نتنياهو يُفاخر بـ”انقلاب” العلاقة مع العرب
حلمي موسى*
بعد يومين على زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري للقدس المحتلة ولقائه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، تفاخر الأخير بوجود «انقلاب في علاقاتنا مع دول عربية مهمة».
وكانت الزيارة أثارت ردود فعل متباينة في أوساط مختلفة في “إسرائيل”، حيث اعتبرها أعضاء كنيست عرب «تحسيناً لصورة نتنياهو». ومع ذلك، اتجهت الأنظار نحو ما نشره موقع «بلومبرغ» الاقتصادي عن مشاركة طائرات إسرائيلية من دون طيار في مهاجمة أهداف لـ «داعش» في شبه جزيرة سيناء، خصوصاً بعد النفي الإسرائيلي والمصري للنبأ.
وفي حفل تخريج ضباط من كلية الأمن في قاعدة جليلوت العسكرية، تفاخر نتنياهو بالعلاقات القائمة بين حكومته ودول عديدة في المنطقة. وقال إن «انقلاباً حدث في علاقتنا مع دول عربية مهمة». وأضاف أن هذه الدول العربية «صارت تفهم أن إسرائيل ليست عدواً، وإنما حليف وسند في مواجهة تصاعد أخطار الإسلام المتطرف على شاكلة تنظيم الدولة الإسلامية».
وأعرب نتنياهو عن اعتقاده أن «هذا ينطوي بالضرورة على ميزة واحدة، وهي أننا دأبنا دوماً على القول إنه لحظة أن نحل أو نتقدم أو نحقق اختراقاً في علاقات السلام مع الفلسطينيين، سيصير بوسعنا التوصل إلى علاقات سلام مع العالم العربي بأسره. ولا ريب أن هذا سار دائما – ولكني اظن وبشكل متزايد أن العملية يمكنها أن تتقدم أيضاً في الاتجاه المعاكس». وشدد نتنياهو على أن «التطبيع لحث العلاقات مع العالم العربي يمكنه أن يساعدنا في حث السلام – الأكثر وعياً ودعماً – بيننا وبين الفلسطينيين». وتطرق نتنياهو أيضاً إلى العلاقات الأمنية الوثيقة مع كل من الأردن ومصر موضحاً أن السلام مع هاتين الدولتين يجري الحفاظ عليه لأنه «ضروري لمستقبلنا».
وكانت أهم إشارة إلى العلاقات الأمنية هذه قد نشرت نقلاً عن مصدر إسرائيلي رفيع المستوى بشأن مهاجمة طائرات إسرائيلية من دون طيار مرات عدة أهدافاً لـ «داعش» في سيناء. وقد نفت مصر و”إسرائيل” هذه الأنباء، معتبرة أنها لا تستند إلى أساس. وكان معلقون إسرائيليون قد أشاروا إلى الحرج الكبير الذي أصاب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية جراء نشر هكذا نبأ ونسبته إلى مصدر إسرائيلي.
وكتب المعلق الأمني لصحيفة «معاريف»، يوسي ميلمان أن ما نشره موقع «بلومبرغ» كان المرة الأولى التي تنشر فيها أخبار كهذه في موقع غير عربي.
وأشار إلى أن ما هو أدهى من ذلك أن الخبر كتبه مراسل الوكالة في “إسرائيل” وهو يعتمد على مصدر إسرائيلي وصف بأنه «رفيع في المؤسسة الأمنية».
وقال الخبر إن الغارات الإسرائيلية تمت بعلم ومصادقة السلطات المصرية التامة فضلاً عن وجود تعاون استخباري بين مصر و”اسرائيل”..
وأوضح ميلمان أنه يمكن الافتراض أنه «إذا كان الخبر صحيحاً، فإن مصر لن تكون مرتاحة لنشره. فأوساط معارضة في مصر وخصوم في الخارج، مثل إيران، قد يستغلون الخبر لمناكفة نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي واتهامه بالعمالة لإسرائيل». كما أن توقيت نشر الخبر بعد يوم من الزيارة المفاجئة لسامح شكري ولقاءاته مع نتنياهو يجعله «مثيراً للاهتمام وأيضاً إشكاليا».
