النفي القطري، لم تمر مرور الكرام على السعوديين الذين سرعان ما أطلقوا هاشتاغ #قطر_تنفي_والعربيه_تنبح، وأصبح ضمن قائمة الهاشتاغات الأكثر انتشاراً في السعودية. إلا أن جهود العربية توجت بحجب موقع الجزيرة في المملكة أيضاً.

لكن، لماذا كانت تغطية العربية أكثر كثافة من تغطية سكاي نيوز الإماراتية رغم أن أبو ظبي هي التي بدأت بالحجب؟

فتغطية سكاي نيوز عربية كانت أقل كثافة واكتفت فقط بـ5 أخبار عن قطر خلال فترة الساعات ذاتها، حتى أن العربية أرادت أن تدخل مصر بنشر خبر عن طلب برلماني عاجل في مصر للرد على التصريحات القطرية، لتكتمل بذلك أركان السمفونية.

لعل تفسير ذلك يعود إلى تنديد قطري نشرته وكالة الأنباء الرسمية في أول يوم بدأ فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسعودية. فقد نشرت الوكالة بياناً تستنكر ما يتم بثه من مقالات إعلامية من قبل عدد من المنظمات حول موقفها من الإرهاب.

ويتولى رئاسة قناة العربية الإعلامي السعودي تركي الدخيل الذي يرأس أيضا مركز المسبار للأبحاث والمقرب من ولي عهد أبو ظبي والرجل القوي في الإمارات محمد بن زايد، وكثيرا ما قام المركز بتنظيم فعاليات وأبحاث لصالح جهات أمنية ورسمية في الإمارات.

وتزامن مع هذه الهجمة الإعلامية على قطر، ندوة عقدتها مؤسسة “الدفاع عن الديمقراطية” بواشنطن، تحت عنوان “قطر والجهات العالمية التابعة للإخوان المسلمين: الإدارة الأمريكية تنظر في سياسات جديدة”، انتقد خلالها خلالها روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي السابق، تقارب “قطر مع الإخوان” الذين وصفهم “بالتلون”، مشيراً إلى إن هناك اتجاها لإدراج الإخوان على لائحة الجماعات الإرهابية أو حتى بعض الجماعات المنبثقة عنها لكن هناك تعقيدات قانونية بهذا الخصوص”.

وقال إنه سبق له زيارة الدوحة وطالب بـ”تغيير سياسات قناة الجزيرة” لكن هذا لم يحدث حسب كلامه، واعتبر أن “الجزيرة كانت تعمل ضد قواتنا”، وأن قطر “لا تقبض على القطريين الموجودين على أراضيها والذين يدعمون جماعات مثل طالبان وحماس والإخوان”.

السومرية نيوز

You might also like