دلالاتٌ حملها خطابُ السيد عبدالملك الحوثي بذكرى المولد الشريف
*إفتتحه بالثناء على الشعب واختتمه بتوجيه نصيحةٍ لجار السوء:
*في كُلِّ مناسبة يطلُّ فيها السَّـيِّـدُ يؤكّد على أَهميّة المناسبة من خلال إعَادَة قراءة ما أحاط بها من أحداث تأريخية للاستفادة منها كدروسٍ للعظة والعبرة ولإحياء القيَم والمبادئ وكشف مصير الصراع بين الحق والباطل.
*ربْطُ الأحداث التأريخية بواقعنا الحالي وسُبُل الاستفادة منها، سيما ذكرى المولد الشريف وأهميتّها، ففي كُلّ خطاب يقدم السَّـيِّـد قراءةً موجزةً لجانب مهم من تلك الأحداث.
*تناوُلُ الحضورِ التأريخي للشعب اليمني في مناصَرة القضايا العادلة، والاستجابة الطوعية للرسالة الإلهية، والربط الإبداعي في الصياغة بين مناصَرة اليمنيين للرسالة ومواجهتهم اليوم للعدوان.
*التدرُّجُ الموجزُ في توضيح حقيقة الرسالة الإلهية باعتبارها المشروعَ الإلهيَّ للبشرية المرتبِطَ بإقامة العدل.
*الحديثُ عن التحدّيات الداخلية والخارجية للأمة باعتبارها وحدةً واحدةً لا تتجزأ، حيث استخدم السَّـيِّـدُ مصطلحَ “التحديات الداخلية”، متجاوزاً الأقطارَ والكيانات ومخاطباً الأُمَّـة كافةً ومقدماً الحلولَ المستمدَّة من القرآن لمواجهة هذه التحديات.
*تحديدُ الموقف من قضايا محلية وأُخْــرَى عربية من بوابّة الأخطار التي تواجه كُلَّ شعوب المنطقة وأبرزها خطر الجماعات التكفيرية.
*تأكيدُ الموقف من العدوان بطريقة أَكْثَـر شمولية، بحيث تناوَلَ السَّـيِّـدُ جوانبَ تفصيلية أبرزها إعَادَة تعريف المتقاعسين والمتخاذلين؛ باعتبارهم متبلّدي الإحساس عديمي الوعي ومفلسين من الشعور الإنساني.
*إعَادَةُ تحديد أولويات الشعب اليمني بكافة أطيافه ومكوّناته المتمثلة في الصمود والمواجهة واعتبار خيار المواجهة مسؤوليةً مرتبطةً بمدى اسْتمرَار العدوان من عدمه.
*إحياءُ الروح الوطنية وبعْثُ القِيَمِ الدينية والاجْتمَاعية الأصيلة في الشعب اليمني لما فيه المصلحة العامة ومواجَهة العدوان وتوحيد الصف الداخلي.
*تناوُلُ قضيةِ تشكيل الحكومة في ثلاث موجّهات، الأولى دعوة للشعب والثانية للخارج والثالثة للحكومة نفسها وكُلّ دعوة مرتبطة بالأُخْــرَى، سيما إعَادَة صياغة مفاهيم العلاقة بين الشعب والحكومة.
* توزع الخطاب على تناوُلِ قضايا رئيسية أبرزها: الجانب التأريخي ومشروع الرسالة الإلهيةِ ثم التحدّيات التي تواجه الأُمَّـة ثم القضايا الداخلية كالحكومة والفساد والتكافل الاجْتمَاعي.
*بالمجمل كان خطاباً مختصَراً مقارنة بالخطابات السابقة، إلّا أنه حمَلَ موجِّهاتٍ عامةً ومواقفَ لقضايا تهم الداخل والخارج.
إفتتح السَّـيِّـدُ عبدُالملك بدر الدين الحوثي خطابَه بمناسبة المولد الشريف بالثناءِ على الشعب اليمني الذي يواجِهُ العدوان والحصار، ومع ذلك يحتفي ويُحيي مناسبةَ ذكرى المولد الشريف رغم ما يحيط به من تحديات وما يمر به من معاناة.
وقد خاطب السَّـيِّـدُ الشعبَ اليمني بالقول: جماهير شعبنا اليمني بعظيم الصبر والصمود والعطاء قدمت إلى العالم أجملَ صورة عن عظمة قيم الإسلام وأثر الإيمان، فأُسَرُ الشهداء والجرحى وأبطال الميدان من الجيش واللجان الشعبية، وجماهير الشعب أثبتوا للجميع أن القوةَ هي قُوَّةُ المبادئ وقوة القيم والأخلاق وقوة الاعتماد على الله والتوكل عليه.
