كل ما يجري من حولك

600 يوم على “عاصفة الحزم”… ماذا حقّقت السعودية؟

552
متابعات| العربي:
عشرون شهراً تقريباً،على انطلاق “عاصفة الحزم” العسكرية في اليمن، بقيادة المملكة العربية السعودية، والتي قادت تحالفاً عسكرياً اشتركت فيه 11 دولة وحددت أهداف حربها بإنهاء الانقلاب وإعادة الشرعية، بل حددت فترتها الزمنية بعشرة أيام فقط. عشرون شهراً من القصف، عشرون شهراً من الدمار، وعشرون من العمل العسكري المكثف، بل عشرون من الأخطاء بحق مدنيين هنا وهناك.
في بداية الأمر، قالت المملكة العربية السعودية إنها أطلقت “عاصفة الحزم” في اليمن بطلب من الرئيس هادي، وإن الهدف الأول هو إعادة الشرعية والحكومة اليمنية إلى اليمن، وإذا كان هذا الهدف هو الهدف الحقيقي فلماذا قبلت اليوم المملكة العربية السعودية بخارطة ولد الشيخ التي تزيح الرئيس عبد ربه منصور هادي من واجهة الشرعية التي قالت إنها حاربت طوال هذه الفترة من أجلها؟
قبول المملكة العربية السعودية بخارطة ولد الشيخ الأخيرة التي تزيح هادي من الحكم أظهر جزءاً من أهداف واستراتيجيات المملكة العربية السعودية، كذلك أظهر جدلاً سياسياً واسعاً على مستوى الوسط المحلي والاقليمي والدولي.
منذ عشرين شهراً، حين أعلنت السعودية حربها على جماعة “أنصار الله” وحلفائها، إلى اليوم، ما الذي تحقّق؟ أعلنت السعودية أخيراً موافقتها على الخطة الأممية التي قدمها إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والتي تقرر إزاحة هادي من المشهد، ونقل صلاحياته إلى نائبه، الذي سيسميه بعد أن تتوافق عليه الأطراف اليمنية بمن فيهم جماعة “أنصار الله”. ماذا يعني هذا؟
الكاتب الصحافي، بشير السيد، يجيب بالقول “اليوم السعودية تكشف عن الهدف الحقيقي من حربها. لم يكن الانقلابيون هم المستهدفين من الحرب، بل اليمن واليمنيين، فبعد 20 شهراً من الحرب يطالب العالم والسعودية هادي التخلي عن شرعيته التي باسمها شنت الحرب على اليمن واليمنيين! بعد 20 شهراً من الحرب التي دمرت البنى التحتية المدنية والعسكرية وضرب الاقتصاد اليمني الصناعي والزراعي، السعودية تطلب من هادي التعامل مع الخطة الأممية التي تنص على طي صفحة الشرعية المقيتة، هذه النتيجة التي تقررت بعد الحرب”.
ويتابع السيد حديثه متسائلاً “لماذا لم يتمسك هادي بقرار استقالته التي تقدم بها في 22 يناير 2015 ليجنب اليمن واليمنيين هذه الجريمة الكارثية، طالما والنتيجة خروجه من المشهد؟ لماذا الحرب والنتيجة لم تختلف عن اسقالته وهي خروج هادي من السلطة؟ هذه أكبر عملية خيانة في التاريخ مارستها نخبة الشرعية اليمنية. خيانة حولت اليمن إلى مأتم كبير وأرض للمعاقين والمرضى النفسيين، بلد يقطنه الجائعون”.

