كل ما يجري من حولك

هل أصبح ترامب بطلاً خليجياً ؟!

443

 

لدى مراقبة الاعلام الخليجي الرسمي التابع للانظمة الخليجية التي بمجموعها لا تكاد تصل الى مرتبة الجارية عند السيد الامريكي ؛ لا يستغرب المراقب ابدا وجود هذا الكم الهائل من المقالات والتغريدات المباركة لتهديدات ترامب للجمهورية الاسلامية الايرانية.

فهذه الانظمة التي كانت داعمة لخصم ترامب في الانتخابات اي المرشحة كلينتون ؛ والتي كانت تدفع بقوة للحيلولة دون وصول ترامب الى البيت الابيض ، نجدها في قمة السعادة لهذه التهديدات التي اطلقها ترامب ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية . فما عدا مما بدا ؟ فقد كنتم من الداعمين لكلينتون ضد ترامب ، وكان ترامب من اشد الساخرين والمستهزئين منكم ومن طريقتكم في الانقياد والمطواعية والعمالة والتبعية الى حد انه صرح بانه ان وصل الى مطار السعودية سوف لن يلتقي بملك العائلة المالكة الا اذا  كان تحت قدمه بالمطلق.

واذا اردنا ان نقف على اكثر  المواقف سخرية قبل وصول ترامب الى البيت الابيض وبعد وصوله فما علينا الا ان نقرأ تصريحات ضاحي خلفان تميم وامثاله واضرابه الذي تحدث عن ترامب بوصف وصوله الى البيت الابيض خطرا عظيما ، ثم تحدث عنه بعد وصوله بوصفه رئيسا محترما.

 ان الذي عدا مما بدا هو ان ال سعود فتحوا خزائنهم لترامب باضعاف مضاعفة مما فتحوها لغيره من الرؤساء من قبل لنيل رضاه ، وما اشترطه ترامب على الانظمة العربية الدائرة بفلكه تحقق باكثر مما يطلب.

وعودا على بدء ، فقد فرحت الاعراب التي هي اشد كفرا ونفاقا بتهديدات ترامب ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية ،  وبحسب ما ورد في جريدة الرؤية العمانية  ” لم يتفاجىءاحد المعلقين السياسيين كثيرا بالتغريدة التي كتبها الإعلامي السعودي تركي الدخيل على موقع “تويتر”، وطالب فيها متابعيه بتوجيه كلمة “لشكر ترامب على مواجهته للإرهاب الإيراني”، بعد تجربتها الصاروخية الأخيرة؛ فبعد التهديدات التي وجَّهها الرئيس الأمريكي ترامب لإيران لم يتوقف بعض الكُتَّاب الخليجيين من كيل المدائح له وكأنه البطل القومي الذي جاء من أجل التصدي لـ”المشروع الإيراني” في المنطقة، وإعادة الأمن والسلام إلى ربوع العالم.

نعم لقد كالوا المديح الفائق لترامب ظنا منهم انه رئيس اتى من خارج السياق الامريكي المتعارف والمألوف ليحقق لهم حلم ازالة الجمهورية الاسلامية الايرانية التي باهتمامها بفلسطين وبالهموم العربية والاسلامية وبقضاياهم العادلة فضحت زيفهم وشعاراتهم واثبتت بأنهم تنابل واهل خمول وكسل وفشل.

 يقول احد المعلقين السياسيين متحدثا عن احد الصحافيين  الذين هم  في الاطار السعودي : ” في جريدة “اليوم” السعودية يوم الأحد الماضي بعنوان “لطف أوباما مع إيران!” حاول فيه  – اي هذا الكاتب – أن يزايد على الأمريكيين ويكون أمريكيا أكثر من الأمريكيين أنفسهم، وقال فيه إنَّ الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما كان لطيفا مع الإيرانيين، وكانت إيران في عهده “تسرح وتمرح في المنطقة، بينما الإدارة الأمريكية السابقة تمسح على رأسها وتطبطب على كتفها، وتخسر نتيجة ذلك حلفاءها التقليديين”.

وكتبت كاتبة مقالا في جريدة “السعودية” في نفس اليوم بعنوان “رعب النهايات قادم”، قالت فيه: “لن يكون الحل بعيد المدى حتى لو كان الثمن إزاحة ملالي طهران، وتغيير النظام في إيران، كما صرح به بولتون”.

الحق يقال : ان هؤلاء كالضفدع الذي يكون في بئر ، وعندما ينظر الى فوهة هذه البئر لا يرى الا قطعة صغيرة من السماء ، فيتوهم بأن هذه القطعة هي كل السماء وهم هكذا فهم يظنون ان كل الدنيا امريكا ، ولم يستيقظوا بعد ليعلموا ان عصر الاحادية الامريكية قد ولى منذ زمن ، والعصر الان هو عصر الشعوب المتحررة التي راهن عليها الامام الخامنىي دام ظله بعد الله تعالى بالرد على تهديدات ترامب بالحضور الميداني والكثيف في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية المباركة.

