كل ما يجري من حولك

صواريخ مجهولة المصدر تستهدف مقرات دينية في العاصمة السعودية؟!

317

 

في صبيحة هذا اليوم، أيقظت سكان العاصمة السعودية أصوات دوي انفجارات عنيفة جراء سقوط صواريخ في أماكن متفرقة من العاصمة.

-أسفر القصف عن تدمير معظم مقرات المؤسسة الدينية الوهابية في الرياض.

– تكتمت المملكة على الخسائر البشرية، لكن المؤكد إعلاميا كان عدد الضحايا يقارب السبعين من نخب مشايخ الوهابية.

– حتى الآن لم يعرف مصدر القصف، هل هو من البر أم من البحر أم من الجو؟

– لم تتبن أي دولة أو جهة عمليات القصف؟!

– برغم مرور أربع وعشرين ساعة على القصف لم تصدر بيانات تأييد أو استنكار لعملية القصف ، من أي دولة، أو جهة، أو حتى من قبل الأمم المتحدة، أو المنظمات الإسلامية؟!

* تقدير الموقف:

اجتمعت القيادة السياسية السعودية وما تبقى من القيادة الدينية الوهابية في مكان سري ودار الحوار التالي:

-السياسية: ما رأي الدينية بهذه الضربة؟

-الدينية: إنهم الكفار يحاولون إطفاء نور الله، ولسوف يخسؤون…

السياسية: لماذا الآن وبهذا التوقيت بالضبط؟

الدينية: إنهم يعلمون أن انتشار فكرنا في العالم سوف يقضي على حضارتهم المزيفة…نحن لنا الجنة مفازاً وهم لهم النار جزاءً.

السياسية: نعم هذا القول هو القول الفصل، لكننا في السياسة علينا أن نتدبر الأمر، لأن المقصود بهذه الضربة ليسوا أنتم فقط بل نحن جميعا…

الدينية: نعم صدقتم… لكن مثل هذا الأمر له سوابق في التاريخ: حاول العثمانيون فيما مضى إطفاء نور الله، حينما جردوا حملة مصرية علينا ، وبطشوا بنا…ولم ينطفيء نور الله من عقولنا..

السياسية: صدقتم لكن الأمر حينها اقتصر على إعدام أميرنا في الآستانة عاصمة العثمانيين بشكل مهين، فكنا نحن الهدف السياسي على أمل تغيير منهجنا، وحرف ولائنا إلى غير الله…

الدينية: بالمقارنة نستطيع أن نوازي بين قوة العثمانيين فيما مضى وقوة الأميركيين في هذا العصر…فهل نتهم؟

السياسية: على مستوى السياسة نحن لم نقصر أبدا مع أميركا كقوة عالمية، فعدو أميركا عدونا وصديقها صديقنا، حتى “إسرائيل” لم يعد تصنيفها كيانا عدوا مثلما كان ذلك منذ نشأتها في عام 1948م حتى توقيع اتفاقية سلام”كامب ديفيد” ، الاتفاقية التي تعتبر المفترق المصيري بالنسبة لإسرائيل، من حيث أن “مصر” العربية، هي دولة مركز الثقل العربي، إذ لا حرب بدونها، على أمل أن يواكب السلام العربي  سلامها، ولقد رأينا كيف أن الأردن اتبع خطواتها السلمية باتجاه “إسرائيل”.

نحن لا نستطيع أن نكون الدولة العربية الأولى التي توقع معاهدة سلام واعتراف بـ”إسرائيل” في الفترة التي كان فيها مد الفكر القومي في ذروته، أما الآن فنستطيع أن نكون الدولة الإسلامية ذات الأرض المقدسة التي لا يوجد مثيل لمقدساتها في العالم، التي تتصالح مع “إسرائيل”، لوقوفها معنا ضد إيران، كمحصلة من محصلات علاقتنا المشتركة والتحالفية مع أميركا. 

لكننا –وفي السياسة أيضا- بدأنا نشتم رائحة مختلفة من ناحية حثنا بأشكال مختلفة من الخطاب السياسي على التغيير، وعلى أعلى مستويات الإدارة الأميركية، عندما يتهمونننا بأننا بمظلتنا السياسية نشجع على التطرف في الفكر والسلوك القائم على التدين السلفي الشديد، في بلدان إسلامية هامة كـ”ماليزيا” و”إندونيسيا”…ثم هل تظنون أن أميركا قد غفرت لنا-في السياسة أو في القانون- جريمة 11/أيلول 2001م الكبرى التي، لم يرتكبها بحق الأميركيين في الداخل، وعبر تاريخهم، سوى نفر قليل من المواطنين السعوديين المشبعين بتعاليم دينهم، والمستحقين ثناءكم، وبرغم اختلاف بعض وجهات النظر، انظروا إلى القضايا المرفوعة على المملكة من قبل ذوي ضحايا 11أيلول، والذين يأملون بتحصيل تريليونات الدولارات كتعويض، الأمر الذي سيساهم في إفقارنا في اقرب وقت، فيحل علينا ما لم نكن نتوقعه من وبال؟!

