“تحالف العدوان” يستعدّ لاقتحام الحديدة: “هولوكوست المجاعة” قادم!!
على الرغم من أن الحديدة لا تشكل تجمعاً سكانياً استثنائياً من حيث الحجم، فإنها تعد المنفذ الوحيد الذي يمد محتاجي اليمن بالمساعدات الانسانية والاغاثية، بعدما أغلقت كل المنافذ أمامهم وعزلوا عن العالم، لكن بنظر حكومة الرئيس هادي، الحديدة مصدر إمداد مهم جداً لـ”اقتصاد الحرب”، لذا تثير نيتها في استعادتها كل هذه المخاوف السياسية والتي تتخفى خلف التحذيرات الانسانية لروسيا والأمم المتحدة، بحسب المؤيدين لفريق الرئيس هادي، والذين يقولون إن الجهات الدولية لم تكلف نفسها عناء السؤال عن مصير المساعدات التي تصل إلى ميناء الحديدة ومن ثم تختفي، حد قولهم.
وتعليقاً على ما تقدم، يرى مصدر في حكومة هادي، في حديث إلى “العربي”، أن “الشرعية والتحالف، وأطراف دولية، يرون أن تحرير اليمن وإسقاط الانقلاب إسقاط للأذرع الإيرانية التي تريد أن تبقي عليه كورقة ابتزاز في المنطقة، ولا بد من الوصول إلى الحديدة، كونها آخر أوراق المليشيا الحيوية وآخر المجالات التي ممكن ويتم استخدامها لتهديد المجال البحري ولا بد من السيطرة عليها”.
فيما يتوقع المحلل السياسي ياسين التميمي، في حديث إلى “العربي” أن “استعادة الحديدة في معركة عسكرية ستكون لها كلفتها الانسانية، ولكل حرب كلفتها، وهناك موازنة صعبة بين تحرير ينهي الحرب وبين بقاء الحديدة ومينائها مصدر إمداد لمعركة طويلة يصعب التكهن بنتائجها الكارثية على البلاد”.
ومن جانبه، يرى الخبير الإستراتيجي علي الذهب، في حديث إلى “العربي” أن “أي اقتحام عسكري منظم لمدن آهلة بالسكان، تحتل المسألة السكانية موقعاً أثيراً في الخطة الشاملة لهذا لاقتحام؛ لأن سكان المدن، خاصة الكبيرة، يمثلون سلاحاً ذا حدين، فإذا أتيح للفوضى أن تنشأ وتتسع رقعتها، فإنه قد يتعذر كبح جماحها إلا بعد وقوع خسائر بالغة في صفوف سكان المدينة ومواردها”.
كما يعتقد أن “التخوف من اجتياح الحديدة عسكرياً في محله، و قد يكون عدماً في ظل وجود خطط الاحتواء أو حوكمة واقع ما بعد الاقتحام، لدفع الحياة الطبيعية إلى المسار الأمثل”.
من خلال المعطيات التي تدور، وبعد عامين من الحرب، يبدو أن العودة إلى طاولة الحوار للحد من المأساة الانسانية ما زال صعباً، فتداول الصراع بين الدول العظمى هو ما يجعل الأطراف السياسية تتهرب من إبداء الحلول على موائد التفاوض، والدخول في رهان كسب الوقت لخلق مكاسب على الأرض وتوطيد النفوذ حسب ما يرى مراقبون، الأمر الذي يفضي إلى بقاء الرهان على الحسم العسكري على الأرض، رغم المخاوف الدولية من ذلك، ولهذا تأتي تحركات المبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، تلبية لرغبات هذه الأطراف التي لا يمثل الحسم العسكري أحد خياراتها، خصوصاً وأن تصورات الحل السياسي بنيت على أساس يفضي إلى إنهاء دور الرئيس هادي.
وما بين هذا وذاك، تتفاقم الأوضاع الكارثية في البلاد، لاسيما في مدينة الحديدة، على نحو مخيف، في حين أسفر النزاع في اليمن عن مقتل أكثر من 7 آلاف شخص، وإصابة أكثر من 36 ألفًا آخرين، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، آخره ما حدث من قصف جوي على مدينة الخوخة، وأيضاً مقتل أكثر من 40 لاجئاً صومالياً الجمعة 17 مارس 2017، بينهم نساء وأطفال، في إطلاق نار على مركبهم الذي كان ينقل 150 لاجئاً قبالة ميناء الحديدة، وقد وثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تفاصيل الهجوم على القارب، إذ أشارت إلى أن صور القارب الملتقطة في اليوم التالي للهجوم عليه تظهر آثار دمار تتسق مع كونه أصيب بنيران في غارة جوية. كما أشارت إلى أنه على الرغم من إنكار جميع أطراف النزاع المسؤولية عن الهجمة، إلا أنه لا يملك من الأطراف مروحيات عسكرية سوى “التحالف” بقيادة السعودية، على الرغم من أن “التحالف العربي” بقيادة السعودية، خرج ليطالب بوضع ميناء الحديدة تحت إشراف الأمم المتحدة، وأكد في بيانه أنه “غير مسؤول عن الهجوم”، والذي وصفه البعض بأنه محاولة للتخفيف من الضغوط التي تمارس عليه من قبل أطراف إقليمية ودولية ومنظمات مستغلين الوضع الإنساني الكارثي الذي تتعرض له اليمن حالياً.
مستشار وزير الإعلام في حكومة هادي، مختار الرحبي، أكد في حديث إلى “العربي” أن طلب “التحالف” الإشراف على ميناء الحديدة جاء بسبب “استخدامه في تهريب الأسلحة للحوثيين، ناهيك عما يقومون به من نهب المساعدات الإنسانية”.
ويتخوف كثيرون من انزلاق اليمن نحو أكبر مجاعة تاريخية، نتيجة التصريحات حول احتمال اجتياح الحديدة عسكرياً. وقد حذرت وزيرة حقوق الانسان في حكومة الإنقاذ، علياء الشعبي، في حوار سابق مع “العربي” من أن المعارك إذا وصلت إلى الحديدة وتم إغلاق الميناء ستدخل البلاد بكارثة إنسانية “لن تستطع الجزيرة العربية تحمل تبعاتها”.