ان هؤلاء الذين يفرحون لتهديدات ترامب يتوهمون ان ترامب يهتم بهم ؛ في الوقت الذي هو غارق فيه بالانا الامريكية الى ابعد مدى ولولا فتح خزائن ال سعود وكل عائلات ( ال كذا ) في الخليج الفارسي ، ولولا اسرائيل ؛  لما اهتم بملف الشرق الاوسط بالكلية ، ولطوى كل هذا الملف وجعله نسيا منسيا ولم يكن ليرضى بأن يطرق على سمعه  الشرق الاوسط ولو بالاسم فقط.

ان اوباما يا من تفرحون لتهديدات ترامب فعل من ناحية سفك الدماء وازهاق الارواح البريئة ، وحصار اقتصادات الدول وتجويع الشعوب ، وإدامة الفتن بين العرب والمسلمين بعد اشعالها ما لم يفعله غيره من قبل وربما ما لن يفعله غيره من بعد ، ولكن بوجه مقنع وبيد ملساء ناعمة . تماما كاليد الناعمة التي تذبح بالسكين .فهو لم يكن لطيفا مع محور المقاومة والممانعة ومع الشعوب المظلومة والمضطهدة ابدا .  والدليل على ذلك الحرب الشعواء التي شنها ال سعود على اليمن والتي فاقت جرائمها واحقادها كل جريمة وكل حقد والدليل على ذلك ليبيا والدليل على ذلك سوريا وفلسطين وديمومة الحصار على ايران فاين كان اوباما لطيفا ؟ ولقد كفانا قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد على خامنئي دام ظله عن ذكر الادلة على ذلك عندما تحدث عن عهد اوباما الدموي.

اما ترامب الذي تفرحون بتهديداته ضد ايران الاسلام ، والذي تصورونه كبطل قومي لكم ، فهو خير من سلفه اوباما بنقطة ظاهرية  وهي ان وجهه مكشوف وواضح ، وصراحته كما عبر الامام الخامنئي دام ظله جعلت الشعوب تعرف حقيقة ودور الادارة الاميركية ، واراحتنا من عناء وتعب تنبيه الشعوب الى هذه الحقيقة لمدة مديدة من الزمن.

ان عليكم يا من تفرحون لتهديدات ترامب ان تعلموا بأن ترامب لن يستطيع تحقيق امنياتكم الباطلة ، ولن يستطيع ان يحقق ولو جزء انتصار على طول خط الصراع بين محور الشر الامريكي الخليجي الصهيوني التكفيري ومحور المقاومة والممانعة .

ان على الذين يفرحون لتهديدات ترامب ان يجيبوا الشعوب العربية والاسلامية عن عدة اسئلة حول ترامب : فقد اساء ترامب في تصريحاته للانظمة الخليجية التابعة لامريكا بطريقة ساخرة ومسيئة جدا الى حد اننا تصورنا انه سلطان يعبث مع جاريته المملوكة . فاين كرامتكم من ذلك ؟ ولقد حظر ترامب سفر رعايا سبع دول بسبب فتن وحروب اشعلتها ادارة اوباما اي امريكا نفسها فما هو ردكم ؟ ولقد قرر ترامب نقل السفارة الامريكية في فلسطين الى القدس كاعتراف واضح وصريح بانها عاصمة ابدية لدويلة اسرائيل الغاصبة فما هو جوابكم ؟ واذا شن نفذ ترامب تهديداته ضد ايران الاسلامية فما هو مصيركم ؟ هل ستكون تداعيات الهجوم على ايران بالقدر المتيقن اقل من تداعياتها على غزو العراق ؟ وانتم تعلمون ان ايران الاسلام القوية والمجهزة لها من الوزن والثقل ما يكون اقله زوال عروشكم في هذه الحرب لاسيما وانكم الاقرب لها من حيث الجغرافيا والاقربون اول الناس تأثرا بالحرب واول الناس ضررا وخرابا.

ثم ها انتم هؤلاء قد اجتمعتم بكل حقدكم وبكل امكانياتكم المدعومة امريكيا واسرائليا وعربيا ضد اليمن ودفعتم بذلك اغلى ثمن وما زلتم تتعثرون باذيالكم وتتخبطون بجلابيبكم ، وتبولون على اعقابكم فمن اين لكم القدرة على تحمل تبعات وتداعيات الحرب على ايران.

من الواضح انكم لم تتعلموا ولن تتعلموا من الدروس والعبر التاريخية السابقة ، لانكم لم تكونوا يوما الا ارضا للقدم الاميركية التي تعرف قياسكم جيدا ، وكل من يكون مقاسا للقدم الامريكية لن يفقه ابدا حياة وكرامة الشعوب هذه الشعوب التي ستزيل عروشكم في الحجاز والبحرين والامارات وفي كل الخليج الفارسي.

اما الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تتلقى تهديدات صوتية فارغة من ترامب فقد اوصلت رسالة الرد لامريكا ولكل من يفرح بتهديداتها من قبل قائدها الامام الخامنئي دام ظله ، وهذا الرد هو رد الشعب الايراني في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية الايرانية ، والذي لا شك سيكون حضوره العارم والكثيف اكبر رد واهم رد على تهديدات ترامب ، ومن يحيل الرد على الاعداء الى الشعب لا شك منتصر ، وكل قائد اذا اراد الانتصار عليه المراهنة على شعبه بعد الله تعالى.

*بقلم الشيخ توفيق علوية

You might also like