لماذا نبحَثُ عن الضَّلال ونترك الظِّلال؟
نوح جلاس
ما يمُــرُّ به يمنُ الإيمان من ظروف قاسية يستحيل على أي شعب في هذا العالم أن يصمد ويصبر يَـــوْماً واحداً فما بالك إذا كان أَكْـثَـر من عامٍ على الحصار والقتل والدمار!، ولكن على ما يبدو أن هذه الفترة أَصْبَــح أَبْنَـاء الوَطَـن يعيشون أوقاتاً مريرةً وأشد وجعاً من السابق الذي كان فيه أَصْــوَات القصف والانفجارات لا تغادر أذنيه، ولكن هذه المرارة التي نتذوقها ليست بفعل العدو الذي أراد أن يُميتنا جوعاً وحصاراً؛ وليست بسبب مؤامرات العُـدْوَان وأَدَوَاته الداخلية والخارجية في خلخلة الوضع الاقْتصَادي القائم، وليست بسبب قيام الأَعْدَاء الذين استخدموا لقمة العيش كنقطة ضعف تعمل على إركاعنا واستسلامنا، وإنما هو بسببنا نحن أَصْبَــحنا نعاني ما نعانيه؛ لأننا نسينا من هو المتكفل برزق الدود التي في جوف الصخر!، ونسينا من هو رازق المخلوق الذي في ظلمات ظلمات البر والبحر!، ونسينا مَن هو الذي بيده ملكوت كُلّ شيء وهو الوحيد القادر على إطعامنا أَوْ تجويعنا حتى الموت، فأَصْبَــحنا نظُـنُّ بأن أرزاقنا ولقمتنا هي بيد تلك القوى الشيطانية، وبدلاً من أن نرجوَ العفو والصفح منه أَصْبَــحنا نرجوَ العفوَ والصفح من تلك القوى الشيطانية، وهذا ما هو واقعٌ على ضعيفَين الوعي والبصيرة، فأَصْبَــح همهم كم سيصبح سعر الدولار لو استمرت أَمريكا ونعالها في الحصار، ونسوا كم سيصبح سخط الله علينا إذا قبلنا بالحياة تحت ولايتهم وجبروتهم.
أَصْبَــحوا يخافون من أزمة المشتقات النفطية، ونسَوا أن يخشوا الأزمة الحقيقية وهي أزمة نزول البركات والرحمة من السماء (الغيث) وهذا بسبب ذنوبنا.
أَصْبَــحوا يبحثون بكل هلع وطمع في قوت يومهم، ونسوا أن يبحثوا عن ما سينجيهم في يومهم الذي كانوا يوعدون،
أَصْبَــحوا يتناقلون الشائعات التي تخدم العدو في إرْهَـاب الشعب، ونسوا تلك الحقائق التي وعد وأوعد وهدّد بها جبار السماوات والأَرْض فيما إذا خالفنا أوامرَه وقبلنا موالاةَ مَن غضب عليهم ولعنهم.
كل الكلام يطول حول هذه القضية، ولكن إنها حقيقة لا يمكن تجاهلها، ألا وهي أننا أَصْبَــحنا نرى بأننا خُلقنا لنعيش فقط في الدنيا، ولا ندرك بأن هذه الدنيا هي مجرد ممر يقودنا إما إِلَـى النعيم أَوْ إِلَـى الجحيم؛ لذلك يجبُ أن نرجعَ إِلَـى الله، ونعودَ إِلَـى هديه ونهجه، فإذا أَصْبَــحت أزمةُ ثقتنا وإيماننا بالله تتفاقم في كُلّ يوم، فإن أزمة العيش سوف تكبُر وتتضخَّمُ حتى نهلكَ، وعندها لم نعيش في الدنيا ولن نعيشَ في الآخرة.