وقد حيّا السَّـيِّـدُ الحشودَ المشارِكةَ في الحفل المركزي بصنعاء، حيث يعتبر الحشد هو الأكبر بمناسبة المولد الشريف في المنطقة والعالَم، ما يؤكد مدى الارتباط الأبدي بين اليمنيين والرسول الكريم.
المشروعُ الإلهي:
كعادته يتحدَّثُ السَّـيِّـدُ وفي كُلّ مناسبة يحتفي بها الشعبُ اليمني عن الأحداث التأريخية وأَهميّة تلك المناسبات في إعَادَة قراءة تلك الأحداث وعكسها على واقعنا، ولعل أبرز ما تناوَلَه السَّـيِّـدُ في خطابه بمناسبة المولد قضية الرسالةَ الإلهيةَ، حيث تدرج السَّـيِّـد في تناوله القضية بدءاً بالرسول الكريم وتأسيس عهد جديد ختم به رسالات الله تعالى إلى الأنبياء.
ومروراً بأن أحد معجزات الرسالة الإلهية أن أنصارَها وحمَلتها وأتباعَها هم المستضعَفون.
وبعد العرض الموجز يؤكد السَّـيِّـدُ أن الرسالةَ الإلهية هي المشروعُ الوحيدُ القادرُ على إحداث التغيير الحقيقي للواقع البشري؛ لأنها مشروعٌ شاملٌ يتجّهُ للإنسان نفسه.
ثم يستخدم السَّـيِّـد، وبعد هذا العرض، مصطلح “المشروع الإلهي” بالقول: (المشروع الإلهي هو الكلمة السواء التي يمكنُ أن يلتقيَ عليها جميعُ البشر).
قبل أن يحدد أهمَّ ما يقومُ به هذا المشروعُ، ألا وهو العدل، حيث يقول السَّـيِّـد: (المشروع الإلهي هو العالمي الحقيقي الصالح القائم على العدل، والعدلُ دعامة أساسية في بُنيانه، قال الله تعالى: (قُل أمَرَ رَبِّي بالقِسْط).
التبعيةُ والتحدّياتُ الداخلية والخارجية:
تطرق السَّـيِّـدُ في خطابه لموضوع التبعية، مجدداً تحذيراتِه من تداعياتها، ومشيراً إلى أن القرآن الكريم يجعلُ من التبعية للأعداء خُروجاً عن الحق وخيانةً للأمة.
وقدَّمَ السَّـيِّـدُ في هذا المثال لذلك، فالنظامُ السعوديُّ جعَلَ من نفسه أداةَ الشر لتنفيذ مؤامرات الأعداء ويمثل حالةَ الانحراف داخل الأمة.
واختتم السَّـيِّـدُ حديثَه عن التبعية بالقول: يجب أن تحذَرَ الأُمَّـة من التبعية، وأن تتحصَّنَ بالوعي، وأن تواجِهَ المؤامراتِ والمكائدَ بكامل المسؤولية.
في هذا نجدُ أن السَّـيِّـد وجّه خطابَه لجميع الأُمَّـة؛ باعتبارها وحدةً واحدةً، حيث استخدم مصطلح “التحديات الداخلية” للحديث عنْ ما يواجه الأُمَّـةَ من أخطار وسبل مواجهتها وأبرز هذه التحديات الداخلية قوى النفاق، أما الخارجية فتتمثل في قوى الطاغوت والاستكبار.
وأضاف السَّـيِّـدُ أن الأُمَّـةَ معنيةٌ بالاعتصام بالله والارتباط الوثيق برسالته؛ لأنها رسالةٌ في مضمونها من التعاليم والتوجيهات والحكمة عناصرُ القوة، عناصرُ القوة ذاتية فيها وبالتمسك بها تحظى الأُمَّـة بنصر الله وعونه قال الله تعالى: (هو الذي أرسَلَ رسولَه بالهدى ودِينِ الحق ليُظهِرَه على الدين كله ولو كره المشركون).
