كل ما يجري من حولك

توحيدُ الصفوف لإسْقَاط قرن الشيطان في نجد هو السبيل لإحلال السلام في المنطقة

583

نجم الدين الرفاعي

لا نريدُ وقفاً مؤقتاً لإطْـلَاق النار، ولا سلاماً منقوصاً يبقي على التدخل السعودي في شأننا الداخلي أَوْ لا يُفضي إلَى تسليم الخونة ليُحاكَموا وينالوا الجزاء العادل جراء خيانتهم للوطن، وتحرير أراضينا المحتلة في نجران وعسير وجيزان وغيرها وإعَادَة إعمار ما دمّره العُـدْوَان ومعالجة الجرحى وتعويض المتضررين وضمانات دولية بتوقف آل سعود وبقية كانتونات ممالك وإمَـارَات النفط عن دعم التطرف وجماعاته والإرْهَـاب بكل مسمياته.

 وبدون ذلك فأي حديث عن اتفاقات أَوْ تفاهمات لوقف إطْـلَاق النار مجرد إضاعة للوقت وتزيد من تعقيدِ تداعيات العُـدْوَان وآثاره.

العُـدْوَان لن يتوقف ولو كان ضرورةً خليجيه يستدعيها النزيف الحادّ لخزائنهم التي باتت تهدد بإفلاسهم؛ لأن استمرار هذا العُـدْوَان ومثلما بدأ كحاجة أَمريكو صهيونية لإشْعَال المنطقة وإغراقها بالفوضى لإضعافها بات استمرارُ هذا العبث حاجة أَمريكو صهيونيه لاستمرار مصانع آلات الموت الغربية في العمل بكامل طاقتها، وانتعاش سوق السلاح الذي يعيش أزهى مراحله مع استمرار آل سعود وآل نهيان وآل ثاني في التسابق لشراء أحدث الأسلحة وأَكْثَـرها فتكاً؛ بغية تحقيق أي مكسب في عُـدْوَانهم البربري على الـيَـمَـن والمستمر لأَكْثَـر من عام بلا أَهْـدَاف محققة.

إن استمرار الحرب باتت ضرورةً أَمريكو صهيونيه؛ لأنها ببساطة تُضعِفُ المنطقة وتستنزف خزائن الدول النفطية في شراء السلاح والصمت العالمي وتزوير الإعْـلَام وغيرها، وتزيد هذه الدول ارتماءً في حُضن الغرب بغية حمايتها خَـاصَّـة، والسحر قد انقلب على الساحر منذ أول قدم لمقاتل يمني حافي القدمين وطأ بها ما خلف الحدود باتجاه تحرير أراضينا المحتلة من آل سعود وتهاوي عصابات العُـدْوَان التي ربّاها طوال عقود لنخر الداخل الـيَـمَـني وتمزق فزّاعته داعش والقاعدة والنصرة وغيرهما من المسميات تحت ضربات معاول جند الله وبسالة وصمود الإِنْسَـان الـيَـمَـني الذي وحّده العُـدْوَان أَكْثَـرَ واستفزّه ما يحيكه قطعانُ الخليج وحِلفُهم للـيَـمَـن أرضاً وإِنْسَـاناً.

إن هذه الحرب العبثية الخاسرة ما كان يجب لها أَن تقوم لو كان حكام الخليج من ذوي العقول النيرة والفهم، وما كان يجب لها أَن تستمر إذَا ما فرضنا أَن اشتعالها كان نزوةَ طيش، خَـاصَّـة بعد الخسائر المهولة التي مني بها المعتدون وأَدَوَاتهم ولا يجب لها أَن تستمرَّ، خَـاصَّـةً بعد السيول البشرية التي خرجت في الذكرى السنوية الأوْلَـى لصمود الشعب الـيَـمَـني في وجه حلف أغنى دول العالم وأَكْثَـرها تقدماً ومكراً وخبثاً الذي جمعه المال الخليجي لقتل الشعب الـيَـمَـني وتدمير مقومات حياته واحتلال أرضه وتقاسم ثرواته الكامنة تحت ترابه والتي كانت رسائلها أَكْثَـر وضوحاً وأعلى صوتاً في الصُّـمُـوْد وعزمها مقاومة العُـدْوَان بكلما أوتيت من قوة، ولن تقبل بغير يمن حر مستقل.

