كل ما يجري من حولك

الفشلُ الكلوي بوادي حضرموت… مواجهةُ المرض بالأَمَـل

556

 

متابعات| العربي| نبيل سعيد:

خمسة وعشرون عاماً قضاها الشيخُ عمر جواس على سريرِ غسيل الكلى، متنقلاً بين القاهرة وصنعاء والمكلا وسيئون. وبالرغم من مرور ربع قرن على معاناته، إلا أنه لا يرغب في إجراء عملية زراعة لكلية جديدة، حتى وإن كان المتبرع بها من أقاربه، فلم يعد جسمه المنهك يتحمل عمليات الغسيل المستمر، ناهيك عن عمليات أخرى، لذا يمضي في فلسفته الخاصة قائلاً “لقد منحني الله فرصة العيش بالغسيل لمدة 25 عاماً بالكلية الصناعية، فكم من العمر ستمنحني عملية زراعة كلية جديدة إذا نجحت؟!”.
معاناة
أكثر من 250 مريضاً بالفشل الكلوي يترددون على مركزين في وادي حضرموت، خاصَّين بعمليات الغسيل التي تتم بواقع مرتين في الأسبوع لكل مريض، بكلفة 70 دولاراً للعملية الواحدة، يتكفل بها مجموعة من المغتربين الميسورين عبر “مؤسسة صلة للتنمية”، التي تعنى بشؤون هذه الشريحة من المرضى منذ العام 2003م.
قصة المرأة المجهولة
لم يكن الدكتور محمد بامدحج، المغترب في السعودية، يعلم أن جهوده في إقناع بعض رجال الأعمال ستتكلل بالنجاح ذات يوم، بعدما أصابه اليأس من توفير دعم مالي كاف لإنشاء مركز متخصص بالكلية الصناعية في وادي حضرموت، نظراً للكلفة المالية الباهظة لمثل هذه المشاريع والمتابعة المضنية لإنجازها. لكن مساعيه الجادة في هذا المجال دفعت بأحد أصدقائه لأخذ إحدى المقالات الصحافية المرتبطة بفكرة المشروع إلى البيت لقراءته، فكان أن وقع المقال بيد والدة صديقه التي أبدت رغبتها في تكفل جميع النفقات الخاصة بإنجاز أول مركز للكلية الصناعية في مديرية القطن بوادي حضرموت، شريطة عدم ذكر اسمها كمتبرعة، ضاربة مثالاً متميزاً لمعنى “الإحسان”، وإنفاق الأيادي البيضاء بمبدأ إنكار الذات.
مركز القطن
ونزولاً عند رغبة تلك المرأة المجهولة، تم إنشاء المركز في مديرية القطن مطلع العام 2003م، بسعة 22 جهاز استصفاء دموي، بتمويل من ” مؤسسة صلة للتنمية”، من أجل التخفيف من معاناة المرضى المصابين بالفشل الكلوي في وادي حضرموت، والذين لم يكن يتجاوز عددهم، حينئذ، 20 حالة فقط.
مركز اليسر
ونظراً لتزايد أعداد المرضى في وادي حضرموت، تم إنشاء مركز “اليسر للكلية الصناعية” نهاية العام 2014م، وتجهيزه بأحدث أجهزة الغسيل المتطورة، التي يبلغ عددها 20 جهازاً، بكلفة 25 ألف دولار للجهاز الواحد، بتمويل وإشراف “مؤسسة صلة” الداعمة لهذه المبادرات الخيرية. وعلاوة على التخفيف من معاناة المرضى في النطاق الجغرافي الخاص بهذه المراكز التخصصية، فقد قامت أيضاً بدور مهم تجاه المرضى النازحين من المحافظات اليمنية الأخرى إلى حضرموت جراء ظروف الحرب التي اندلعت في مارس العام 2015م، حيث أنجزت هذه المراكز مجتمعة أكثر من 138,985 جلسة غسيل كلوي لحوالي 1,092 حالة مرضية من محافظات عدن، أبين، لحج، الضالع، يافع، شبوة. وفي ظل عجز الحكومة اليمنية عن توفير أدنى المسلتزمات الطبية واللوجستية لمثل هذه المراكز الطبية، يتكفل المغتربون بتدبير تكاليف جلسات الغسيل التي تتراوح ما بين 30 – 35 دولاراً للجلسة الواحدة.
زراعة الكلى
وفي تصريح لـ”العربي”، أكد المشرف العام لـ”مؤسسة صلة للتنمية” أن “المؤسسة بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مشروع زراعة الكلى لـ40 مصاباً بالفشل الكلوي بحضرموت”، لافتاً إلى أنه “سيتم ترحيل مجموعة منهم لإجراء عمليات زراعة الكلى بمستشفيات الأردن وتركيا، إضافة إلى تكفل المؤسسة بتوفير العلاج لزارعي الكلى في حضرموت، والذي يبلغ عددهم أكثر من 70 زارعاً يحصلون على العلاج المجاني شهرياً”.
طموحات مستقبلية
من جانبه، يشير الدكتور هاني خالد العمودي، مدير عام مكتب الصحة في وادي حضرموت، في تصريح لـ”العربي”، إلى وجود “ثلاثة أمراض تشكل مثلث الموت في وادي حضرموت، تتمثل في أمراض الكلى والفشل الكلوي، وأمراض السرطان، وأمراض القلب، التي تشكل نسبة كبيرة من الأمراض المنتشرة بالمنطقة”. ويعتبر العمودي أن “تجربة إنشاء المراكز المتخصصة بغسيل الكلى بالوادي تجربة نموذجية رائدة، أنجزت منذ سنوات بمبادرات وتبرعات عدد من فاعلي الخير عبر مؤسسة صلة للتنمية، وخففت كثيراً من معاناة المرضى، كما خففت الكثير من الأعباء والمهام المناطة بعملنا بمكتب الصحة، ونأمل مستقبلاً أن تكلل الجهود بالنجاح لإنشاء مركز حديث متخصص في معالجة أمراض الكلى”.
يوتيوب فيديو

تحقيق | معاناة مرضى الفشل الكلوي بوادي حضرموت… وزراعة الأمل
You might also like