إعْـلَاميو افتعال الأزمات والدفع المسبق..!
احمد ناصر الشريف
أشرنا في العدد الماضي في هذه الزاوية إلَى الانجازاتِ الكبرى التي تحقّقت على أيدي أنصار الله بالتعاون مع القوى الخيّرة والمخلصة التي غلّبت مصلحة الوطن الـيَـمَـني العليا على أية مصلحة ذاتية، ولكن مع الأسف الشديد فَإن أُولَئك الذين لا ينظرون إلَّا بعين واحدة وخَاصَّـة الإعْـلَاميون المرتبطون مباشرة بإعْـلَام العُـدْوَان لا يعترفون بها وإنما يظل تركيزهم على السلبيات حيث يجعلون منها قضية القضايا ويخدمون أَعْدَاء الـيَـمَـن في الداخل والخارج من خلالها بهدف تشويه كُلّ شيء جميل مع أنهم يعرفون جيداً أن ما تحقق للشعب الـيَـمَـني منذ قيام ثورة 21 سبتمبر الشعبية وصولاً إلَى تحقيق الدولة القوية والعادلة والقضاء نهائياً على الوصاية الخارجية قد عجز عن تحقيقه كُلّ من أتيحت لهم الفرصة للتعاقب على الحكم خلال الخمسة العقود الماضية وهو ما يجعلنا نؤكّدُ أَن الحديث عن الإعْـلَام في الـيَـمَـن الذي رهن نفسه للخارج لا نقول عنه: ذو شجون وإنما: ذو حزون وعليه نتساءل: ماذا لو أَن هذا الإعْـلَام بمختلف توجهاته السياسية والفكرية أخذ له قسطاً من الراحة والهدوء واختار أن يذهب في إجازة لمدة شهر واحد فقط يتفرغ من خلالها للتركيز على القضايا الوطنية بحيادية مطلقة بعيدا عن المناكفات وتصفية الحسابات وأسلوب الانتقام ضد هذه الجهة أو تلك.. يا ترى ماذا سيحدث؟ أكيد أولاً: سوف يخف الضغط النفسي مائة في المائة وثانياً: سنجد عشرات المستثمرين يتجهون إلَى الـيَـمَـن للاستفادة من حركة أَمْوَالهم واستثماراتهم، وثالثاً: سوف يخف استيراد الأحبار والورق بشكل كبير.. ورابعاً: سنجد الناس قريبين من بعضهم متجاوزين ما جرعتهم إياه فوضى الأزمات المفتعلة والاتجار بها وما خلفه العُـدْوَان من قتل ودمار.. وخامساً: سيذهب الخوف من النساء والأطفال والشيوخ.. وسيتفرغ الناس لأعمالهم بروح تسامحية بل وقد ينتهي العُـدْوَان على الـيَـمَـن حينما يجد الجميع قد وقفوا ضده.
لكن هذا الإعْـلَام للأسف صار أشبهَ بتجار الأكفان الذين لا يجدون عملهم رائجاً إلَّا على الفوضى والأزمات والخلافات والشقاق وتبعثر الاصطفاف الوطني وعدم الرضى بالنفس.. وكذلك أشبه بنافخ الكير.. لا عمل لديه غير وسط شقوق الفوضى والدمار؛ لأنه قائم على الشائعة وعلى استنساخ الشائعة وحبكها وتقديمها للمجتمع وللخارج.. وهي التي تجعله يقتات على آلام الناس وعلى قهرهم.. أي أنه إعْـلَام زيت على نار مشتعلة وإعْـلَاميوه يشبون الحريق كمهنة واحتراف وتوظيف بل وتكليف من قبل من لا يحبون الخير للـيَـمَـن حتى قال بعض الخبثاء أنهم إعْـلَاميو الدفع المسبق وإعْـلَاميو الأزمات واقترحوا أَن يتم تصدير مجموعة منهم إلَى بلدان أُخْــرَى تنعم بالهدوء ليحدثوا فيها حراكاً وفوضى وتدميراً للوئام الاجتماعي.. إنه إعْـلَام مثل فرقة موسيقية تعزف حسب ما يشتهيه الراقصون والراقصات.