ثنائيةُ الحكومة والشعب:
جاء خطابُ السَّـيِّـد عقبَ إعلان تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني، وهو ما استدعى التطرُّقَ إلى هذه الخطوة المهمة وكل ما له علاقة بها، حيث أوجز الخطابُ تناول هذه القضية من ثلاثة محددات رئيسية صاغها السَّـيِّـدُ كدعوات، الأولى للخارج، والثاني للحكومة نفسها، والثالث للشعب، فالخارج وما يتوجب عليه والحكومة وما ينبغي عليها فعله والشعب ودوره تجاه الحكومة.
المحدد الأول: الوضعُ القانوني للحكومة وعلاقة ذلك بالخارج، حيث دعا السَّـيِّـدُ كُلَّ الدول الحُرَّة إلى التفاعُل المسؤول مع حكومة الإنقاذ، بل عندما أاستخدم مصطلح الحكومة في الدعوة ربطها بالشعب، ما يؤكد أنها حكومةُ الشعب، وبالتالي هي الحكومةُ الشرعيةُ، حيث قال السَّـيِّـدُ: (ندعو كُلَّ الدول الحُرَّةَ إلى الوقفة الإنسانية إلى جانب شعبنا في محنته ومظلوميته، وإلى التفاعل المسؤول مع حكومته)، قبل أن يضيفَ السَّـيِّـد بالقول (التي منحها مجلس نوّابُه الثقة، وهي الحكومة الشرعية التي تعبّر عن الشعب وتمثّله، وهي وليدةٌ لإرادة حرة، لإرادة شعبية حُرة بدون أي تدخل خارجي).
أما المحددُ الثاني فقد كان موجَّهاً للحكومة في شكل دعوة لبذل الجُهُود لخدمة الشعب كمهمة رئيسية تقع على عاتق الحكومة.
ونلاحظ في هذا الجانب أن السَّـيِّـدَ استخدم مصطلحاتٍ وعباراتٍ توحي بإدراكه المسبَق للتحديات التي تواجه الحكومة في ظل العدوان والحصار وما تمر به البلاد اليوم من أخطارٍ محدقة؛ ولهذا جاء حديثُ السَّـيِّـد عن الحكومة بصيغة واقعية وموضوعية، حيث قال السَّـيِّـد (أدعو الحكومة إلى أن تبذُلَ كُلّ جهودها لخدمة شعبها، والعناية باحتياجاتها بكل ما تستطيع).
أما المحددُ الثالثُ أَوْ بالأصح الدعوة الثالثة، فقد جاءت موجهة للشعب ودوره تجاه الحكومة بعد أن كان قد حدّد دورَ الحكومة تجاه الشعب ليأتيَ الدورُ على الشعب بالوقوف إلى جانب الحكومة والتعاون معها والتفهم لظروفها، حسب ما جاء في الخطاب.
وفي تفكيك مضامين تناول السَّـيِّـد لموضوع الحكومة نجدُ أنه من النادر جداً أن يتحدثَ القادةُ وفي ظل الظروف المختلفة في قضية قد تبدو معقَّدةً للكثيرين والمتمثلة في إعَادَة صياغة طبيعة العلاقة بين الشعب والحكومة، فقد تناول السَّـيِّـدُ القضيةَ بشكل يؤكد دورَ الشعب في مساندة الحكومة ودور الحكومة في خدمة الشعب، أي أن الدورَ تكامليٌّ في ظل الظروف الطبيعية، فما لنا لو كنا في ظرف استثنائي كالذي نعيشه اليوم في بلادنا.
إن ما تحدث به السَّـيِّـدُ عن هذه القضية رغم أنه أوجزها في نقاط محددة أَوْ دعوات ثلاث، إلّا أن مضامين هذه الدعوات قد تنعكس إيجاباً على الحالة النفسية لأعضاء الحكومة، حيث يواجهون تحديات جمة سواءً إدارياً في وزاراتهم أَوْ على مستوى خدمة المواطنين، فأن توجهَ دعوة للشعب في تفهم الظروف الحالية ومساندة الحكومة فهذا ما تريدُه الحكومة حتى تتمكنَ من وضع خطوط عريضة للتعامل مع الأزمات المختلفة.
ولم يكتفِ السَّـيِّـدُ في دعوةِ الشعبِ، بل وافق بين دعوة الشعب وبين تحديد أولويات الحكومة في تقديم ما بوسعها لخدمة الشعب ومواجهة العدوان وهنا تكتمل الصورة.
