على سفرة.. شهيد
أسامة الموشكي
بيتٌ إن رأيته من الخارج:
يبدو مهدماً منهكاً.
نوافذُه مكسرة وأبوابه مخلعة وعليها ستائر بغية الستر معلقة.
وإن نظرت إليه من الداخل:
متماسكاً طامحاً متحدياً شامخاً.
جدرانه بطلاء العزة مطلية نقشاته بنقاش النصر منحوتة وسقفه عالٍ.. نظرة العين لا تراه ولمسة اليد لا تلقاه.
في وسطه سفرة ممدودة:
حمراء، بيضاء، سوداء، ومن حولها الناس صامدة متحدية وللذكريات مأسورة متحمدة.
أم الشهيد
أَمَام من حولها تبدي السرور وقلبها في جوفها يقول.. مر السحور حتى أتى الفطور وقبلة شكر من الشهيد مفقودة.
زوجة الشهيد
نظراتها لأولادها مكسورة وتبتسم بغصة مجبورة.. لتقول: لولا دماؤه لكانت السفرة مقلوبة وألوانها مطموسة محروقة.
أبو الشهيد
الى أولاده الذين حول السفرة ينظر.. وللمكان الخالي كان دمعه سيقطر.. ظل متماسكاً قائلاً: اسمعوا قبل أن نفطر..
هل يروقكم رؤية أبوابنا المخلعة ونوافذنا المكسرة؟.
هل ستنتظرون حتى تبلى الستائر التي تسترنا وتسقط؟.
أتعلمون أإن سقطت أعراضنا ستفضح.. وأرضنا ستدخلها الكلاب وتنبح!.
إذهبوا للذود عن وطننا.. ولا ترجعوا إلّا بنصر يعيد بناء الأبواب ويلملم زجاج النوافذ.
وإن كتبت لكم الشهادة فهنيئاً لكم لقاء الأحباب.
ابن الشهيد
ممسكاً بتمرته ولا يأكل.
ماذا بك؟.
لا تقولوا اني لم اصم ومع الصائمين ﻻ اريد أن افطر.
فقط تمنيت أن أقول لأبي إني صرت رجلاً متحمَّلاً أن يصبر.
صبرت جوعاً، عطشاً، فراقاً، ولأَكْثَر من هذا صرت اقدر.
وبنت الشهيد
للسفرة تاركة وعند النافذة واقفة.
ما بك لا تأتي؟.
سأنتظر أبي حتى يأتي لأقول اني لوجبته المفضلة استطعت أن اطهي.
عودي.. أبوك حيٌّ لن يعود!.
لن أعود فقد وعدني أن يعود برفقة نصرا من الجار الحقود.
لا تستغربوا!.
أنا انتظر.. النصر فالنصر أبي.. وأبي هو النصر.
وستظل_السفرة ممدودة.