الدينية: ربما كنا نختلف معكم في الأسلوب ونؤيدكم في النتيجة، سيما ونحن نشرف على مئات المساجد المنتشرة في العالم نرسخ  عبْرها  فهمنا العريق للإسلام، ونجذب إليه العقول ونتحكم بالسلوك،  متَحدّين المعارضين وشادين على أيد الموالين، ولنا حيلة واسعة من مال وسلطان….في الوقت الذي كنا نعلم فيه حاجة الغرب لفكر ديني يتموضع على تخوم الإتحاد السوفييتي الملحد، بغية تشكيل سد مانع لانتشاره عبر الحدود فتخرب الديار ويخبو نور الله في العالم، أقله بالنسبة لنا….

السياسية: نعم هذا صحيح وقد نجحنا نحن بمعونة إيماننا بنهجكم الذي هو في المحصلة نهجنا لتطويع العالم. وسخرنا (إمبراطورية) إعلامية لنشر الثقافتين الدينية المتشددة، والأميركية المنفتحة، الأولى لمن يوالينا في العقيدة والمذهب، والثانية لمن يخالفنا في ذلك، فنجعله موضع تهديد إعلام موجه لسلب وعي الناس وحرفه عن عداوة “إسرائيل” لصالح عدو آخر برز على الساحة بعد حصار غربي طويل له. نحن كما تعلمون نملك المال، وغيرنا يملك القوة، والمال يستطيع شراء القوة، بالمسالمة، والتراضي، لكن القوة لا تستطيع شراء المال إلا بالعدوان والإكراه… وكذا صمدنا بعد أن لم نكن شيئا يذكر بفضل دعائكم، وما منّ به الله علينا من ثروات فوق الأرض وتحت الأرض.

الدينية: ماذا عدا عما بدا حتى ينقلب علينا من انقلب واستخدم السلاح ضدنا في عقر دارنا؟

السياسية: إن الخوف من سيطرتنا عبر فكرنا القوي على نشاط المجتمعات في الغرب، وقبل ذلك في الشرق، عبر تصحيح البنية الإسلامية للمسلم المغترب،  فنتحول حينها بعون الله، إلى قوة ضاربة، لا يستطيع أحد مواجهتنا، فيخضع العالم لنا….أليست مرجعيات الإمبراطوريات في سعيها إلى السيطرة على العالم، لم تكن في معظمها، عبر التاريخ،  سوى دينية، لا فرق بين أن تكون سماوية أو أن تكون  أرضية، وإن أفول نجم أي منها لم يكن إلا بطلوع نجم آخر له من القوة الدينية ما يكفي لإخضاع الآخرين. هذا باستئناء “الإتحاد السوفييتي” السابق، الملحد الذي سقط شر سقطة بمساعدتنا لمن حاربه، ضمن إطار الاستراتيجية الأميركية، التي  تجمعنا وإياها وحدة المصالح، منذ أن التقى جدنا المؤسس بالرئيس المنتصر “روزفلت” على أرض مصر فور انتهاء الحرب العالمية الثانية كما تعلمون؟!

الدينية: خيٌر ما تقولون، وهذا ما نؤمن به، كما نؤمن أن الإمبراطوريات المعاصرة، والتي تدعي العلمانية سوف تسقط، حتى” أميركا” تلك التي تتربع على عرشها الآن….ولنا في ضعف “أوروبا” العظيمة سابقا، مثال ساطع… على  أن شعارات الحرية والعدالة والمساواة والأخوة والديمقراطية، وغير ذلك، لم تنفعها، ولم تستطيع تصليب تماسكها، كاتحاد كبير، وها نحن نرى كيف بدأت تتفكك أخلاقيا، بدءا من الأسرة، بينما نحن لا زلنا أقوياء اجتماعيا، ونحن نؤمن بأن أميركا تسير على هذا الطريق.

السياسية: سنبقى نشتري إن صح التعبير القوة الأميركية ونستخدمها لصالحنا، وقد رأيتم كيف أثّرنا على الرئيس الأميركي الذي هدد،  وهو مرشح للرئاسة، بضرب أهم رأس حربة لنا نغزو بها العالم. إذن نحن البديل بإذن الله. ما تفضلتم به يعتبر إضاءة ضرورية على درب الوصول إلى تشبيك علاقاتنا مع المجتمعات التي لها نفس التصور الذي يخدم صمودنا أمام رياح التغيير العاتية التي أطاحت بالدول العربية ذات الأنظمة السياسية العلمانية الملحدة.

