كل ما يجري من حولك

(الــحــكــمــة).. معناها.. وتوضيح الفهم الخاطئ لها

432

أوضح لنا الشَّـهِيْـدُ القَائِدُ في محاضرة ــ ملزمة ــ [الدرس الثامن من دروس رمضان] بأنه عندما نقول: الكتاب، والحكمة، ليس المقصود بالحكمة (السُّنة) حيث قال: [الكتاب والحكمة، الحكمة كما نقول في أَكْثَـر من مقام هي لا تعني هنا: [السنة] كما يقول المفسرون أبداً ليعلمهم كيف يكونون حكماء في رؤاهم، في سلوكياتهم، في مواقفهم، الحكمة هي الآن عندما افتقدها المسلمون عندما افتقدها العرب، هل تجد مواقف حكيمة الآن في مواجهة هذا الخطر الكبير الذي يتجه على هذه الأمة، أين المواقف الحكيمة؟ هل هناك مواقف حكيمة؟ هل يوجد رؤى حكيمة؟ هل هناك أساليبُ حكيمة؟ لا شيء، مفقودة].

 

معنى الحكمة

واسترسل -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- في شرح معنى الحكمة حيث قال: [الحكمة هي من الله {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً}(البقرة: من الآية269) الحكمة هي جانب من الحق نفسه، لهذا يقول هناك {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} والحكمة تعني: المواقف الحق، وهي في نفس الوقت تعتبر حكيمة أي هو الموقف الصحيح المناسب، فالموقف الصحيح المناسب هو حق وهو حكمة في نفس الوقت، موقف حكيم من هذه القضية الفلانية أسلوب حكيم في هذا المجال الفلاني طريقة حكيمة في هذا التوجه الفلاني وهكذا].

 

أمثلة.. على تصرفات حكيمة

المثال الأول: استثمار الشهداء لموتهم: ــ

بين لنا -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- بأنه منتهى الحكمة عندما ينطلق الإنسان مقاتلا في سبيل الله، فإن استشهد فهو في الجنة، وإن عاش فهو عزيز ومنتصر، حيث قال: [لو تأتي إلى مسألة: أن تقتل في سبيل الله تجدها في الأخير تعتبر من الحكمة بالنسبة لك ومن الخير الكبير بالنسبة لك لأنه عندما ترى أنه في الأخير أنت ستموت، أليس كُلّ إنسان سيموت، أليس من الأفضل لي أليس من الحكمة أن استثمر موتي أنت ستموت، ستموت أليس هذا موقفاً حكيماً؟ ليست قضية تعتبر مصيبة؛ لأنه ما هو الجديد في القضية؟ هل هناك جديد في الموضوع؟ هل القتل في سبيل الله شيء أَكْثَـر من الموت؟ أَوْ الإنسان إذا لم يقتل في سبيل الله فلن يموت؟ سيموت ولا تدري في نفس الوقت متى ستموت، إذاً فالموقف الحكيم والخير الكبير عندما تقتل في سبيل الله تعتبر أنت استثمرت موتك الذي لا بد منه ثم تكون في الواقع أفضل لك من أن تموت فتكون في عالم اللا شيء إلى يوم القيامة تكون أحياء، أحياء.ويبدو أن الشهداء يبقون أحياء من أول لحظة يفارق فيها هذه الحياة فيصبحون أحياء فعلاً، ففي آيات أخرى عندما يقول الله عن أحداث القيامة: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}تبين أن هناك فئة أَوْ شَيئاً من مخلوقاته حية لا تتأثر بتلك الأشياء مع أن الشهيد يموت اسما، اسما هكذا أنت تراه لكن في الواقع يصبح حياً فقط ألقى [بذلة] خلع البذلة التي عليه ذلك [البودي] الذي له هذا الهيكل وأصبح حياً {عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} لم يعد هناك موت بالنسبة لهم {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} تأمل في كثير من الآيات التي تتحدث عن أحداث القيامة فيها حالة استثناء {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}]..

المثال الثاني: ــ التمسك بالصبر عندما ننطلق في سبيل الله: ــ

وأرشدنا -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- إلى أن الإنسان الذكي المؤمن بكتاب الله هو من يستثمر صبره في سبيل الله أيضا، مثلما الشهيد استثمر موته، ووضح هذا بقوله: [أفضل لك أن تصبر في سبيل الله من أن تصبر على الذلة والإهانة والقهر والعبودية والاستدلال وتسلط الأعداء، أفضل لي أن أسير أنا ويكون الأعداء هم الذين يصيحون مني، الذي أضرِب، أفضل من أن أكون أنا الذي أُضرَب والذي أُقهر وأُذل وأصيح أنا وكل أسرتي وكل الناس من حولي، أليس هذا أفضل لك، تصبر في طريق أنت فيها الذي تضرب وتؤلم الآخر وتغيض الآخر وتهزم الآخر؟ ولا أن تكون أنت الذي ماذا؟ الآخر العدو هو الذي يقتحم عليك بيتك هو الذي ينتهك عرضك هو الذي ينهب أموالك هو الذي يذلك ويقهرك، نحن نرى صورا من هذه موجودة في العراق وفي فلسطين مؤسفة جداً].

وأضاف محاججاً للناس بكلام رائع وهو: [أن يصبر الإنسان في سبيل الله هو الصبر الوحيد الذي يأتي بعده فرج وإذا لم تصبر في سبيل الله فستصبر على قهر أعدائك على ظلمهم لك على استعبادهم لك على هتك عرضك، ويكون هذا الصبر لا لله ولا في سبيله ولا نهاية له وليس بعده فرج لا يحصل بعده فرج أبداً].

You might also like