ولاحظ ميلمان أن زيارة شكري للقدس المحتلة تشهد على ثقة النظام المصري بنفسه بإظهار العلاقات المتحسنة بين مصر والكيان الاسرائيلي. ولكن من الجهة الأخرى، أبدى تقديره بأنه إذا كان الخبر صحيحا، فإن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تشعر بالغضب على من أفشى الخبر. وربما ستبذل جهوداً لاكتشافه.
وخلص إلى أن التحقيق في الأمر قد يفاقم الاهتمام به، في وقت تريد القاهرة وتل ابيب إخراج الخبر من التداول وإبعاد «العلاقات الوثيقة بين القاهرة وتل أبيب عن دائرة الرادار الشعبي».
أما في «يديعوت أحرنوت»، فكتب المعلق العسكري أليكس فيشمان تحت عنوان «الغرام السري يخرج إلى العلن» أن المصريين «ابتلعوا الضفدع جراء اللعبة الإسرائيلية التي أرادت تثبيت الإحساس بالتطبيع عند نشر صور نتنياهو وشكري على خلفية المباراة النهائية لليورو».
واعتبر أن الانتقادات في مصر للصورة دللت على الفجوة الهائلة بين حميمية العلاقات الرسمية الحكومية والعسكرية، والعداء المتواصل في أوساط الإعلام والشارع المصري.
وأشار فيشمان إلى أنه لا يعتقد أن شيئاً سوف يحدث قريباً، مشككاً حتى في عقد اللقاء الثلاثي بين نتنياهو وأبو مازن والسيسي بسبب اشتراطات أبو مازن التي لا يريد نتنياهو تلبيتها. وأوضح أن بين أهداف زيارة شكري إظهار أن تركيا ليست لاعباً أساساً في هذه المنطقة، وأن مصر هي العنوان. وأشار إلى الحميمية التي تحاول “إسرائيل” نتنياهو وليبرمان إظهارها في العلاقة مع مصر، لكنه تحدث عن وجود جهات تحاول تخريب ذلك. وهنا كانت الإشارة إلى خبر موقع «بلومبرغ» عن غارات سيناء.
دوكتب فيشمان أنه «حتى لو كان الخبر غير صحيح، فإنه ألحق ضرراً هائلاً بمصر و”اسرائيل”. لقد أحرج “اسرائيل”، المشبوهة كمصدر للنبأ، ووفر دافعاً آخر لداعش للانتقام منها. وإذا لم يكن هذا كافيا، فان القصة عن المس بالسيادة المصرية في سيناء، وعرض الجيش المصري كمن يحتاج الى مساعدة، يضيف الزيت الى نار المعارضة ضد الرئيس والاجواء المناهضة لـ”اسرائيل” في مصر».
من جهة أخرى، حملت عدة أحزاب عربية في “إسرائيل” على زيارة شكري واجتماعه بنتنياهو، معتبرةً أن ذلك «تحسينٌ لصورة نتنياهو». وقالت الحركة العربية و «الحزب الشيوعي الإسرائيلي» و «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة» أن العلاقات بين “إسرائيل” ودول عربية مثل مصر وتركيا ليست أمراً جيداً، وهي تخدم في تخليد الاحتلال. وقالت هذه الكتل إن «الخطوط الأساسية للحكومة، والإعلانات المتكررة من نتنياهو ووزرائه، ومن زعيم المعارضة هرتسوغ، وفي الأساس خطوات الحكومة وجيش الاحتلال والمستوطنين – كلها تشهد على أن وجهة “إسرائيل” ليست نحو إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية بجوارها».
واستغربت هذه الكتل زيارة وزير الخارجية المصري لـ”إسرائيل” مؤخراً، خصوصاً في ظل تخندق حكومة “إسرائيل” في رفضها السلام علناً، ومساعيها للقضاء على حل الدولتين وحق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره.
* السفير