هنا نريد أن نجيب على تساؤلات أثيرت مؤخرا خلف جدران وعيكم، بخصوص علاقاتنا بـ(إسرائيل) السرية، قديما، والعلنية حديثا، فنقول: (إسرائيل) دولة قامت على القومية، فهي كذلك بحسب دستورها، والصهيونية دليلها، ونحن ضد الفكر القومي، وقد واكب نشوءها قيام دول عربية قومية التكوين السياسي، سيما تلك التي تحيط بها، وما ذلك إلا لإبعاد فتيل الصراع الديني الذي ستكون فيه الغلبة للمسلمين على اليهود، ولأسباب تاريخية معروفة، ومعاصرة، لا داعي للإستفاضة بها، طالما تصب في النهاية كما نعتقد، في قناة تهويد الدولة  الإسرائيلية، وذلك خلافا لدستورها، وهذا لا يشكل معضلة لدينا، وإن الربيع العربي، ما جاء إلا لخدمة هذا الهدف كما نعتقد..لماذا؟ لأن اليهود أكثر إلماما بالتحولات التاريخية بحكم معاناتهم، وتجاربهم، وبالتالي ثقتهم بنفسهم عظيمة، من خلال حسن استثمارعلاقاتهم مع القوى العظمى في العالم…
الدينية: ماذا نفهم بوضوح حول مسألة علاقتنا السياسية باليهود؟.

السياسية: إذا قامت الدولة اليهودية سنحافظ على أنفسنا كمرجعية عالمية لقيام الخلافة الإسلامية طبقا لرؤيتنا، وليس كما يقارب هذا الحلم، مقاربة دموية، كالتنظيمات الإسلامية المتطرفة، والتي سيكون إرهابها بالنسية لنا، مثل كاسحة الألغام التي نستخدمها في تنظيف الطريق أمام جحافلنا المجاهدة، فنظهر بوجه أقل تطرفا من هؤلاء، كي نكون أكثر قبولا على المستوى العالمي، خاصة من قبل اليهود الخطرين، وسوف نظهر بالشكل الذي لا يتعارض مع طموح وآمال الشعب اليهودي في الحياة المؤملة، والمديدة له في الشرق، وفي قلب تاريخه فوق أرض فلسطن…ألا ترون أن سياسيين كبارا في أميركا اعترفوا بأنهم وراء إنشاء تنظيمات إسلامية يتهمونها بالتطرف، وهي تريد تطبيق شرع الله؟ ونحن لا نعترض، فمن ناحيتنا أعلنا الحرب على الإلحاد، منذ أيام الحرب الأفغانية ضد السوفييت. نحن بسياستنا ، وأنتم بمددكم الإيماني لنا، ومعا استطعنا إبعاد شبح الإلحاد عن تخومنا القريبة، فثبتت رؤيتنا.

الدينية: إذن لا تعارض بين قيام الدولة اليهودية والخلافة الإسلامية…

السياسية: لا تعارض، فبرغم كوننا الآن نتحكم عبر المنظمات الإسلامية بمشاعر المسلمين السياسية، وحتى بتوجههم المذهبي بشكل عام، ما نعتبره بديلا مقبولا للخلافة الإسلامية، لافتراضنا بأن إحياءها على الطريقة العثمانية الجديدة وبنفس الإسم سيلقى الآن معارضة عالمية قوية، وذلك لأسباب تاريخية. إن الدولة اليهودية تحتاجنا كيلا تكون الدولة الدينية الوحيدة التي يعترض عليها المجتمع الغربي، إذ أنها أعجز من أن تفرض صبغتها الجديدة، من حيث كونها دولة فقيرة، ونحن الأغنى فنكون داعما قويا لها في الشرق، وهي داعما قويا لنا في الغرب، وكمحصلة سنضعها في جيبنا، مثلما يقول المثل…

