كل ما يجري من حولك

الحلم الصهيوني.. ودور الحكام العرب في تحقيقه

478

 صلاح محمد الشامي

 الحلمُ الصهيونيُّ بتحقيق إسرائيل (من الفرات إلَـى النيل) أَصْبَح اليوم في طَور التنفيذ، وليس بالطريقة التقليدية طبعاً، فلا ننتظر أن نرى الإدارات الحكومية في البلدان العربية الواقعة بين الفرات والنيل تصدر بطاقات هوية عليها الشعار الإسرائيلي، كما هو الحال في فلسطين، ولكن السيطرة على القرار السياسي أَصْبَحت شيئاً واقعاً، فحين تضج إسرائيل، ويصرح مسؤولوها بأن خطراً ما يهدد أمن إسرائيل، ترى أنظمة المنطقة المحيطة بإسرائيل تتبنى الدفاع عن إسرائيل، فتتحرّك بأعذار مختلفة، ولكنها تحركات حقيقية، وليست تحركات مسرحية، كتلك التي يكذب بها القادة العرب على الأمة العربية والإسْلَامية، منذ نكسة 48.

 إن الدماءَ العربية في شرايين الأمة العربية، قد تحولت صهيونية، بفعل التيار الوهابي، الذي صنعته الصهيونية، لتتفادى الدخول في مواجهة مباشرة مع العرب، فأَصْبَح الوهابيون يفتون بتكفير المجتمع المسلم، تمهيداً لقدوم آلاتهم الحربية، وأَدَوَاتهم القذرة، كداعش، التي تعكس صورة الشيطان على الإسْلَام والمسلمين، وتفعل ما تفعله كائنات خرافية أَوْ فضائية في فيلم رعب أَمريكي.

 لقد سارت كُلّ وسائل الإعْـلَام العالمية، والأنشطة التعليمية، والثقافية، والترفيهية، والاقتصادية، وفق ما رسمته سياسة الحكومة الخفية، التي تدير المنظمات الدولية، وتسيرها وفق الهدف المرسوم للسيطرة على العالم.

 فكما خرجت، منذ ثمانينيات القرن العشرين، أفلام الرعب، وأفلام الخيال العلمي الخرافي، التي تصور لك عدواً وهمياً، من الفضاء الخارجي، مثلاً، وتدعو إلَـى توحيد العالم لمواجهة هذا الخطر، وبقيادة أَمريكا – طبعاً -.. في المقابل، تحركت الوهابية، لصرف نظر الأمة عن خطر إسرائيل، الواقعة في قلب المنطقة العربية، وتحركت لتحارب تحت مظلة أَمريكا في أقصى الشمال، ما يؤكد أن هذا التيار، والنظام الذي يحميه يدار بأيدٍ صهيونية.

 في الوقت الذي انتشرت موجات الانخلاع من القيم الإنْسَانية، والانقلاب عليها، كصرعات الموضة، وأفلام الدعارة، التي لم توجه إلّا لطمس الغيرة الدينية والوطنية من صدور وعقول الأمة، تمهيداً لاستعبادها، وليس لاحتلال بلدانها فقط.

 الآن نرى الأنظمة العربية، تقمع شعوبها لتسيير السياسات الخاطئة التي ترضي إسرائيل وأَمريكا، وتدفع بشعوبها لتبني وجهاتها واعتقاداتها السياسية، والدينية، كأكبر تضليل حصل للأمة عبر التأريخ.. وكدليل لأن تلك الأنظمة العربية أَصْبَحت مستعبدة، وحرفياً، أَصْبَحت مستعبدةً بالفعل.

 يشعر المواطن العربي، والذي ما يزال كذلك، بأن من يحكمه الآن هو إسرائيل، وليست أنظمة عربية، ولا تمت إلَـى العروبة، ولا إلَـى الدين بصلة.. إذ كيف يسوغ لنفسه قائد عربي أن يكون هو وإسرائيل في خندق واحد ضد أمته، وعروبته، وقوميته، ودينه، ووطنه..

 لقد اختفت حتى تلك المسميات البراقة للأحزاب السياسية في الوطن العربي، فالقومية صارت رافداً للوهابية، ويداً من أيدي أَعْدَاء القومية في المنطقة العربية، واليساريون أَصْبَحوا يلعقون أحذية المتطرفين الوهابيين، ويسبحون بحمد القاعدة وداعش في قنواتهم، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ويفعلون أفعالهم من قتل وسحل، بطرق شيطانية، وكما تفعل داعش تماماً..

 إذاً غابت الأنظمة العربية الحقيقية والفاعلة، وأَصْبَحت تسير وفق توجيهات البيت الأبيض، فتقمع شعوبها، وتتخندق مع إسرائيل لمواجهة جيرانها، في حين غاب دور الأحزاب السياسية الفاعلة في صنع القرار السياسي، في الوقت الذي يتحرك فيه المنبر الديني لتجهيل الأمة، وتضليل الرأي العام عن الخطر الذي يتهدد الأمة، وخلق عدو وهمي للأمة، هو العدو الحقيقي لأَعْدَاء الأمة، وذلك لتسهيل مهمة إسرائيل في المنطقة..

 فهل لا نزال نكابر بالقول إن إسرائيل لا تسيطر على المنطقة؟!!.

 يكفينا وعياً الإنصات إلَـى خطاب السيد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي، الذي ألقاه بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد القائد، عليهما السلام، لنعرف أين نحن، وما موقعنا من التحركات العالمية، وما هي المسؤولية الملقاة على عواتقنا..

 إنها أكبر مسؤولية على مر التأريخ؛ لأننا نواجه أكبر مؤامرة على مر التأريخ أيضاً، وقد بدأناها بالفعل من هنا، من اليمن، بقيادة الشهيد القائد السيد حسين رضوان الله عليه، والآن بقيادة السيد القائد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه، ولنتخيل فقط الآلة الإعْـلَامية العملاقة، والحملات الشرسة، والعمل المُضني لتضليل الأمة الإسْلَامية، حتى تكونَ في صف أعدائها، ضد نفسها، من كان يتخيل أن العربي سيخون العروبة لخدمة أعدائه، أليس أكبر تضليل تواجهه الأمة عبر التأريخ، إذاً لا بد من الوعي، والرجوع إلَـى القرآن الكريم، والالتفاف حول القادة الشرفاء من أَبْنَاء الأمة، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).. فإذا كنت من المؤمنين فسيشملك الخطاب القرآني، ثم عليك بتقوى الله، وسترى حينئذٍ الحقائق، سترى الصادقين من الكاذبين، سيبصرك الله بطريق الخير لتسلكه، ستتفادى التضليل المنبري والإعْـلَامي، لمشايخ وملوك وأمراء جندوا أنفسهم وشعوبهم ومقدرات وثروات بلادهم لخدمة إسرائيل، إسرائيل التي ستدوسهم وهي تتشفى بهم، بعد أن تكون قد استنفدت خدماتهم، وسخرت بكرامتهم، و… واحتلت بلدانهم.

You might also like