كل هذا يحدث في بلدنا الـيَـمَـن حماها الله من كُلّ سوء حيث أَصْبَح فيها لا فرق بين القلم والعبوة الناسفة ولا أريد أَن أقول والعياذ بالله أَن بعض الإعْـلَاميين أشبه بالمفخخين اجارنا الله وإياكم مما يأكل هؤلاء ومما يقبلون به لإيغار الصدور ونشر الحرائق التي لا تنطفئ ويتاجرون بمعاناة ومتاعب البسطاء في هذا البلد المنكوب بمثل هذا الإعْـلَام المندفع والطائش.. ولو أن موسوعة غينيس كلفت نفسها وعملت حصراً للمواضيع المأزومة وصانعة الأزمات في الـيَـمَـن لكان هذا الإعْـلَام الذي تفردوا به من أجل جلد الذات وجلد الوطن قد دخل موسوعة غينيس من بوابة الإعْـلَام المأزوم لكثرة بلاويه وكثرة افتعاله للمشكلات والأزمات وتصديرها إلَى وسائل إعْـلَام خارجية للإساءة للـيَـمَـن والـيَـمَـنيين وتشويه تلك الصورة الجميلة التي عرف بها الـيَـمَـنيون على مدار تأريخهم.. كما أنه يعمل على تشويه الصورة الحقيقية التي يعيشها الـيَـمَـنيون في حياتهم في ظل المستجدات الجديدة وما حصل من تغيير أزعج البعض في الداخل والخارج فلجأوا إلَى شن حملة إعْـلَامية ظالمة سبقت شن العُـدْوَان على الـيَـمَـن ورافقته تعكس بصورة سيئة ما يحدث في الـيَـمَـن الهدف منها التخويف وتشويه صورة المولود القادم الذي يمر بحمل ثقيل ومخاض عسير ويريدون في نفس الوقت إجهاضه بعُـدْوَانهم البربري غير المسبوق.
إن الذينَ تجرّدوا تماماً من كُلّ مبادئ القيم والأَخْــلَاق الإنْسَـانية سواء أكانوا سياسيين أو إعْـلَاميين أَوْ وجاهات وهم وراء كُلّ هذه الحملات الإعْـلَامية ضد الـيَـمَـن من الداخل والخارج لا يجبُ أبداً السكوت عنهم خَاصَّـة بعد أن أَصْبَحوا معروفين للصغير والكبير، كما أن ممارستهم للفساد ونهبهم المال العام وممارسة التسلط والاستبداد لم يعد سراً ولم يكتفوا بما جمعوه من المال الحرام في العقود الماضية وما زالوا في غيهم يعمهون على حساب الضعفاء والمساكين، وتسببوا في عرقلة بناء مشروع الدولة – دولة النظام والقانون- وإنما استغلوا نفوذهم ليمارسوا المزيد من العبث وافتعال الازمات من أجل أَن يخلوا لهم الجو حتى لا تتم محاسبتهم مع انهم في واقع الأَمْــر أشد عداوة لتطور وتقدُّم الشعب الـيَـمَـني.. وإن كان أملنا كبيراً بعد أن تم كشفهم على حقيقتهم وأَصْبَحوا معروفين اليوم بالأسماء لكي تشهد المرحلة القادمة اتخاذ قرارات مهمة تضع حداً لكل الفاسدين وتقديمهم للمحاكمة أياً كان موقعهم في السلطة أَوْ المعارضة أَوْ حتى في أَوْسَـاط المواطنين العاديين الذين يستغلون الظروف كبعض التجار والانتهازيين ممن يحكمون الخناق على المواطن في ظل الحصار المفروض على الشعب الـيَـمَـني من خلال رفع الأسْعَـار واخفاء السلع الضرورية وقطع الطرقات وغير ذلك مما له صلة مباشرة بحياة المواطنين اليومية.. وهو ما يتطلب الضرب بيد من حديد.. لكن هذا لن يتأتى إلَّا إذَا سارعت الجهات المسؤولة باتخاذ اجراء عملي لن يقل في أهميته عن القتال في الجبهات وقامت بواجبها الوطني ضد هؤلاء الذين أَصْبَح الغطاء عنهم مكشوفاً بحيث يخضعون كلهم للعقاب وجعلهم عبرة لمن يفكر أَن يعمل عملهم في الحاضر والمستقبل. وإلا فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة مهما عشمنا أنفسنا بالانتقال إلَى وضع أفضل ودخول مرحلة جديدة تكفل لنا بناء دولة قوية وعادلة تعيد لنا كشعبٍ يمني ووطن الاعتبارَ.