لقد دُهِشَ العالم من صبر الـيَـمَـنيين وصمودهم وبسالتهم خلال عام من القصف الجوي الهستيري الذي طال كُلّ مقومات الحياة، ودهش العالم أَكْثَـر حين خرج الملايين في الذكرى السنوية الأوْلَـى للصمود في وجه العُـدْوَان وهم أَكْثَـر إصْـرَاراً على الموجهة، وأَكْثَـر إدْرَاكاً لمخططات العُـدْوَان وأَهْـدَافه، وأَكْثَـر توحداً في المضي قدُماً للذود عن وطنهم وحريتهم وكرماتهم؛ لأن هذا الخروج قد أرسل رسالةً للعالم كافة وللمعتدين على وجه الخصوص تفيد بأن الأَرْض لنا والحق معنا ولن تجبرونا بعُـدْوَانكم لننحنيَ لكم أَوْ ندعكم لتمزقو وطننا وتحتلوا أرضنا.

لقد بتنا كيمنيين على قناعة أنه لا جدوى من الحوارات ولا جدوى من المعاهدات مع ناكثي العهد وخونة العصر وبؤر الإفساد في الأَرْض وأن إسْقَاط قرن الشيطان في نجد هو السبيل الوحيد لإحلال السلام في وطننا والمنطقة بل والعالم الذي بات يعي من الذي يفرّخ فكرياً ويرعى ويمول الإرْهَـاب في العالم الذي اكتوى بنيران هذه الجماعات التي ليس داعش آخرها إن لم يتحرك الجميع لإيقاف هذه الأَنظمة السادية التي رهنت أوطانها وشعوبها وثروات الأُمَّــة خدمةً لصهيونية العالمية.

لهذا كان خروجُ السيول البشرية الهائلة في الذكرى الأوْلَـى للعُـدْوَان رسالة تأكيد أَن مخططات فرّق تسُد قد سقطت وأن أسلمة الصراع ومذهبته أَوْ منطقته قد فشل في إشْعَال حرب داخلية تقضي على جبهة المقاومة للعُـدْوَان وتمهّد السبيل لتقسيم الـيَـمَـن وتقاسم النفوذ عليه.

إن معاناتِنا كيمنيين قد طالت بسبب الاختلافات التي دأبت أدوات العُـدْوَان وعلى رأسهم آل سعود على زراعتها طوال أَكْثَـر من نصف قرن من الزمن، فهذا الاختلاف والتباين في المواقف هو الذي جعل الأَنظمة الجبانة الحاكمة في الخليج تتجرأ على القيام بمثلِ هذه المغامرة التي ليسوا أهلاً لها، وبالتالي أَصْبَـح غالبية الـيَـمَـنيين يدركون أَهميّةَ توحُّدهم ونبذ اختلافاتهم ورصّ صفوفهم لمواجهة هذا الغزو البربري وكسر قرن الشيطان في نجد؛ لينعم الجميع بالسلام بما فيهم الشعوب المغلوبة من أشقائنا في نجد والحجاز وبقية الدول المسطو عليها من أُسَرٍ لم ترعَ في وطنها ولا مواطنيها في الخليج العربي وما جاورها إلّاً ولا ذمةً.

 ولهذا فالعامُ الثاني من العُـدْوَان سيكون يمنياً خالصاً بانتصاراته وسقوط كُلّ الرهانات التي كان العُـدْوَان قد أوجدها ليحقق من خلالها مكسباً لم ولن يتمكنوا من تحقيقه بالمعارك.. ما يجعلني واثقاً من أَن الحرب لن تتوقف وأن الحوارات لن تحقق أية مكاسب، وسابقاً ما جرى من حوارات كانت تفشل ببساطة؛ لأن قوى العُـدْوَان لا تكترث بمصالح الـيَـمَـن ولا بنزيف الدم الذي ترتكبه طائراتها بحق المواطنين الآمنين في منازلهم ومزارعهم ومصانعهم وأعمالهم وطرقاتهم و… ولا يرى في جولات الحوار أَوْ اتفاقيات التهدئة إلَّا فرص ليحيك المزيد من المؤامرات.

قوى العُـدْوَان تسعى من خلال الحوارات إلَى تحقيق ما عجزت جحافلُ مرتزقته وطائراته وترسانته الحربية الفتاكة عن تحقيقه في أرض المعارك وإخْرَاج آل سعود ومن معهم من مآزق استمرار الحرب دون أَن تحقق شيئاً، وهذا ما لن يقبله المفاوضُ الـيَـمَـني الذي يمثل نبضَ الشارع ويحمل أماني وأَحْـلَامَ غالبية أَبْنَاء الوطن التواقين بالتحرُّر من وصاية آل سعود واستقلال القرار الـيَـمَـني وعودة أراضيه المحتلة، وبالتالي فكل حوار لا يُفضي إلَى ذلك غير مقبول.

ناهيك عن طبيعة النظام السعودي المتغطرس الذي سيقودُه غرورُه إلَى المُضي قُدُماً في عُـدْوَانه والهروب إلَى الأمام ربما من خلال خطوات أَكْثَـر تهوراً ستُفضي في الأخير إلَى سقوطه.

You might also like