كل ما يجري من حولك

“الغارديان”: على المجتمع الدولي مساعدة الرياض للخروج من اليمن

516
متابعات| العربي:
مع تواتر الأنباء والتقارير بشأن الخسائر في الأرواح في حرب اليمن، وكان آخرها ما كشفت عنه منظمة الصحة العالمية حول مقتل أكثر من 7 آلاف شخص، وجرح 37 ألفاً آخرين، والإغلاق الكلّي أو الجزئي لنصف مستشفيات البلاد، شدّدت صحيفة “الغارديان” على أنه “أصبح من الصعب غض الطرف عن المعاناة في اليمن، بالرغم من أن الكثيرين في لندن، وواشنطن يحاولون القيام بذلك”.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى الغارات التي شنّها طيران “التحالف”، الذي تقوده السعودية، خلال الشهر الفائت، على إحدى قاعات العزاء في العاصمة اليمنية، وعلى أحد سجون اليمن، مشيرة إلى أن تلك الغارات، وإلى جانب صور الموتى، والمتضوّرين جوعاً “تشهد جميعها على الآثار المدمّرة لحرب يتم تجاهلها”.
وذكّرت الصحيفة بمقتل ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، جرّاء الحرب في اليمن، بينهم 4 آلاف مدني، فضلاً عن التسبب بنزوح وتشرّد أكثر من 3 مليون شخص، وتضوّر نحو 14 مليون يمني جوعاً، إذ إن أربعة من بين كل خمسة يمنيين يحتاجون إلى المساعدة (الإنسانية)، موجّهة أصابع الاتهام عما آلت إليه الأمور في البلد الفقير، إلى “الحوثيين”، الذين يتحمّلون “قدراً كبيراً من المسؤوليّة عن الدمار”، بعد “إزاحتهم حكومة هادي”، المعترف بها دوليّاً، وإلى “التحالف العربي”، الذي تتزعمه السعودية، و”قصفه المكثّف”، وما نجم عنه من “أعداد هائلة من الضحايا المدنيين”، وذلك عبر “أسلحة، ودعم عسكري، (قدّمته) الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، ودول أخرى”، إلى دول “التحالف”.
وقالت الصحيفة إن “البعض يجادل في أن انخراط الغرب، يسهم في ضبط السلوك السعودي، والتخفيف من حدّته”، قبل أن تعلّق على ذلك بوصفه بـ”الذريعة غير المقنعة أساساً”، وبـ”الواهية يوماً بعد يوم”. واسترجعت “الغارديان” ما أفاد به وزير الأعمال البريطاني السابق، فينس كابل، حين أقرّ للصحيفة بأنه وقّع على تراخيص بيع صواريخ بريطانية الصنع، إثر تعرضه لعملية تضليل فيما يتعلق بضمانات أن تتولى بلاده الاشراف على (بنك) الأهداف المحتملة، لـ”التحالف” في اليمن، لا سيما وأن وزارة الدفاع البريطانية نفت تواجد أي عناصر تابعة لها ضمن “خلية اختيار الأهداف”، مع تأكيدها على عدم إعطائها كابل أية ضمانات من هذا القبيل.