الفسادُ والمسؤولية:
تطرَّقَ السَّـيِّـدُ في خطابِه لقضيةٍ مهمةٍ جداً لها تداعيات على الوضع العام في الظروف الطبيعية والاستثنائية، فالفسادُ رغم حجْمِ الفارق بين ما كان وما يكون، إلّا أن مثل هذا القضية لم يغفلها السَّـيِّـد؛ نظراً لما تمثِّله من مسؤولية وطنية ودينية، فمحاربة الفساد يجب أن تكون أولوية بغض النظر عن حجمه ونوعيته، بل إن محاربته في مثل هذه الظروف واجبٌ مضاعفٌ، انطلاقاً من أن الفاسدَ في ظل العدوان فاسد مرتين.
ولعل تناول السَّـيِّـد قضية الفساد يأتي اسْتمرَاراً لسلسلة توجيهات أصدرها بشأن إيقاف أيّ عبث أَوْ سوء اسْتغلَال للسلطة أَوْ تجاوُز من قِبل المشرفين واللجان وغيرها، حيث جاء حديثُ السَّـيِّـد في خطاب المولد عن الفساد أقربَ للحزم والشدة أَكْثَـر منه مجرد تناول القضية، حيث قال السَّـيِّـد: نؤكد أننا لن نكون مظلة حامية لأي فاسد أَوْ مجرم يخونُ أمانتَه، وعلى الجميع الالتزام بالصدق والأمانة في تحمُّل المسؤولية.
وجاء هذا الحديثُ بعد أن طالب الأجهزةَ الرقابيةَ بتفعيل دورها للحد من أي فساد.
تأكيدُ مسؤولية الإعلام:
في كُلِّ خطاب للسيد لا بد ومن التطرق لجانب مهم له علاقة بالمعركة والمواجهة، فالإعلام سلاحٌ ذو حدين، والإعلاميون جنودٌ في معركة لا تقلُّ أَهميّةً عن المعركة العسكرية أَوْ الاقْتصَادية.
ولهذا يحرِصُ السَّـيِّـد في كُلّ خطاب على توضيح ما يمكن توضيحُه فيما يتعلق برسم أبجديات المواجهة الإعلامية وشحذ الهمم وإحياء الروح الوطنية لمواجَهة العدوان إعلامياً وتفنيد أكاذيبِهِ وتوضيح الحقيقة للداخل والخارج.
أمَّــا في خطاب المولد فقد ركَّــزَ السَّـيِّـدُ على نقطتين أساسيتين، الأولى تتعلق بإعلام العدوان والتعاطي مع ما يبثه وينشُرُهُ من أكاذيبَ وشائعات، محذراً من تلك الشائعات الهادفة إلى إلهاء الشعب عن مسؤوليته الأساسية في التصدي للعدوان.
أما النقطة الثانية فقد جدّد فيها السَّـيِّـدُ خطابَه للإعلاميين وحدد مسؤوليتهم بالقول: على الإعلاميين مسؤوليةً كبيرةً في أن يكونوا بقدر المسؤولية وعياً وتعاطياً وممارسة، وأن يجعلوا أولويتهم المطلقة هي التصدي للعدوان.
التكافُلُ الاجْتمَاعي:
قضيةٌ أُخْــرَى لم تَغِبْ عن خطاب السَّـيِّـد رغم أنه تناولها باختصارٍ شديد، لكنه أراد التأكيدَ والتجديد، حيث سبق أن تناولها باستفاضة خلال خطاباته السابقة.ذ
فقد حث السَّـيِّـدُ جميعَ المواطنين على العناية بالفقراء والمعوزين والمحتاجين والاهْتمَام بالتكافل الاجْتمَاعي.
وقد يكونُ إيجازُ السَّـيِّـد لتناوله هذه القضية توجيهاته في دعم وتشجيع التكافل الاجْتمَاعي وتقديم المساعدة للفقراء والمحتاجين والإغاثة للمناطق المنكوبة، وهو ما انعكس في حملات شعبية كبيرة بمناسبة ذكرى المولد الشريف، الأمر الذي ميّز مناسبةَ هذا العام، وأكد الحرصَ على العناية بالمتضررين جراء العدوان والحصار.
وختامُه نصيحة:
إختتم السَّـيِّـدُ خطابَه بتوجيهِ نصيحة للنظام السعودي، محذّراً من تداعيات اسْتمرَار العدوان ليس على اليمن والسعودية فحسب، بل وعلى المنطقة برمتها، ومؤكداً أن من مصلحة ذلك النظام والمنطقة عموماً وقف العدوان.