حمدة الأشطل… كأنه وجه اليمن
إذاً هي أسرة فقيرة، قتل عائلها الوحيد، ودمّر منزلها وأحرقت سيارتها، وبقي من أفرادها أمّ ثكلى وطفلان جريحان. يرى الشيخ محمد علي طعيمان، من أبناء المنطقة، في صورتها (الأم حمدة) أنّها باتت أيقونة لحشد قبلي للثأر، ويضيف “هي أم كلّ اليمنيين الأحرار التي فقدت أسرتها بقصف الطيران الوحشي، تبتهل بإصبعها إلى الله، وترسل بتجاعيد وجهها المكلوم صورة من الألم إلى كلّ حر بالعالم لتحيي ضمائرهم ضد العدوان الوحشي على اليمن”، حسب تعبيره.
وفي حديثه إلى “العربي”، يشير الشيخ حسن المرادي ، من أبناء المنطقة، إلى تعرّض مديرية صرواح وحدها لأكثر من 20 غارة لطيران “التحالف” خلال الأسبوع الأول من عام 2017، تركّزت على مناطق وادي حباب، جبل هيلان، المخدرة؛ في حين يتحدث الشيخ طعيمان، على صفحته في موقع “فيس بوك”، عن استقبال مديرية صرواح “أكثر من 14 ألف غارة حصدت الكثير من المدنيين”.
ليست حمدة الأشطل، ومن باتت تعرف بـ”خنساء صرواح”، وحدها ضحية للحرب وغارات طيران “التحالف”؛ فالمرأة عموماً تعد من أكثر شرائح المجتمع اليمني تضرراً من الحروب. في كلمته خلال مؤتمر قادة وزارة الداخلية المنعقد بالعاصمة صنعاء الأسبوع الماضي، يكشف وزير الداخلية في حكومة “الإنقاذ”، اللواء محمد القوسي، أن 1826 امرأة رصدت ضمن ضحايا غارات “التحالف”، والخسائر البشرية في صفوف المدنيين، فيما أصيبت 1924 سيدة أخرى إصابات مختلفة، لافتاً كذلك إلى حاجة 3 ملايين نازح ونازحة إلى مساعدات إنسانية، وكذا احتياج 3 ملايين طفل وامرأة حامل إلى رعاية إنسانية وطبية.
على شاشة قناة “المسيرة”، التابعة لـ”أنصار الله”، ظهرت حمدة صالح الأشطل لثوان معدودة، قائلةً، وقد رفعت إصبعها باتّجاه السماء، “ليس معنا غير الله في السماء، ضربونا بصاروخ إلى داخل بيتنا، 5 شهداء”، وانهمرت دموعها المحمرّة كجذوة نار ملتهبة، لتبكي قطاعاً واسعاً من مشاهديها. في تعليقه على المشهد، يقول السياسي والناشط الإعلامي، محمد المقالح، “سمعت كثيراً عن أناس بكوا دماً، لكنني لم أر الدموع دماً إلا في عيني هذه الأم المكلومة”. وتحت عنوان “لقد أبكيتيني يا بنت صرواح العظيمة”، يضيف المقالح، واصفاً اللحظة على صفحته في موقع “فيس بوك”، “الأم التي تحدثت إلى قناة المسيرة هذا المساء عن فاجعتها بأهلها المظلومين، أبكتني كثيراً وربّ الكعبة، وهي تتحدّث بحرقة عن الجريمة وعن استغرابها عن استهداف السعودية لأسرتها وهي الأسرة الفقيرة”. ويرى المقالح أن “هذه الأسرة المنكوبة تحدثت عنها هذه الأم العظيمة والدمع العزيز ينهمر من عينيها، قائلة بما معناه أنّها أسرة فقيرة بلا سلاح ولا معاش ولا تعيش سوى على بيع الحطب، التي كان يقتطعها ابنها الشهيد، ويبيعها ليطعم بثمنها الضئيل أسرة كبيرة، ولكنّها عزيزة، وتأكل من عرق جبين ربّ أسرتها”.
أطلقت على حمدة الأشطل مجموعة من الأسماء والألقاب خلال الأيام القليلة الماضية؛ فهي “أمّ الأحرار”، و”أم الشهداء”، و”الأم الثكلى”، و”الأم المكلومة”، و”خنساء مأرب”، و”بنت صرواح العظيمة”. وباتت صورتها من أكثر صور المآسي تناقلاً في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، وتجاوزت المحلية إلى الإقليمية والدولية. وإثر مطالب بالالتفات إلى مأساتها، نقلت إلى مستشفى الثورة بالعاصمة صنعاء مع حفيديها الطفلين وأمّهما الجريحة، وبعد 7 أيام على الحادثة، أعلن عن زيارة عضو المجلس السياسي لـ”أنصار الله”، إسماعيل الوزير، يرافقه وفد إعلامي، لجرحى جبهات الحرب النزلاء في مستشفى الثورة، بمن فيهم أسرة المحبوبي. وبحسب وكالة “سبأ”، التابعة لـ”أنصار الله”، فقد “سلّم الوفد مبلغاً مالياً رمزياً للأم الثكلى حمدة الأشطل”، داعياً “رجال الخير للالتفات لمعاناة الأسرة، التي فقدت كل ما تملكه بسبب غارات طيران التحالف”.