كل ما يجري من حولك

“نيويورك تايمز”: ضرْبُ اقتصاد اليمن “متعمّد”

660
اعتبرت الصحيفة الأمريكيّة أن غارات “التحالف” قد أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية
متابعات| العربي:
زعمت صحيفة “نيويورك تايمز” أن العملية الجوية التي تقودها السعودية في اليمن تركز على ضرب أهداف مدنية، مثل مصانع وجسور ومحطات طاقة، دون أن تكون هناك أي أدلة على استخدام تلك المنشآت من قبل “الحوثيين” لأغراض عسكرية، مشيرة إلى دور أمريكي في غارات “التحالف العربي” هناك، يظهر على أكثر من صعيد.
وتابعت الصحيفة أن الغارات السعودية المستمرة منذ 19 شهراً، لم تنجح في إلحاق الهزيمة بـ”الحوثيين” وأنصار الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، حتى الآن، في وقت باتت تركّز فيه الحملة الجوية التي تقودها الرياض في اليمن على ضرب ركائز اقتصاد البلاد، وذلك بالاستناد إلى ما يقوله منتقدو تلك الحملة بشأن مسؤولية طيران “التحالف” عن تدمير عدد كبير من الأهداف المدنية، دون أن تكون هناك أي دلائل على استخدامها من قبل “الحوثيين”.
وزادت الصحيفة أن أحد أهداف تلك الضربات هو تدمير اقتصاد البلاد، حيث أتت الغارات السعودية على مستشفيات، ومدارس، وجسور، ومحطات طاقة، ومزارع دواجن، وميناء بحري استراتيجي، وبعض المنشآت الصناعية، مثل مصانع “الكوكا-كولا”، ورقائق البطاطس المقلية، بالإضافة إلى استهداف حفلات زفاف وجنازات. إلى جانب القول إن السعودية، وشأنها شأن حلفائها من دول الخليج، تسهم، بـ”تقويض مقومات الاكتفاء الذاتي” لليمنيين، بالتزامن مع “تأمين مقومات العيش” لهؤلاء، فقد أوردت “نيويورك تايمز” تصريحات اللواء الركن العميد أحمد عسيري، المتحدث باسم قوّات “التحالف” الذي تقوده السعودية، قال فيها إن الغارات الجوية ساعدت في إيقاف تقدّم “الحوثيين” ودفعتهم للدخول في مفاوضات السلام، بالإضافة إلى نجاحها في تدمير 90 % من الصواريخ والطائرات الحربية بحوزتهم، على حد تعبير العسيري، مصرّاً على أن كافة الأهداف التي يتم ضربها من قبل طيران “التحالف” مرتبطة بالأنشطة العسكرية لـ”المتمردين”، محمّلاً خصوم الرياض مسؤولية تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، ومنع إيصال المساعدات الإنسانية لليمنيين.

وعن دور واشنطن في حملة “التحالف” الجويّة في اليمن، أوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة، التي حاولت في العلن النأي بنفسها عن تلك الحملة، قد تركت بصماتها على تلك الغارات، من خلال توريد أسلحة إلى الرياض بقيمة عشرات مليارات الدولارات، إلى جانب قيام طياري “التحالف” الذين تلقوا تدريباتهم في الولايات المتحدة بتنفيذ العديد من تلك الهجمات، من مقاتلات أمريكية الصنع، وحصولهم على خدمات التزوّد بالوقود في الجو من طائرات صهاريج أمريكية.
وعن موقف الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب من حرب اليمن، فقد ذكرت الصحيفة أن الأخير المعروف بانتقاداته اللاذعة للسعودية، لم يعلن بعد موقفه من مستقبل الدعم الأمريكي لها، وإن كان يعتقد أن “السعودية لن تبقى بدوننا”، وأن “إيران تزحف إلى اليمن، وستستولي على كل شيء في المنطقة”، دون أن يكون واضحاً في تحديد خياراته للرد على المطامع الإيرانية.
وفيما يخص الوضع الإنساني المتردّي في البلد العربي الفقير، فقد اعتبرت الصحيفة الأمريكيّة أن غارات “التحالف” قد أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، في ظل تفشي مرض الكوليرا، وتزايد أعداد الناس المحتاجين إلى المساعدات الغذائية بصورة ماسة، فضلاً عن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، والذين تغصّ بهم المستشفيات. ومع الإشارة إلى اضطرار الملايين من سكان اليمن، لترك بيوتهم، وعجز السلطات منذ أغسطس الماضي، عن دفع الرواتب لمعظم الموظفين المدنيين الذين يبلغ عددهم 1.2 مليون شخص، ذهبت الصحيفة إلى أن الوتيرة المتسارعة لتدمير البنية التحتية المدنية في اليمن دفعت بالمحللين والناشطين في المجال الإغاثي إلى استنتاج مفاده أن استهداف الاقتصاد اليمني أصبح جزءاً من الاستراتيجية السعودية في الحرب. وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن منسق الشؤون الإنسانية بشأن اليمن في الأمم المتحدة، جامي ماك غولدريك، قوله إن “البعد الاقتصادي في هذه الحرب قد تحوّل إلى أسلوب تكتيكي”، مشدّداً على أن هذا التكتيك يمكن إدارجه ضمن “استراتيجية متماسكة” لتدمير الموانىء، والجسور، والمعامل، وذلك “من أجل الضغط على السياسيين”.
وعلى هذا الأساس، ذكّرت “نيويورك تايمز” بما عبّر عنه أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي مؤخراً حين أشار إلى ما سمّاه “فضيحة أخلاقيّة واضحة المعالم” جرّاء دعم واشنطن لعمليّات “التحالف” في اليمن، ومدّه بالأسلحة والذخائر الأمريكيّة الصنع، محذّراً من تورّط بلاده في “جرائم حرب في اليمن”.
وفي التقرير الذي أعدّه بن هوبارد، أوضح الكاتب أن “صعوبة الوصول إلى اليمن، تعبّر عن قلب الحرب أوضاع البلاد رأساً على عقب”، متحدّثاً عن حظر الطيران الذي تفرضه السعودية هناك، ومشاهداته لـ”هياكل الطائرات المدمّرة على طول الطريق” قرب المطار، منوّهاً بتكفّل مسؤولين أمميين توفيرَ طائرة تقلّهم من وإلى المطار. وقد لفت الكاتب إلى انتشار شعارات جماعة “أنصار الله” المناهضة لأمريكا وإسرائيل في الشوارع، وتوزّع “صور الشهداء على جدران المباني” في صنعاء القديمة، فضلاً عن شاحنات الأسلحة والمسلحين في غير مكان، كما هو الحال في الأماكن الخاضعة لسيطرة “المتمرّدين”.

You might also like