ويضيف السيد “سيكون أشرف لهذه النخبة الخائنة أن تقرر رفضها للخطة الأممية وتعلن استقالة جماعية من السلطة التي باسمها قتل اليمنيون وهتكت كرامتهم ومزق نسيجهم الاجتماعي ودمرت ممتلكاتهم الشخصية والعامة، أعلنوا انسحابكم من المشهد واتركوا الأمر لليمنيين، هم أصحاب السلطة وعليهم وحدهم أن يقرروا مصيرهم بدون الوصاية الخليجية القاتلة التي منحت مباركتكم مدفوعة الأجر. دعو اليمنيين ليحددوا مصيرهم بدون طيران السعودية والمبعوث الأممي وسفراء الدول الـ18”.
المحلل السياسي، باسم الحكيمي، وفي حديثه عن الموضوع، يذهب إلى القول بأن “التحرك السعودي في اليمن جاء في وقت حساس جداً، وفي الدقيقة الأخيرة من مسار تفاوضي غربي إيراني لترتيب المنطقة لصالح النفوذ الإيراني، هذا التحرك أربك حسابات الجميع وعطل المشاريع الجاهزة وأدخل لاعبين جدداً إلى المسرح. لا أشك أن تأثيرات هذا التحرك المباغت لم تتضح بعد لكنها عميقة وبعيدة وجوهرية، ولا أشك أيضاً أن محاولات ستجري لاحتواء آثاره وتقليل فعاليته وسنسمع كثيراً تحليلات تتحدث عن تورط السعودية وعن حماقة ما جرى، وتهويل وتخويف الغرض منه وقف هذا التحرك والتأثير في مجرياته وآثاره وإشاعة الإحباط في المنطقة العربية، بأن لا أمل ولا فائدة وكأن قدر العرب الخنوع والخنوع فقط”.
ويضيف الحكيمي “لست ممن يتزلف للسعوديين ولن أكون، ولست ممن يريدون دمار بلدهم وتشظيها، لكن من الخطأ عدم الإقرار بأن السعودية دولة إقليمية كبيرة يمكنها أن تلعب بأوراق كثيرة ولديها من المقومات والأوراق الكافية للتأثير في صناعة مستقبل المنطقة، كان ينقصها الإرادة والتحرك الإيجابي وهذا ما فعلته، نحن الآن نختتم الشهر العشرين من عاصفة الحزم ولم نشهد رداً إيرانياً مؤثراً، ولن نشهد، فليس لدى طهران كثيرا لتفعله، والضربة كانت مباغتة وتفاجأت إيران كما كثيرون، وتبخرت أوهامها في السيطرة عبر وكلائها على اليمن”.
وبالنسبة للرياض، وطبقاً للحكيمي، فإن أي تراجع عن العملية قبل اكتمال الأهداف هو الخسران بعينه، وهو الإقرار بالنفوذ الإيراني، ليس على صنعاء، بل والرياض أيضاً، وأن أبو ظبي وغيرها من عواصم الخليج ستكون مجرد ملحقات وتوابع لا أكثر، بعد الذي أصاب بغداد ودمشق.
ورغم كل الأطروحات التي تشير إلى رضوخ المملكة أمام ضغوط دولية للقبول بخارطة السلام، يرى السياسي خالد بقلان، وعضو “التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري”، أن ذلك “شأن يعني الشرعية اليمنية أساساً، ويظل الدور الحقيقي هو دعم موقف الشرعية، سواء من قبل التحالف العربي، سواء قبلت الشرعية أو رفضت، كما صدر مؤخراً من خلال موقف عبر عنه خطاب الرئيس هادي الذي هو خلاصة لموقف قيادة السلطة الشرعية والقوى السياسية الداعمة لها”.
وتوقع بقلان أن يعلن “التحالف العربي بقيادة المملكة مواصلة دعمه لسلطة الشرعية برئاسة هادي، وسنشهد خلال الأيام القليلة القادمة تحولات في المواقف لصالح الشرعية اليمنية، وربما أن هناك مزيداً من القرارات التي سوف تصدر من جانب القيادة الشرعية والتي تشير لبوادر معارك ضارية وحصار خانق لما يُسمى إقليم أزال حيث تُقرع طبول الحرب وتضرب الدفوف أبوابه”.
أما الجانب الآخر لـ”عاصفة الحزم”، فهو بالنسبة للمملكة، ومن وجهة نظر بقلان، معركة مع إيران “التي تمثل الحوثية عصاها وسوطها في جزيرة العرب، كما أن العاصفة أيضاً لها أهداف لا يستطيع أحد التنبؤ بها حالياً في ظل استمرار الحرب وبوادر السلام، ويمكننا الحكم عليها من خلال النتائج المترتبة عليها”.
تتضح الصورة أكثر يوماً بعد آخر عن ذهنية المملكة العربية السعودية في حربها في اليمن. ويوماً بعد آخر تتكشف الصورة لتصبح قريبة من كل اليمنيين ومن المحيط الاقليمي والدولي الواسع، ليجمع حلفاء المملكة وخصومها على أن السعودية “لم تكن تقوم بحربها من أجل استقرار اليمن ومن أجل سلامته وأمنه”، بل وفق أجندة حسابات خاصة “بمكانة المملكة ومصالحها الإقليمية”.
ولعل تصريحات السفير السعودي في واشنطن الأخيرة ساعدت على ترسيخ هذه النظرة إلى السياسات السعودية المتبعة حالياً، على الصعيد الشعبي هذه المرة، والذي أغضبه التصريح، عندما شاهد رد السفير على سؤال حول استهداف المدنيين في اليمن، بالقول إن السؤال شبيه بالذي يقول متى يتوقف الزوج عن ضرب زوجته!

You might also like