الخطة “ب” لهادي: ورقة الجنوب
الوضع المزري الذي وصلت إليه حالة البلد جعل الناس تسخط على الجهات التي تتحكم بمصير العباد، وعلى رأسها الرئيس هادي. وقد ظهرت حالة من الإستياء الشديد في أوساط النخب والإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي، مترافقاً مع فضيحة الإعتذار الأمريكي المزعوم، ليتحول السخط والإستياء إلى ظاهرة من التهكم والنكتة والإزدراء على المستوى الذي أوصل الرئيس هادي نفسه إليه.
إزاء ذلك، علم “العربي” من مصادر موثوقة أن فريق هادي عقد عدداً من الإجتماعات في العاصمة السعودية الرياض لتدارك الوضع، ووضع خطة تتلاءم مع المرحلة المقبلة يكون أساسها استمرار خطة مسك مرافق الدولة في الجنوب، ولكن مع تغيير في الأسلوب الذي سوف يعتمد على الإحتواء الايجابي لحالات الإعتراض، لا سيما من الحراك الجنوبي وبالتحديد المكونات المستعدة للتعاون والعمل تحت راية “الشرعية” – جناح الرئيس هادي. الخطة الجديدة مدفوعة بالتطورات السياسية الأخيرة، والمتمثلة بالإتفاق بين “أنصار الله” و”المؤتمر الشعبي العام” وبين الجانب الأمريكي على وقف إطلاق النار في اليمن، وحاجة الرئيس هادي إلى متكأ شعبي يؤمن استمراره بالمستقبل.
الفريق المقرب من الرئيس هادي يلقي اللوم على الحراك الجنوبي لعدم تعاونه في المرحلة الماضية، مما اضطره إلى التعاون مع حزب “الإصلاح” مع حذره منه، ومع علمه المسبق بأجندته الخاصة. كما علم “العربي” أن الخطة القادمة لا تستغني عن حزب “الإصلاح”، وسوف تعمل بطريقة مزدوجة بشكل تتيح، بالإضافة إلى الأخير، الإستفادة من بعض الشخصيات أو بعض مكونات الحراك الجنوبي ممن لديهم رغبة في التعاون مع “الشرعية” والموافقة على استلام مواقع ووظائف عليا على أن يلتزموا بسياسيات الحكومة الداخلية والخارجية.
يأتي ذلك على خلفية خشية الرئيس هادي من نجاح المقترحات الأخيرة لوقف الحرب في اليمن. والتي أصبح من المؤكد أنها ستؤدي الى تحجيم دوره أثناء تنفيذ مدرجات الإتفاقات (خارطة طريق المبعوث الأممي لليمن، إسماعيل ولد الشيخ، معطوفة على اتفاق وفد صنعاء مع كيري)، وصولاً إلى إنهاء دور هادي بشكل نهائي في المرحلة الأخيرة من تنفيذ الإتفاقات. غير أن الرئيس هادي يصارع من أجل البقاء حتى الرمق السياسي الأخير مستفيداً من ورقة قوته الرئيسية وهي “توقيع” الرئاسة اليمنية، حيث تصر أطراف “التحالف” ومعها الأمم المتحدة على اعتبار التوقيع الرئاسي ممراً إلزامياً وإن كان شكلياً، وقد سعت السعودية خلال المفاوضات السابقة والحالية إلى الإحتفاظ بدور أساسي للرئيس هادي. الإعتبار السعودي بمحاولة التمسك بهادي هو حاجة ضرورية لإعطاء شرعية للحرب في اليمن وإمكانية استمرارها أو تجددها إن رأت حاجة إلى ذلك فيما بعد، ودافع المحاولة التملص من مطالب يمنية بتحمل الرياض مسؤولية الحرب، والتخلص من تبعات ذلك على المستويات القانونية والمادية والمعنوية.