واعتبرت “الغارديان” أن “انعدام كفاءة وجدية أي من أوجه التأثير” الأمريكي والبريطاني فيما يتعلق بتصدير السلاح إلى دول “التحالف”، بقيادة السعودية، “يجب أن يكون شديد الوضوح، من (ارتفاع) أعداد القتلى المدنيين، والغارات المتكرّرة على المدارس، والمستشفيات، إلى جانب الأدلة المتزايدة بشأن استخدام القنابل العنقوديّة”، منبّهة إلى أن الصراع في اليمن “يسهّل مهمة من ينتهك حقوق الإنسان في أماكن أخرى، في تفادي الانتقادات الموجّهة إليهم”، وفي وصف تلك الانتقادات بـ”النفاق المحض”، كما أن استمرار ذلك الصراع من شأنه أن “يخلق فرصاً جديدة للجهاديين”، الأمر الذي “لا يصب في صالح الولايات المتحدة، أو بريطانيا”.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هناك من يتساءل داخل أروقة المملكة العربية السعودية عن “الحكمة من القيام بحرب مكلفة، تستنزف الخزائن على نحو يصعب تعويضها مع انخفاض أسعار النفط”، في إشارة إلى استنزاف حرب اليمن للاحتياطات المالية للرياض. كما ألقت الضوء على مخاوف الرياض من “قوة إيران المتنامية”، وخشيتها من “سقوط دولة أخرى تحت سيطرة غريمتها”، لافتة إلى حديث مسؤولين أمريكيين عن “اعتراض شحنات أسلحة إلى المتمرّدين”، ورفض إيران توجيه اتهامات لها في هذه الشأن، خصوصاً وأن هناك من يعتقد أن “دعم طهران للحوثيين، إنما هو دعم خطابي، وكلامي، أكثر منه دعم فعلي ملموس”.
إلى ذلك، ألمحت الصحيفة إلى أن المملكة العربية قد غامرت في الكثير من “مصداقيتها السياسية” عبر دخولها ميدان الصراع اليمني، “الذي لا يمكن لها أن تحيد عنه، وتخرج منه بسهولة ويسر”، مشدّدة على أنه “يتعيّن على المجتمع الدولي مساعدتها على إيجاد طريقها إلى الخروج” من حرب اليمن، “جنباً إلى جنب مع “تشديد الضغوط” على الرياض للأخذ بذلك. وفي هذا الإطار، اعتبرت الصحيفة أن (خطة) السلام الأممية، والتي عرضها ولد الشيخ على مختلف الفرقاء اليمنيين، دون عرض تفاصيلها علناً، تحمل “أملاً ضئيلاً”، لجهة لحظها “محاولة للذهاب أبعد من المطالب البسيطة المتعلّقة بإعادة الحكومة (برئاسة هادي)”، وضرورة “البحث عن حل واقعي”، مستبعدة التوصل إلى “قرار” في هذا الخصوص، دون أن تستغرب رفض الرئيس هادي للمبادرة الأممية المقترحة، كونها “استبعدته وهمّشته”.
وبحسب الصحيفة، فإن “السخافات تتراكم” فوق بعضها البعض، حيث أن ما يعادل قيمته نصف قيمة صفقات الأسلحة المبرمة بين الرياض وواشنطن، بقيمة 115 مليار دولار، خلال عهد إدارة أوباما، “في طور الإعداد”، في وقت دعت فيه مندوبة الإدارة الأمريكية في الأمم المتحدة الرياض إلى “وقف غاراتها العشوائية”. الأمر الآخر المثير للسخرية، وفق الصحيفة، هو أن “المملكة المتحدة، التي أجازت بيع أسلحة (للرياض) بقيمة 3.3 مليار جنيه إسترليني منذ بدء الصراع في اليمن”، هي البلد الذي “يتباهى” بزيادة المساعدات إلى هناك بنحو 37 مليون جنيه إسترليني، علماً أن الأضرار الناجمة عن الحرب قدّرت بنحو 14 مليار دولار، حتى أغسطس الماضي، فيما لا يمكن لأي مبلغ مالي، كبر أو صغر، أن “يعيد الحياة إلى شخص فقد حياته”، أو يعوّض على فرد “خسر أحد أطرافه”، على حد تعبير الصحيفة.
وأضافت “الغارديان” بأن “هذه التناقضات تعزز دعوات ونداءات سياسيين أمريكيين، وبريطانيين لوقف الدعم (العسكري)، ومبيعات الأسلحة” إلى الرياض. هذا، وتطرّقت الصحيفة إلى البعد الأخلاقي لتلك الدعوات، إلى جانب البعد القانوني لها، إذ إنه “لا يمكن بيع الأسلحة في حال وجود خطورة واضحة من أن يجري استخدامها بما يخالف القانون الدولي الإنساني”، وهو الأمر الذي “يمكن طرحه للتساؤل حاليّاً، في حالة اليمن”. على هذا الأساس، استرجعت الصحيفة حديث المسؤولين الأمريكيين عن “مراجعة السياسة” حيال الرياض، والانقسام الذي تشهده المملكة المتحدة بين الحكومة وعدد من البرلمانيين الداعين إلى “الوقف الفوري” لتصدير الأسلحة البريطانية الصنع إلى الرياض، ملمّحة إلى أن الوقت الذي يستغرقه صنّاع السياسات في واشطن ولندن لاتخاذ قرار في هذا الشأن، ليس في صالح اليمنيين، إذ أن “كل يوم تأخير، يعني المزيد من الإصابات، والأطفال الذين يعانون من مشاكل في النمو، وكذلك المزيد من المنازل المدمّرة، والجثث الممزّقة، وأيضاً المزيد من إزهاق الأرواح جرّاء الجوع أو القصف”. وختمت الصحيفة بالقول “ليس هناك وقت نضيعه. على بريطانيا، والولايات المتحدة، وقف مبيعات الأسلحة فوراً”.

You might also like