كل ما يجري من حولك

أولويات مشاورات الكويت وَعقدة وفد الرياض

370

 

عبدالملك العجري

هل وقف الحرب العُدْوَانية ووقف نزيف الدم والخراب الذي حل بالبلاد والعباد يمثل اولوية لمشاورات الكويت التي من المقرر أن تبدأ جولتها الثانية بعد غد الجمعة؟ أم أن القرارات الأُمَـمية ومزعوم الشرعية تحولت إلى “بقرة مقدسة” واولوية تركز المشاورات على كيفية عمل مقاربات ومخارج لا تنتهك شرعية البقرة المقدسة والقرارات الأُمَـمية، الأمر الذي عنى انقلاب المشاورات إلى جلسة مرافعات والدخول في جدل بيزنطي حول من يلتزم ومن لا يلتزم، ومن عليه الالتزام ومن لا التزام عليه، ومن ينتهك القرارات ومن لا ينتهكها وكل طرف يتقدم بعريضة طويلة من الدعاوي والادعاءات.

لا يهمنا الآن الخوض في مصداقية القرارات الأُمَـمية فليس المرة الأولى التي تكون فيها على المحك وَالمنطق الذي يحكم مجلس الأمن هو منطق المال والنفوذ لا منطق الأَخْلَاق وَالعدالة الدولية، لكن يفترض أن التفاهمات التي جرت في مسقط العام الماضي تمكنت من تجاوز عقدة القرارات الأُمَـمية من خلال تسوية توفق بين المرجعيات الأُمَـمية والمرجعيات الواقعية التي تفرضها خرائط الصراع على الأرض وتثبيت القرارات الأُمَـمية كمرجعية للحوار لا موضوعا له.

والشيء الذي لم استطع استيعابه استمرار وفد الرياض وبعض الأَطْرَاف الدولية والإقْليْمية على تجاهل خرائط الصراع، وَطرح شرعية هادي والقرارات الأُمَـمية كأولوية تتقدم في اهميتها واولويتها على كوارث الحرب ووقف حمام الدم، فمن أَجل حماية النصوص المقدسة لا مشكلة في أن تتحول البلاد إلى مقبرة جماعية وَخرابة كبيرة!!

بصراحة بت أتخوف إذا استمر الجدل حول شرعية “هادي” فترة طويلة، أن يتحول النزاع حولها إلى ازمة تأريخية تنقسم الامة الإسْلَامية (بل العالم) حولها كما انقسمت حول شرعية الخلفاء الراشدين إلى فسطاطين أَوْ فريقين.

ومع تعصى حسم مسالة شرعية هادي أخشى أن يتطرف البعض ويرفع هادي إلى خامس الخلفاء الراشدين، ويثبت الاقرار بالخليفة الراشد أبي جلال الفرار جزءا من العقيدة الدينية لا يكتمل إيْمَـان المؤمن إلّا بها، ومن ثم تسجيلها ثاني أزمة – بعد ازمة شرعية الخلفاء الراشدين -يستعصى على الامة حسم الجدل حولها.

دعونا نتجاوز قناعتنا أن ما يجري هو عُدْوَان سافر على الـيَـمَـن، فلا يمكن انكار أن هناك طرفي نزاع مسلح سالت بينهما انهار من الدماء فهل الحل أن يفرض على القوى في الداخل التعهد باستقبال مجموعة الرياض بالزغاريد؟ وان يسلموا اعناقهم طواعية لهادي وأَنْصَـار الرياض حتى تطمئن قلوبهم إلى انك صرت حملا وديعا، وبعد أن تطمئن قلوبهم وتحصل القوى الوطنية على شهادة بحسن السيرة والسلوك من المجتمع الدولي يكافئونك أن تكون شريكا لهم في حكومة يعينها الخليفة الراشد أبو جلال الفرار.

اذا كانت جماعة الرياض تتعذر بانهم لا يثقون بنا، فنحن ليس فقط لا نثق بهم بل ولا نعدهم في الرجال، والحل الذي تطرحه الأُمَـم المتحدة من خلال اجراءات بناء الثقة.. كيف ذلك؟

مجموعة الرياض يريدونها على طريقة الفنان الـيَـمَـني ايوب طارش “باعدوا من طريقنا جنة الحب حقنا “، أما في كُلّ تجارب فض النزاعات المسلحة في العالم فتتم من خلال تسوية توافقية تحقق لأَطْرَاف النزاع – من خلال كونها جزءاً من سلطة توافقية -الأمن على أنفسهم واتباعهم.

***

المتابع لتصريحات مجموعة الرياض منذ رفع المشاورات وردود افعالهم المتشنجة والمتطرفة في اشتراط التمسك بالمرجعيات الأُمَـمية وَالتمترس خلف مزعوم الشرعية واتخذاها مسمار جحا للتنصل من استحقاقات السلام، يستطيع أن يستشف المخاوف التي تدفعهم للتطرف في الاشتراطات التعجيزية.

معظم مهاجري الرياض خوفهم ليس على الشرعية بل من المستقبل، مقتلهم هو في أي تسوية تجمعهم مع القوى الوطنية وعلى راسها أَنْصَـار الله والمؤتمر الشعبي العام في إطار عمل رسمي مشترك، وتنظم مستقبل التنافس السياسي بين الطرفين، هنا يرون مقتلهم.

هادي وَالمخلافي وجباري والبقية من مهاجري الرياض أَوْ معظمهم مستيقنون أن مستقبلهم محروق ما دام على الساحة منافسين اقوياء كأَنْصَـار الله والمؤتمر وانهم لا يملكون أي مقومات تؤهلهم للمنافسة ولذلك يراهنون على السعودية وعلى الحسم العسكري لتسوية الملعب السياسي واخلائه من المنافسين السياسيين، فهذا هو الملعب الذي يجيدون اللعب فيه.

++++

You might also like