كل ما يجري من حولك

حتى السابعة… غير ثابتة

477
 متابعات| العربي:
هي الهدنة السابعة في قائمة الهدن العسكرية في اليمن، لكنها هذه المرة ليست هدنة هشة فقط، بل هدنة جدلية بدرجة رئيسية، هدنة وضعت الحكومة اليمنية محل انتقاد وهجوم، خصوصاً وأنها جاءت من قبل “التحالف العربي” ومن قبل الحكومة اليمنية، وبعد التقدم الذي أحرزته “المقاومة الشعبية” والقوات التابع لحكومة هادي.
وبموجب إعلان صادر عن “التحالف العربي” بدأ سريان وقف إطلاق النار في اليمن لمدة 48 ساعة، بدءاً من ظهر السبت 19 نوفمبر، وسيمدد تلقائياً في حال التزام جماعة “أنصار الله” والوحدات المتحالفة معهم. وذكر “التحالف” في بيان أن الهدنة الجديدة أتت وفقاً لرسالة تلقاها من الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وبعد ساعة على دخول الهدنة حيّز التنفيذ، سارعت الأطراف إلى تبادل الاتهامات بخرقها، كما كان الحال في هدن سابقة، وسط اعتقاد راسخ بعدم جدية أي طرف حتى الآن باختيار الحل السياسي للصراع الذي تضرّر بسبه الملايين وقتل خلاله أكثر من عشرة آلاف نسمة.
يشكّك كثيرون في نجاح هذه الهدنة أسوة بسابقاتها، بسبب عدم وجود مراقبين على الأرض، ولعدم وجود تأكيدات حاسمة لعودة ممثلي “أنصار الله” في لجنة التهدئة والتنسيق إلى ظهران في جنوب السعودية لاستئناف عمل هذه اللجنة في تثبيت وقف إطلاق النار ومعالجة الخروقات، على الرغم من تردد معلومات بهذا الشأن في الساعات الأخيرة. وهذا ما يفهم من تهديد “التحالف” باستئناف العمليات العسكرية في حال استمرت “أنصار الله” والقوات المتحالفة معها بأي أعمال أو تحركات عسكرية، وتأكيده استمرار الحظر والتفتيش الجوي والبحري والاستطلاع الجوي.
هدنة ليست هشة ومخترقة فحسب، بل جعلت الوسط السياسي والشعبي المؤيد للشرعية يتساءل بغرابة: لماذا الحكومة اليمنية و”التحالف العربي” يعلنون هدنة ويطالبون بها، وجيش هادي هو من يتقدم ويحقق انتصارات؟ أليست هذه مؤامرة على تعز؟
يجيب بعض المراقبين السياسيين أن هذه الهدنة جاءت من قبل الحكومة اليمنية و”التحالف العربي”، ولكنها جاءت تحت سلسلة ضغوطات دولية كما تؤكد مؤشرات سياسية ودبلوماسية.

وعلى الرغم من إعلان الهدنة إلا أن المعارك تبدو مستمرة وبذات الوتيرة العالية في كل من تعز ومأرب وشرق صنعاء وحجة وميدي وعلى الحدود مع المملكة العربية السعودية، ومع استمرار المعارك يستمر نزيف الدم بسقوط قتلى وجرحى من صفوف الطرفين ومن صفوف المدنيين. وفي تعز، حيث تبادل طرفا الصراع الاتهامات باختراق الهدنة، بدا كأن أحداً هناك لم يسمع بعد بأخبارها.
وكانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت مساء الجمعة عن مقتل أحد جنود حرس الحدود السعودي في منطقة عسير جراء سقوط “مقذوفات عسكرية أطلقت من داخل الأراضي اليمنية”. وحذر البيان “المتمردين الحوثيين والقوات التابعة لصالح” من القيام بأي تحركات عسكرية خلال هذه الفترة، مشيراً إلى أن قوات “التحالف” ستتصدى لمثل هذه التحركات. وأضاف البيان أن الحصار الجوي والبحري سيتواصل، كما ستواصل طائرات المراقبة تحليقها فوق اليمن.
المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، هو الآخر، ظهر بعد الإعلان عن هذه الهدنة إلى واجهة المشهد من جديد بعد أن كان قد تغيب عنه منذ مغادرته للرياض قبل أسبوعين دون أن يلتقي بالحكومة اليمنية والرئيس هادي. وتحدث ولد الشيخ عن تلقيه التزاماً من قبل الأطراف اليمنية بالهدنة، وقال إنه يتمنى أن يكون التزاماً جاداً وخطوة جيدة باتجاه البدء بالحل السياسي الذي تجري الأمم المتحدة جهوداً كبيرة في طريقه. ودعا ولد الشيخ جميع الأطراف إلى احترام الهدنة، وهو أمر ضروري لوقف نزيف الدم والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المحافظات المتضررة، التي تخضع لوضع إنساني مؤسف وغاية في الصعوبة.
يشار إلى أن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، قال الخميس الماضي إن كلا الطرفين وافقا على وقف لإطلاق النار، لكن العمليات القتالية اشتدت الجمعة منهية آمال التزام الأطراف.
وانهارت ست محاولات لعقد اتفاقات لوقف إطلاق النار في اليمن خلال وقت قصير من قبل، ومن بينها هدنة لثلاثة أيام في شهر أكتوبر، انهارت حال بدء تطبيقها.
إذاً بهذا يكون المشهد اليمني بشقيه السياسي والعسكري محل تجاذب وتبادل الاتهامات بين الأطراف التي تلتزم أمام الرأي العام بالهدنة، وعلى الأرض تواصل معاركها بين ساعة وأخرى. وما بين هذا وذاك، يعيش اليمنيون استياء من هذه التوترات ومن هذا التلاعب السياسي والعسكري بحياة الملايين من الناس، فلا الأطراف قررت خوض الحرب وحسمها عسكرياً لصالح أي طرف كان، ولا هي التزمت بالهدنات وسارت نحو الحل السياسي الذي يدعو إليه المجتمع الدولي.

You might also like