«نيويورك تايمز»: معركة الحديدة تمهّدُ للتسوية
ومع الإشارة إلى تحذيرات المنظمات الحقوقية من تداعيات هجوم «التحالف» المرتقب على ميناء الحديدة، تحت ذرائع وقف «شحنات الأسلحة الإيرانية»، أوضحت الصحيفة عزم الإدارة الأمريكية على المضي قدماً في خطط تقديم المزيد من الدعم العسكري والاستخباري، للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في إطار «الحملة العسكرية المكثّفة ضد الحوثيين» في اليمن، انطلاقاً من قناعة إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأن الضغط العسكري على الجماعة من شأنه أن «يدفع باتجاه استئناف مسار المفاوضات، برعاية الأمم المتحدة»، وإنهاء الصراع هناك «في أقرب وقت ممكن».
وفي السياق عينه، حذّرت الصحيفة من أن «الأوضاع سوف تزداد سوءاً، في حال قام التحالف، بقيادة السعودية، بشن هجوم على ميناء الحديدة»، الذي تمر عبره معظم شحنات الغذاء القادمة إلى البلاد، لافتة إلى «سعي الدول العربية السنية للحصول على دعم استخباراتي واستطلاعي من الولايات المتحدة، بهدف طرد المقاتلين الحوثيين» من الميناء الواقع على السواحل الغربية لليمن، والذي لحق به دمار كبير، جراء غارات «التحالف» على مدى العامين الماضيين. ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤولين دوليين في مجال الإغاثة الإنسانية قولهم إن «القصف المتواصل للمدينة سيعمّق النقص الحاد في الأغذية»، وهو الوضع القائم أصلاً. وبحسب الصحيفة، فإنه «حتى ولو كانت الضربات الجوية السعودية دقيقة، فمن المحتمل أن تؤدي إلى شلل في عمل البنية التحتية للمدينة، وتوقف عبور الإمدادات الغذائية عبرها».
وأوردت الصحيفة كلام ماتيس بشأن الدور الإيراني في «زعزعة الاستقرار في اليمن»، مشيرة إلى أن زيارة الأخير للعاصمة السعودية «تمهّد الطريق لزيارة ترامب الأولى إلى الدولة الغنية بالنفط»، خصوصاً وأن العلاقات الأمريكية – السعودية خلال عهد الرئيس ترامب تشهد انتعاشة، وذلك قياساً بما كانت عليه خلال فترة سلفه، باراك أوباما، وفق «نيويورك تايمز». وعلى هذا الأساس، أوضح تقرير الصحيفة، الذي أعدته هيلين كوبر، أن «ترامب سوف يكون موضع ترحيب أكبر من أوباما، الذي قامت إدارته بالتوقيع على اتفاق نووي مع إيران، رغم اعتراضات المملكة العربية السعودية، وحلفائها من الخليجيين السنّة»، فضلاً عن دأبها على «الانتقاد العلني» لحملة الغارات الجوية، التي تقودها الرياض في اليمن، جراء ارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين الناجمة عن تلك الغارات، مع التذكير بأن «آخر ما أقدمت عليه إدارة أوباما تمثل بوقف توريد ذخائر دقيقة التوجيه» في ديسمبر الفائت، على خلفية مخاوف مشابهة أرجعها مسؤولون في إدارة الرئيس السابق إلى «عدم دقة» الغارات الجوية السعودية. وتابعت كوبر بأنه «يتعين على ترامب أن يقرر ما إذا كان سيستأنف توريد الأسلحة إلى السعوديين، وما إذا كانت وزارة الدفاع الأمريكية، التي قدمت المساعدة في جهود الحرب ضد الحوثيين، سوف تتشارك المزيد من المعلومات الاستخبارية» مع الرياض، وما إذا كانت سوف «تقوم بتوفير المزيد من المساعدات العسكرية، من بينها تعزيز قدرات التهديف» لدى الأطقم العسكرية السعودية.
ولفتت كوبر إلى شعور المسؤولين الأمريكيين بـ«القلق» إزاء الحملة السعودية المتواصلة داخل اليمن، من جهة، وقناعتهم، من جهة أخرى، بأن الرياض، وخصومها «سيكونان أكثر استعداداً للقبول بالتسوية بعد جولة عسكرية أخرى»، في إشارة إلى معركة الحديدة المرتقبة، حيث «لن يقبل الحوثيون بالعودة إلى طاولة التفاوض، إلا إذا كانوا في وضعية أضعف، من الناحية العسكرية»، فيما «يحتاج السعوديون إلى وسيلة ما لحفظ ماء الوجه، من أجل تبرير حرب» ضروس، ألحقت الضرر بـ«صورتهم في الخارج، بحيث كشفت عن نقاط الضعف في (أداء) القوات المسلحة السعودية».
وشرحت الكاتبة مبررات «ميل» واشنطن إلى وجهة النظر الإماراتية، كونها ترمي إلى «الضغط العسكري» على «الحوثيين» من أجل «دفعهم للعودة إلى طاولة المفاوضات»، بعكس ما ترمي إليه السعودية، وهو «إجبار جماعة الحوثي على الاستسلام». وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة الأمريكية عن مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، جون ألترمان قوله «إن مشكلة السعوديين تتمثل في أن الغارات غالباً ما تضر بالصورة العامة للسعودية، عوض إضعاف جماعة الحوثي»، موضحاً أن الجماعة سوف تبقى «قادرة على زعزعة أمن الميناء»، حتى في حال فقدته، ونجحت المملكة العربية السعودية، وحلفاؤها بالسيطرة عليه. وتابع ألترمان حديثه للصحيفة قائلاً: «في تلك الحالة، سيكون من الصعب توفير المساعدات الإنسانية لسبعة ملايين يمني، معرضين للمجاعة، عبر الميناء. أظن أن المسؤولية المترتبة عن وقوع أي كارثة إنسانية سوف تكون على عاتق السعوديين، والإماراتيين، وليس الحوثيين».