كل ما يجري من حولك

بساتين صَـنْـعَـاء

1٬686

متابعات/ تقرير

حتى وقتٍ قريبٍ كانت بساتينُ صَـنْـعَـاءَ القديمة التي تحتفظُ البعض منها باسمها وبساطها الأخضر حتى اليوم صنعةً بديعة تجسّد حكمة الإنْسَـان الـيَـمَـني في توظيف مِـيَـاه الأَمْطَار والمِـيَـاه الرمادية النظيفة التي يتم استخدامُها في مساجد المدينة العريقة وإعَادَة استخدامها في زراعة المسطّحات الخضراء والجزر الوسطية والمقاشم والبساتين.

 إلَّا أَن صَـنْـعَـاءَ القديمة باتت اليومَ بدون مسطحات خضراء وبدون بساتين ليس بسبب جفاف آبار المِـيَـاه التي كانت تغذّي المساجد بالماء يومياً، بل لتجاهل السلطات وعدم اهتمامها بتلك المسطحات التأريخية، فالمصادرُ التأريخية تؤكد أَن البساتين أَوْ المسطحات الخضراء كانت تساوي مساجدَ المدينة وجوامعها وحتى قبل 100 عام كانت صَـنْـعَـاءُ القديمة تحتضن 48 بستاناً، ويتبع كُلّ بستان جامع، وكانت بساتين المدينة تلعب أَكْثَر من دور، فَإلَـى جانب أَن تلك البساتين جزء من موروث زراعي تقليدي لعبت أَيْضاً دوراً كبيراً في تأمين جزء من احتياجات السكان من الخضروات، حيث تخصصت تلك المقاشم بزراعة أنواع من احتياجات الإنْسَـان اليومية كالبصل والثوم والكراث والفجل، ونظراً لمواقع المقاشم فقد مثلت متنفساً جمالياً للمنازل المطلة عليها من الاتجاهات الأربعة، وبالرغم من أثرها الإيجابي من الجانبين الاجْتمَاعي والاقتصادي وكذلك البيئي لما لها من دور في تجديد الهواء النقي وامتصاص التلوث البيئي، إلَّا أنها انحسرت وبشدة خلال السنوات الماضية.

تؤكدُ ذات المصادر أَن عشرات البساتين سمّيت بأسماء القصور مثل بستان الخير التابع للقصر الملكي ودار الوصول (القصر الجمهوري حالياً) كانت تتبعه عدة بساتين تمتد مساحتها إلَـى مكان دائرة التوجيه المعنوي حَالياً وكذلك بستان دار السعادة ودار الذهب، إلَـى جانب تلك البساتين عرفت صَـنْـعَـاءُ القديمة عدة بساتين شهيرة كبستان عمر قبلي مدينة صَـنْـعَـاءَ وبستان عنقاد وبستان شارِب وبستان السلطان وبستان الطاووس وبستان القاسمي وبستان الهبل في طلحة، ورغم تعدد مسميات البساتين التي لا زالت عالقةً في ذاكرة مَن عايشوها، إلَّا أن 85% من مساحاتها تحوّلت إلَـى مبان نتيجة الازدحام السكاني الشديد الذي تعانيه صَـنْـعَـاءَ القديمة.

المؤسف في الأمر أَن المِـيَـاه لم تنقطع عن مساجد صَـنْـعَـاءَ القديمة إلَّا أَن البساتين اندثرت، فدراسةٌ حديثةٌ أشارت إلَـى أهمية تجميع مياه الوضوء الخارجة من المساجد (المياه الرمادية) وإعَادَة استخدامها في زراعة المسطحات الخضراء والجُزُر الوسطية وقدرت الدراسة المياه الرمادية الخارجة من مساجد صَـنْـعَـاءَ بـ240000 متر مكعب شَهْرياً والتي يمكن أن ترويَ 34 هكتاراً.

You might also like