الدينية: الآن اتضحت أمام عقولنا الأسباب الداعمة لمديد علاقتنا مع الغرب، وابتداء علاقتنا مع اليهود…نعم اليهود يعرفون من أين تؤكل الكتف، ونحن نستحسن، ولا نقيس، بغية بناء علاقة تأسيسية معهم، على قاعدة جنوحهم للسلم معنا، ومن ثم تبادل المنافع، خاصة من خلال وقوفهم معنا ضد ألد أعدائنا المذهبيين في الشرق، ونحن متأكدون أن كفتهم سوف لن ترجح على كفتنا، من حيث العدد والقوتين الفكرية والمالية، كمسلمين، برغم وجود رأي عام واسع يتهم :” بلادنا ودعاتنا  وعلماءنا بنشر الارهاب  في العالم وهذا باطل”
السياسية: لهذا نحن نعمل على تنظيف الطرق أمام تحركنا، كيلا يبقى أي أثر لمعارضتنا من قبل الدول العربية التي تتمزق الآن، ونحن ندعم ذلك، مثلما أنتم تدعمونه، وتعانون من كثير من الإتهامات الظالمة، كالتطرف والتكفير، ووسم هويتكم التاريخية بالإرهاب كما قلتم. اتفق العالم ضدكم أو كاد، وهو الآن يضغط علينا للضغط عليكم، بفضل استشعاره الخطر الذي سيطيح بقوة أعتى الإمبراطوريات…المسلمون منتشرون في العالم، وفي أهم جغرافياته السياسية التي تقود العالم..ونحن لنا يد ممدودة لهم، رعاية مالية وسياسية ومذهبية…لا نريد شيئا من العالم سوى تركنا بحالنا نقطف ثمرة صبرنا ومعاناتنا، وسنعوض ما فات المسلمين من كرامات وعزة عبر تاريخهم التراجعي من الأندلس تحت ظل الراية العربية، ومن ضواحي “فيينا” عاصمة النمسا تحت الراية العثمانية.لذلك نرى بأم أعيننا كيف ينقلب العالم علينا، ونحن نتجاهل ذلك عن قصد، فنحارب في اليمن حرب تمكين، وفي كل مكان في دنيا العرب، حرب نفوذ، وكل من يمكن أن يعارض رؤيتنا بخصوص الآلية والكيفية التي سنطبق بهما شرع الله.

الدينية: نعم بارك الله فيكم. لقد عرفنا الآن، كيف يتحين العالم، الأصدقاء قبل الأعداء،  الفرص لتوجيه الضربة القاضية إلينا، حرصا على مصالحه ونحن على أتم الإستعداد  للمواجهة. فلنستفد في هذا السياق من قوة نفوذ اليهود العالمي، لكسب مزيد من السكوت عما نطمح إليه، طالما، وكما يتضح يوما بعد يوم، أن ر ضى القوى العالمية، وعلى رأسها “أميركا” من رضى اليهود.!

السياسية: أوجزتم وقربتم البعيد بحسن تأويل مسارات الحركة اليهودية في العالم، وها نحن نستجيب لمشورتكم بإذن الله، وجزاكم الله خير الجزاء…

الدينية: علينا القيام معا، منذ هذه اللحظة، بالسعي الحثيث لكشف مصادر هذه الخطوة الخطيرة ضدنا، والتي مثلها القصف الصاروخي المفاجئ، فالأيام حبلى بالمفاجآت التي يمكن تصور خطوطها العريضة الخطرة، لكن التفاصيل، كتوجيه ضربات صاروخية مجهولة المصدر، والتي يمكن أن تتكرر، على مقراتنا، مثلما حدث اليوم، باعتبارنا، و كما يحسبون، الأب الروحي لكل الأعمال التي يسمونها إرهابية، وينسبون إلينا عمليات القتل التي تحصل باسم الإسلام في جميع أنحاء العالم.

إن استشهاد خيرة أشخاصنا في القيادتين عبر هذه الضربة، سوف لن يفت من عضدنا، ويضعف جهادنا في سبيل إعلاء كلمة الله في مشارق الأرض وفي مغاربها بإذن الله. وأخيرا علينا ألا ننسى جميعا أنه:

*في صبيحة هذا اليوم، السابع من نيسان من عام 2020م استفاق أهلنا في مدينة “الرياض” عاصمة المملكة، على دوي أصوات انفجارات هزت العاصمة، وأدخلت الرعب إلى قلوبهم لأول مرة بهذا الشكل.

بهذا القول ختمت القيادة الدينية الإجتماع.

** بنفس التاريخ: السابع من نيسان من عام 2020م، انتهى اجتماع القيادتين الذي دام ساعات طويلة،،وبدأ النشاط السياسي-الديني للمملكة السعودية ينتشر عبر الأثير، بغية تطويق ما حدث، بعد أن تم التوافق، بدون أي معارضة تذكر، على تغيير اسم المملكة، لتصبح المملكة السعودية، بدلا من المملكة العربية السعودية، لفوات المنفعة التاريخية من ذلك، واستعدادا بالشكل المناسب لتطورات المقبل من الأيام.

علي الدربولي – رأي اليوم

You might also like