شرعية هادي بين عمليات ’داعش’ ورعاية المملكة
شارل أبي نادر
تمُــرُّ الأزمةُ اليمنية في هذه الأَيَّــامِ بمسار مزدوج يجري بشكل متوازٍ من خلال مفاوضات مباشرة في الكويت، ومن خلال مواجهة عسكرية شرسة في الداخل اليمني بين وحدات عسكرية وحزبية وإرْهَــــابية تمثل القوى اليمنية المرتهنة والسعودية.
في موضوع المفاوضات، ما زال وفد الرياض يدور حول نفسه أسيراً لمطالبه الاساسية في بدايات الحرب على اليمن والتي تتمحور حول تسليم الجيش اليمني وأنصار الله واللجان الشعبية اسلحتهم، ولكن لمن؟ وانسحابهم من المدن الرئيسة، ولكن أيضاً إلَــى اين؟ وحول الاعتراف بشرعية هادي والتي فقدها بالأساس، قانونياً بعد أَن قدم استقالته وعملياً بعد فراره إلَــى عدن متخلياً عن مسؤولياته، ومن ثم إلَــى الرياض حاملا معه وزراء حكومته ومتخذا من أحد فنادق المدينة السعودية عاصمة له يقود منها حربه، مستعينا بوحدات عسكرية مختلفة تحالفت وتهافتت وتسابقت على تدمير اليمن وعلى قتل وتهجير ابنائه، وكل ذلك بهدف عودة هذه الشرعية الهجينة.
في الميدان، لم تغير هذه المفاوضات التي تجري في الكويت شيئا على صعيد جبهات الداخل، فطائراتُ التحالف السعودي الأميركي ما زالت تمارس قصفها التدميري القاتل على كافة مدن ونواحي اليمن، وجبهات تعز ومأرب وشبوة والبيضاء والحديدة وحضر وغيرها، كما أَن معارك الكر والفر ومحاولات الانتشار والتقدم باتجاه الداخل شمالاً والسيطرة على العاصمة صنعاء، لم تتوقف.
من ناحية اخرى، نفذت عناصر تنظيم القاعدة عمليات دموية في عدن ولحج والمكلا مستهدفة قوات هادي والوحدات الاماراتية. كما دفعت الضغوط الدولية الرياض لتأمين انتشار عناصر التنظيم الإرْهَــــابي في المحافظات الداخلية باتجاه تعز وباتجاه مأرب وذلك لمواجهة وحدات الجيش اليمني وأنصار الله واللجان الشعبية الذين ما زالوا صامدين امام جحافل وجيوش التحالف ومحاولاتهم المتكررة للسيطرة على تعز وعلى مأرب وعلى مداخل صنعاء الشمالية الشرقية في فرضة نهم، كما سهلت السعودية، ومن خلال مناورة خبيثة، إدخال عناصر من تنظيم داعش الإرْهَــــابي إلَــى الأماكن التي اخلتها مجموعات القاعدة.
عمليا، بدأ التنظيم الإرْهَــــابي المذكور بتنفيذ تمدده في المناطق الجنوبية عبر مناوراته المعروفة والتي تقوم على العمليات الإرْهَــــابية والانتحارية لإشاعة الخوف والرعب والفوضى الدموية بين المواطنين ودفعهم لمبايعته ومساندته، وقد طالت عملياته بشكل رئيسي وبطريقة منسقة ومدروسة أكثر من مركز عسكري وأمني تابع لحكومة هادي.
من هنا، يمكن تلمس هذه الازدواجية وهذا التناقض في مناورة المملكة السعودية الإجرامية والتي تمارسها في حربها الوسخة المكشوفة على اليمن، فهي تضغط على وفد الرياض للتمسك بالمطالب التعجيزية، ومن جهة أخرى تؤمن كافة الظروف الميدانية والامنية والعسكرية واللوجستية للتنظيمات الإرْهَــــابية المتمثلة بالقاعدة وبداعش للتمدد والسيطرة في مناطق انتشار وحدات حكومة هادي. ولا تتردد الرياض في مساعدة التنظيمات الإرْهَــــابية على تنفيذ عمليات دموية في اماكن تواجد الوحدات العسكرية التابعة لهادي.
وأخيراً… ربما ستبقى المملكة السعودية تمارس ضغوطها وحربها التدميرية على اليمن وعلى شعبه، وربما سيأتي يوم وترفع يدها الآثمة المجرمة وتنكفأ عن حربها المذكورة وذلك بعد أَن تقوى عليها الضغوط الداخلية والاقليمية والدولية، ولكن ما هو ثابت ومستمر وواضح، هو أَن الشعب اليمني المقاوم لن يستسلم لا في المواجهات العسكرية المصيرية، ولا في الحرب الاعلامية الرخيصة التي تشن ضده، ولا في المفاوضات التي يخوضها بمعنويات عالية مرتكزاً على ابطاله الصامدين في كافة الميادين داخل اليمن وعلى حدوده الشمالية والشمالية الغربية.
* العهد الإخباري