كل ما يجري من حولك

ثورتُنا المُنقذة مستمرةٌ وزاد اشتعالُها

421

نوح جلاس

بعد أن كانت بلادُنا تعيشُ في حالٍ ليس بمختلفٍ عن الذين عاشوا في فترةٍ ما قبل بزوغ الهدى، كان القوي يأكل الضعيف وكانت هُويتنا بجميع جوانبها تتجهُ نحو الاختفاء الكامل، وكانت اليمن تعتبر البوابة المركزية لجعل المنطقة بكلها مستنقعاً وحلاً ومظلماً تغرق فيه الأمة بأكملها.

فتهريبُ الحشيش والخمور وكل ما يجعل الأمة في الحضيض كان يمر عبر اليمن، وكانت اليمنُ فجوةً تغذيها أمريكا في تربية الإرهابيين وإعدادهم وتصديرهم إلى أية منطقة في العالم تريد أن تستهدفها، وكان الأطفال والنساء من داخل وخارج البلد يباعون وكانت بلدنا وكالةً للبيع والشراء!، فالعدو كان متحكم بالحدود البرية والبحرية لبلادنا وجعل مياهَنا الإقليمية أداة بيده يتحكم بها كيف ما يشاء، يصعب وصف ذاك الوضع الذي عاشه شعبنا اليمني طيلة فترة حكم العدو الأجنبي ووكلائه عملاء الداخل.

وما إن جاءت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر التي نسفت كُلّ ما كان يخطط له العدو طيلة الفترة الماضية ونثرت كُلّ ما كان يمارسه في سبيل احْتلَال الأمة وتفريغها من مضمونها.

فجميعُ أذرعته قد كُسرت وكل مواضع أقدامه قد نُسفت، وأُغلقت تلك البوابة التي لطالما مرَّر منها كُلّ ما يخدمه في سبيل إذلال الأمة واستعبادها.

فبعد بزوغ فجر الهدى من جديد، أشرقت شمس الثَّـوْرَة العظيمة وسلخت كُلّ الظلمات التي كان شعبنا يتخبط فيها، فانتفض هذا الشعب الحر الأبي بعد أن نُفخت فيه روح الحرية والإباء، وتحرك كالإعصار جارفاً معه كُلّ حواجز وسدود العدو اللدود.

فمنذ قيام هذه الثَّـوْرَة العظيمة ذُبحت داعش وكُسرت سكاكينها، ونُسفت القاعدة وتمزقت أحزمتها، وانكشف النفاق وسقط ستاره، وكُسرت يد الشيطان وانتُشلت أقدام الاستعمار، واستُئصِلت أُسُس المؤامرات وجاء السلام لِيدحر الإرهاب إلى قلوب أولئك الأشرار.

وبعد أن كان شعبنا يتوجه صوب قبلة الحرية والعزة والكرامة عاد العدو مُجدداً وقد حشد معه أعتى جبابرة الأرض بغية إرجاعنا إلى عبادة الطاغوت والتوجه صوب تمثال الخضوع والخنوع والإذلال، وقام بارتكاب أبشع المجازر والمذابح بحق هذا الشعب وقدم نموذجاً واضحاً للعالم عن مشروعه الشيطاني، فدمر الحجر وأحرق الشجر وقتَّل البشر، وفرَض حصاراً بريٍ وبحريٍ وجوي، ولكن شعبنا بعزيمته وإرادته تمكن من التصدي والدفع بكل ما أتى به العدو؛ لأنه مؤمن برب العالمين القاهر فوق عباده والمهيمن على كُلّ شيء.

ولأن العدو وعملاءه لا يدركون معنى التمسك بالله حاولوا إخضاعنا بكل الوسائل، فاشتروا الموقفَ الدولي والقرار الأُمَمي والضمير العربي والوازع الديني والأخلاقي من العالم الإسلامي!، ولكن كُلّ أَعْمَاله ومشاريعه التي رسمها بائت بالفشل، بل وحصل هناك ناتحٌ عكسي، حيث أَصْبَـح العدو يزيد في كُلّ يوم انتكاساً وتقهقراً مع تعاظم انْتصَاراتنا على جميع المستويات وسط اندهاشٍ أصاب العدو وَالعالم بمقتل!، وهذا يجسد الروحية الإيْمَانية القوية والعزيمة الثورية العالية التي يتحلى بها شعبنا العظيم، الذي صمد صموداً أسطورياً سوف يبقى خالداً لملايين السنين.

ولا يدرك العدو بأن إجرامه وإقدامه على كُلّ الجرائم هي مصدر تغذية ثباتنا وصمودنا، ومع مرور الذكرى الثانية للثورة المباركة حاول العدو أن يشتت أنظار الشعب وإبعادهم عن معرفة فضائلها وجعلهم يندمون لثورتهم ويستسلمون، فاستخدم الورقة الاقْتصَادية وقام بنقل البنك المركزي لكي يصنع حالةً من الوهن والتراجع في صفوف أبناء الشعب.

ولكن شعبَنا بصبره قرر أن يستمر في ثورته، وَبوعيه عرف أن العدو يحاول إخراجه من الواقع الذي يعيش عليه، ففي هذه الأَيَّـام نعيش ذكرى عيد الولاية التي أَصْبَـح شعبنا يدرك عظمة هذه المناسبة وأهميتها، حيث يدرك شعبنا بأن هذا القرار ليس مهماً للعدو في الضغط علينا بقدر ما هو قرار لأبعادنا وإخراجنا عن متارسنا وجعلنا لا نتذوق ثمارَ هاتين المناسبتين العظيمتين.

حتى وإن كان العدو قرر بأن يعمل هكذا للضغط علينا فإننا هنا قد أدركنا بأننا أقرب للانْتصَار من أي وقتٍ مضى، وعرفنا بأن العدو أَصْبَـح يدفع بآخر أوراقه، وهذا يجعلنا ويدفعنا إلى الصبر ومواصلة الثَّـوْرَة وإحراق هذه الورقة كسابق مثيلاتها.

وليعرف العدو بأن صمودنا يزيد صلابة وعزمنا يزيد قوة مع كُلّ مجزرة يرتكبها، وإن كُلّ الخيارات التي يستخدمها محاولاً الضغط علينا لن تؤدي إلا إلى انفجارِ الثَّـوْرَة في وجهه أعظم من أي وقتٍ مضى، وأنه مهما حاول حرف أذهاننا عن قضيتنا فإنه يساعدنا على التمسك بالنهج الثوري وحسّه العالي؛ لأن هذا يزيد في إيْمَاننا بعدالة قضيتنا الذي يحفزنا على الاسْتمرَار حتى الانْتصَار.

You might also like