“ذي هيل”: “حــذار انجـرار واشنـطـن إلى مستنقع اليمن”
مع اقتراب دخول الحرب في اليمن عامها الثالث، علّق موقع “ذي هيل” بالإشارة إلى أن “الحكومة اليمنيّة، وداعميها من دول التحالف، بمن فيهم السعوديين، يصعّدون جهودهم العسكريّة بشكل متسارع”، مع التذكير بأن “إدارة أوباما كانت قد نصحت شريكتها المقرّبة، المملكة العربيّة السعودية، بعدم الانجرار إلى حرب استنزاف، تم تغذيتها جزئياً، من قبل الإيرانيين بتكلفة منخفضة جداً”.وأشار الموقع إلى مطالبة الدول الحليفة للولايات المتحدة بزيادة دعمها في حرب اليمن، من خلال توفير المزيد من الأسلحة والذخائر الموجّهة لقوات “التحالف”، بالتزامن مع إعلان حكومة الرئيس هادي الأسبوع الماضي، نيتها “إستعادة السيطرة كامل الساحل اليمني على البحر الأحمر، بما في ذلك الميناء الأكبر في مدينة الحديدة”، مضيفة أن واشنطن معنية، قبل الاستجابة لمطالب حلفائها، بالإجابة على “أسئلة صعبة” تتعلق بما إذا كان التصعيد المشار إليه، والاستراتيجية الكامنة خلفه، “يعليان من شأن المصالح الأمريكيّة”، أم أنه لا يعدو كونه “مساهمة في حرب طويلة الأمد”، وفي “مفاقمة (أزمة) المجاعة في اليمن”.
وبعد الإشارة إلى أنه “من المرجّح أن يرخي تصعيد الجانب اليمني، وقوات التحالف، بظلاله على أوضاع القتال، سواء على الساحل، أو في الداخل اليمني”، لفت تقرير الموقع إلى أن الأوساط الديبلوماسيّة والشعبيّة تفيد بأن “هذا التصعيد سيساعد في إحلال التوازن على طاولة المفاوضات”. وبحسب “ّي هيل”، ربما يكون “هناك حاجة إلى تحقيق التوازن، لكن النهج الحالي ربما يكون أقرب إلى مسار حرب، من أن يكون مسار استراتيجيّة”. وفيما يخصّ الهواجس من أن تسهم سيطرة حكومة الرئيس هادي على كافة موانىء البلاد، بقطع أو تقليص الإمدادات الغذائيّة إلى المواطنين اليمنيين، وسط، وشمال البلاد، نقل التقرير عن أحد المسؤولين اليمنيين نفيه لهذه الفرضيّة، وتأكيده على أن توزيع المواد الغذائيّة سيصبح “أكثر نشاطاً وفعاليّة”، و”عدالة” في سائر أرجاء اليمن. مع ذلك، “وسواء أكان لديك شكوك إزاء هذه النوايا، أم لا، فإن الحصول على المواد الغذائيّة عبر خطوط الاشتباك، وعلى نطاق واسع، لهو أمر ثبت غالباً أنه أقرب إلى المستحيل”.
وتابع التقرير الذي أعدّه إريك بيلوفسكي، بأنه “نتيجة لذلك، سوف يتم تضييق الخناق على العاصمة صنعاء، ومعقل الحوثيين في صعدة، باستخدام أساليب تمزج بين الضغط الاقتصادي، والإنساني”، لافتاً إلى أن “90 في المئة من المساعدات الإنسانيّة الأممية، ونحو 70 في المئة من واردات البلاد من المواد الغذائية، في الفترة السابقة للحرب، كانت تمر عبر الموانىء اليمنيّة على البحر الأحمر. وعن فعالية هذه الأساليب، أوضح بيلوفسكي، أن أغلب الآراء تجمع على أن “الحوثيين لا يمكن إزاحتهم بسهولة عبر الضغط الاقتصادي أو الإنساني”، وذلك بالنظر إلى “تاريخ الحوثيين”، و”عزمهم على الصمود والمثابرة في وجه خصوم أفضل تسليحاً”، موضحاً أن “هذه الاستراتيجيّة سوف تولّد، مع مرور الوقت، ضغوطاً شديدة على المواطنين اليمنيين الذين يعيشون في مناطق وسط، وشمال البلاد، على أمل أن يصبّ سخطهم في نهاية المطاف على الفاعل العرضي (الحوثيين)، وليس الفاعل المباشر، والمسؤول (الحكومة اليمنيّة وحلفائها من دول التحالف)”.وأضاف بيلوفسكي أن “هذه الاستراتيجية من شأنها أن تفاقم الوضع الإنساني المتردّي أصلاً” داخل اليمن، مشيراً إلى أن “النهج الأمثل في هذا الخصوص يكون بتركيز (جهود) التحالف على التهديد الحوثي للمدنيين السعوديين، ولحركة الشحن والملاحة الدوليّة، وذلك عبر دعم جهود التحالف لزيادة الضغط العسكري على طول الحدود السعوديّة، وضرب (مخزون) الصواريخ الباليستية الذي يسيطر عليه الحوثيون، فضلاً عن التخلّص مما بحوزتهم من صواريخ مضادّة للسفن”.هذا، وشدّد التقرير الذي حمل عنوان: “التصعيد في اليمن ينذر بالمجاعة والانهيار والإطباق على إيران”، على ضرورة أن يكون هناك “نهج ديبلوماسي مواز، يقبل بتدابير سياسية وأمنية متدرّجة، ومتسلسلة، على غرار تلك الموجودة في خارطة الطريق التي وضعتها إدارة أوباما”، معلّقاً على الآمال التي يمكن أن تتمخّض عنها زيارة الرئيس الإيراني الأخيرة للكويت على هذا الصعيد.واعتبر بيلوفسكي أن “النهج الديبلوماسي” المشار إليه يجب أن يشتمل على “تقديم دور (وتمثيل) في الحكومة لمختلف الأفرقاء اليمنيين، بمن فيهم الحوثيين”، مع الحاجة إلى “اختبار مدى استعداد الحوثيين للتخلّي عن (أماكن) سيطرتهم العسكريّة في مقابل هذا الدور”، شارحاً بأن هذا الاختبار يجب أن يأتي بشكل “متدرّج”، و”دون أن يكون (الحل المقترح) مرادفاً للاستسلام” في عيون “الحوثيين”.إلى ذلك، أردف التقرير بأن الأوضاع في اليمن، هي قيد الدراسة من قبل فريق إدارة ترامب للتعامل معها كـ”تهديد إرهابي”، مضيفاً أنه “وفي الوقت الذي تقوم فيه الإدارة الجديدة برسم سياستها تجاه اليمن، يحتاج صنّاع القرار في الولايات المتحدة إلى النظر بعناية في الاستراتيجيات المتّبعة من قبل الشركاء” داخل الميدان اليمني. وختم التقرير بالتأكيد على أن سياسة “التصعيد” وحدها لن تفلح في إلحاق الضرر بالعلاقة بين “الحوثيين”، وإيران، داعياً الولايات المتحدة إلى عدم الفبول بنهج يجعل من الشعب اليمني “رهينة هذا الصراع”، والابتعاد عن استراتيجيّة تجرّ واشنطن عميقاً في “مستنقع معدّ إيرانيّا داخل اليمن”.