كل ما يجري من حولك

مقال تحليلي | تنظيم “داعش” يضعُفُ في العراق وسوريا… لكن يتمدد في اليمن

620

 متابعات| العربي| عبد الرحمن الأشول:

فهل يرتب التنظيم حالياً خلاياه ليعلن لاحقاً عن سيطرته على مناطق جنوبية؟ وهل ستكون عدن وحضرموت هدفاً له بعد خسارته في سوريا والعراق؟ خاصة أن حضرموت والمهرة وعدن وشبوة هي مناطق متنازع عليها إقليمياً، في ظل عملية “تغيير ديموغرافي” يتحدث عنها البعض في اليمن.

حتى اليوم لم يعلن التنظيم عن سيطرته على منطقة معينة، ولا يظهر في اليمن إلا عبر نشر أفلام فيديو احترافية لعمليات تشبه تلك التي ينشرها التنظيم في العراق وسوريا وليبيا، وما يزيد من خطورة الأمر تنفيذه عمليات إعدام مصورة لقيادات أمنية وعسكرية في مناطق حيوية وسط مدينة عدن، وفي وضح النهار، وبدأ عملياته في عدن في أكتوبر 2015 بتفجير فندق القصر وسقوط ضحايا من القوات الإماراتية، وفي نفس الوقت استهدفت غرفة عمليات عسكرية إماراتية بسيارة مفخخة، في ذلك الحين طفت الخلافات السعودية الإماراتية على السطح، نتيجة تضارب أجندة الدولتين في عدن وحضرموت، فالسعودية تسعى من خلال العمليات العسكرية إلى إحاطة اليمن بنظام مرتبط بها يضمن استمرار وصايتها، فاليمن بالنسبة للسعودية هو العمق الاستراتيجي وشريطها الساحلي المطل على البحر الأحمر والمحيط الهندي وبحر العرب؛ يحقق لها امتيازات اقتصادية وسياسية كبيرة ويزيد من قوتها كلاعب إقليمي.
كما أن السعودية ومن خلال منطقة حضرموت والمهرة تستطيع تنفيذ مشروع القناة المائية التي تربط البحر الأحمر ببحر العرب، بحيث يتسنى لها تصدير النفط بعيداً عن مضيق هرمز، وهو مشروع كشف عنه رئيس مركز “القرن العربي” للدراسات في الرياض، سعد بن عمر.
بينما تسعى الإمارات إلى تجميد الحركة التجارية في عدن وإبقاء مينائها على ركوده، حيث شهد ميناء عدن حالة شلل تام خلال فترة تشغيله وإدارته من قبل شركة موانئ دبي العالمية طيلة سبعة أعوام، واتهمت أوساط محلية يمنية الشركة بتعطيل الميناء لصالح ميناء دبي.
وإذا ما قارنا حالة النزاع الإقليمي على بعض المناطق اليمنية بالنزاع الإقليمي والدولي على سوريا، وتضارب المصالح والأجندات هناك، فإن مدينة عدن بالنسبة للإمارات بمثابة حلب بالنسبة لتركيا، فحلب علاوة على أهميتها الجيوستراتيجية كانت تشكل أهم مركز تجاري وصناعي في سوريا، وازدهرت الصناعة السورية لتغزو الأسواق العربية بجودة تضاهي المنتوجات التركية، بينما تعتبر مدينة عدن العاصمة التجارية والاقتصادية لليمن، وكانت بمثابة القلب النابض لحركة التجارة العالمية قديماً ومنطقة أطماع للقوى الكبرى عبر التاريخ. كما أن المدينة الآن تقع في عمق الجزيرة العربية ومحور الصراع الجيوستراتيجي الإقليمي الدائر في اليمن، وفي ضوء ما سبق، يرى مراقبون أن احتمالات سيطرة الجماعات التكفيرية على عدن أمر وارد جداً مع استمرار تضارب المصالح والأجندة حولها، وما عمليات تنظيم “الدولة الاسلامية” خلال الفترة الماضية سوى “بثٍ تجريبي”، وأن التنظيم الذي تحركه أيادٍ استخباراتية خارجية لم يبدأ عملياته الحقيقية بعد، كما أن غموض مصير عناصره التي فرت من حضرموت وتركتها بعد ساعات من المواجهات تضع مزيداً من الشكوك والتكهنات حول ماذا ينوي التنظيم فعله.
على أي حال سوف تشهد الأيام المقبلة تبلوراً أكثر وضوحاً، كما أن التداعيات داخل الدول المتنازعة على اليمن ستظهر أكثر مما جرى حتى اليوم، واليمن لا يزال في مفترق طرق بين الفدرالية وفك الارتباط، بين خيار الستة أقاليم والإقليمين، وبين حكومة جديدة في صنعاء وسياسة عزل للمحافظات الجنوبية وتحركات في حضرموت لإعلان الإقليم، وأخرى للاستقلال، بدأت المعارك المؤجلة بين ما تريده سلطات الأمر الواقع في الجنوب والشمال وما تريده السلطة الشرعية في الرياض، وما تريده القوى الإقليمية والدولية، وطالما الدول المتدخلة بالشأن اليمني لم تحسم أمرها بعد فاليمن مرشح أكثر من ذي قبل لفوضى وحروب داخلية بالوكالة، تختلط فيها كل الأوراق من جديد.

You might also like